ملفات وتقارير

ردود فعل متباينة على دعوات تدريس الجنس بالمدارس المصرية

مطالب تدريس الجنس في المدارس تكررت أكثر من مرة بوسائل الإعلام المصرية- جيتي

شهدت الساحة المصرية بالفترة الأخيرة مطالبات بتدريس الجنس في المدارس وتكررت هذه الدعوات أكثر من مرة، سواء من أشخاص أو برامج ببعض القنوات، ومن بين هؤلاء وأحدثهم الكاتب الصحفي المعروف مفيد فوزي، الذي طالب بتدريس الجنس بالمدارس، معتبرا ذلك مفيدا للطلاب وشكلا من أشكال التنوير.


وظهر فوزي بأحد البرامج رابطا بين ذلك وبين اختفاء الفضائح في حال التدريس، وأن هذا الأمر قاد أوروبا إلى التنوير.


ولم تكن دعوة فوزي هي الوحيدة، ولكن سبقتها دعوات أخرى من خلال إعلاميات ببعض البرامج التي تبثها فضائيات تتبنى رؤى انفتاحية ومن بين هؤلاء الإعلامية ريهام سعيد، مبررة ذلك بضرورة تعريف الأطفال الصغار معنى كلمة جنس، وسبقتها في ذلك الممثلة انتصار التي دعت  عبر قناة "القاهرة والناس" الشباب لمشاهدة أفلام إباحية، طالما لا يستطيعون الزواج بسبب تكاليفه.


وفي المقابل، تصدت لجنة التعليم بمجلس النواب لمثل هذه الدعوات، واعتبرتها دعوة غير موفقة لأنها تفتح أذهان الشباب وتحرضهم على عدم الالتزام بالأخلاق والفضيلة، وقالت إن هذه البرامج تتعامل مع الأمر في إطار إعلامي لجذب المشاهدين، وإثارة ضجة إعلامية ومزيد من المشاهدة، وليس في إطار علمي تربوي باستضافة خبراء تربية ورجال دين.


وفي تعليقه على هذا الأمر، يقول سعيد يوسف العميد السابق لكلية التربية بالفيوم في حديث خاص لـ "عربي21"، إن مثل هذه الدعوات التي تأتي عبر وسائل الإعلام، لا يعول عليها كثيرا لأنها لا تنبع من منهج، ولكنها دعوات دعائية وتنفلت من المعايير المتبعة، مشيرا إلى أن الأخطر من ذلك تسرب هذه الدعوات في سياقات أفلام ودراما فيها إسقاطات جنسية، وتدريجيا تتسرب للثقافة والذهنية المصرية بعيدا عن المعايير الأخلاقية انطلاقا من حرية زائفة.

 

اقرأ أيضا: تقرير حكومي: دراما المخابرات المصرية الأكثر "ابتذالا" برمضان

وحول المعايير التي يجب اتباعها في تدريس المناهج المتعلقة بالثقافة الجنسية، يشير يوسف إلى عدة معايير تنطلق من محددات أولية للمجتمع من جوانب دينية وأعراف مجتمعية، خاصة أن علاقة الذكر بالأنثي أو العكس تطرقت لها الشرائع السماوية، وأضاف: "إذا راعينا مثل هذه المعايير بالتأكيد سوف نحمي أبناءنا من الانزلاق في مسالك أخلاقية، تنادي بها الحضارة الغربية التي لا تعترف بالقيم الدينية".


ويختتم عميد كلية التربية السابق كلامه بالقول: "هناك فارق بين تدريس الممارسات الجنسية نفسها ودراسة أعضاء جسم الإنسان وأجهزته بشكل عام ومنها الجهاز التناسلي، لمعرفة أهمية أجزاء الإنسان والاهتمام بها والحفاظ عليها كما هو الحال في باقي الأجهزة الأخرى، ولكن في عالمنا العربي لا نهتم سوى بأجهزة معينة وهذا مرفوض، لأنه لابد من معرفة الطالب لطبيعة جسمه وأجزائه المختلفة والتعرف عليها بشكل علمي، وتحت بصر وسمع أجهزة وإشراف يقود إلى التوجيه السليم".


أما  مدير مركز الحق في التعليم عبد الحفيظ طايل فيقول لـ "عربي21"، إن هناك ضرورة للاهتمام "بالثقافة الجنسية وما يرتبط بجسم الإنسان بشكل عام، ولابد أن يعرف الإنسان أجزاء جسمه جيدا وخاصة أننا ندرس التكاثر في الكائنات الأخرى من حيوان ونبات، ونتحرج من تدريسها فيما يخص الإنسان، رغم أن هذا شيء مطلوب ومهم خاصة للطلاب في سن معين، حتى لا يقعوا ضحية ثقافات إباحية خارج نطاق التوجيه والرقابة".


وحول من يقوم بهذه المهمة، أكد طايل أن هذا الأمر "يترك لأساتذة التربية والمتخصصين في وضع المناهج، لأنهم الأجدر بتحديد محددات هذه المناهج وما يناسب الأجيال في المراحل التعليمية المختلفة، مؤكدا أن هناك فارقا كبيرا بين دراسة الجنس والثقافة الجنسية، فالأخيرة هي ما يجب أن تدرس ويهتم بها لتوعية أبنائنا بأجزاء أجسامهم للاهتمام بها والمحافظة عليها".


من جانبه يرى فتحي غزالي الخبير التربوي في حديث لـ "عربي21"، أن مثل هذه الدعوات تأتي مشكلتها في أنها تطلق في إطار عشوائي وغير منضبط، خاصة من جانب قنوات وأشخاص يكون كل هدفهم توصيل ما يريدون للمتلقي دون الاهتمام بجزئية غاية في الأهمية، وتتمثل في أن هناك أعمارا مختلفة وفي سن حرجة، تشاهد وتتابع مثل هذه البرامج التي تبث هذه الدعوات دون انضباط، الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة لأن الشاب في هذه السن الحرجة يجد مبررا لتصرفات غير أخلاقية، وربما إباحية ويرفضها المجتمع وثقافته ومعاييره الأخلاقية.

 

اقرأ أيضا: "كود أخلاقي".. سلاح لتجميل وجه عسكر مصر بدراما رمضان
 

ويطالب غزالي بضرورة وضع رقابة على مثل هذه البرامج ووضع ميثاق لها وقال: "على من يشاركون فيها من إعلاميين أن يلتزموا بعادات وأعراف المجتمع وثقافته وتراثه الديني والأخلاق".


وفي المقابل أضاف "أن تدريس مثل هذه المناهج المتعلقة بالثقافة الجنسية يمكن التعامل معها وتدريسها، ولكن بمحددات ومعايير دينية واجتماعية يتم مراعاتها عند وضع المناهج، وتكون دائما ذات مضمون إيجابي وبه وعي يعكس قيما أخلاقية بحيث تأتي المعلومة في سياق أخلاقي، وفي الوقت نفسه تلامس مثل هذه الأمور وتتعامل معها ولا تتنكر لها".