صحافة دولية

وول ستريت: كيف دخلت السعودية الغنية بالنفط سوق الغاز؟

وول ستريت: السعودية الغنية بالنفط تدخل تجارة الغاز وحاولت السيطرة على غاز قطر- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من سارة مكفارلين وسمر سعيد ومايك آمون، يقولون فيه إن صفقة السعودية لشراء الغاز الطبيعي الأمريكي هي جزء من خطة عشرية قيمتها 160 مليار دولار لبناء منشآتها الغازية، في وقت أصبح فيه الطلب على الطاقة الجديدة في المملكة أكثر بكثير من طاقة إنتاجها.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السعودية تتوقع أن تصبح إمبراطورية غاز طبيعي، ستوفر الوقود للمدن المستقبلية، وتساعد على تطوير الصناعات المحلية في مجال التصنيع والتعدين والتكنولوجيا.

 

ويلفت الكتّاب إلى أن المملكة تنتج ما يكفي من النفط الخام الآن لتلبية الطلب على الكهرباء، مشيرين إلى أن القيادة السعودية تحاول أن تخفف من استخدام النفط في توليد الكهرباء؛ لأن ذلك يقلل من الكمية التي تصدر، والتي تعود بالدخل الرئيسي على البلد.

 

ونشرت "وول ستريت جورنال" تقريرا يوم الثلاثاء حول صفقة السعودية لشراء الغاز الطبيعي المسال من شركة "سيمبرا إنيرجي"، التي أعلن عنها يوم الأربعاء، وتعد هذه هي الخطوة الأولى في هذا المجال -بيع وشراء الغاز الطبيعي المسال- الذي تخلفت فيه لفترة طويلة خلف المنافسين، مثل قطر وحديثا أمريكا. 

ويفيد التقرير بأن الاتفاقية، التي تمتد لعشرين عاما، هي بين شركة النفط السعودية، المعروفة بـ"أرامكو"، لشراء 5 ملايين طن من الغاز المسال سنويا من شركة "سيمبرا"، من مشروعها في ميناء "بورت آثر" في تكساس الذي هو قيد الإنشاء، مشيرا إلى أن هذه الصفقة تعد أكبر صفقات الغاز المسال التي تعقد على الإطلاق، وأكبرها من حيث الحجم منذ عام 2013، بحسب شركة الاستشارات في المملكة المتحدة "وود ماكينزي".

 

ويقول الكتّاب إن هذا الترتيب هو الأكثر صلابة في سلسلة من الخطط السعودية لإنتاج الغاز والاتجار فيه عالميا، لافتين إلى أن "أرامكو" أطلقت في شمال السعودية ما أسماه بعض المحللين أصغر مشروع لها، لكنه أحد أهم المشروعات، فبدأت "أرامكو" بإنتاج الغاز الطبيعي حول مدينة الطريف، من خلال استخدام تكسير الصخور (فراكينغ)، وهو الأسلوب الذي قاد إلى ازدهار إنتاج الغاز في أمريكا، لكن قليلا ما استخدم في السعودية. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الغاز المنتج يستخدم لإمداد منشأة تعدين بالطاقة، وهو ما يعطي إشارة عن كيف يمكن للغاز أن يمد الصناعات الجديدة بالطاقة في المستقبل، مشيرة إلى أن "أرامكو" زادت من جهودها في إنتاج الغاز الطبيعي في حقول النفط الكبيرة في المنطقة الشرقية، وبدأت بإجراء قياسات اهتزازية في أجزاء من البحر الأحمر، حيث يعتقد البعض أن يكون هناك مخزون غاز طبيعي. 

 

وينقل التقرير عن المحلل لدى "وود ماكينزي" ستيوات ويليامز، الذي درس مشروع الغاز السعودي، قوله: "الغاز هو قطاع يعملون على تنميته بشكل كبير.. إنهم يحاولون الحصول على كل جزء يمكنهم الحصول عليه".

 

ويذكر الكتّاب أن "أرامكو" والمسؤولين السعوديين لم يستجيبوا لطلب التعليق، فيما قال المدير العام لـ"أرامكو"، أمين ناصر: "نرى فرصا مهمة في هذه السوق، وسنستمر في السعي خلف شراكات استراتيجية، تساعدنا على سد الحاجة المتنامية العالمية للغاز الطبيعي المسال".

 

وتقول الصحيفة إن "طموحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، هي التي تدفع باتجاه قطاع الغاز، وفي خطته الاقتصادية، المسماة السعودية رؤية 2030، يدعو الأمير محمد إلى بناء عدة مدن جديدة حول صناعات جديدة، بما في ذلك مدينة نيوم، وهي مدينة كبيرة يتوقع أن تكلف 500 مليار دولار، وبحسب الخطة يجب أن تصبح السعودية مصدرة للغاز مع حلول عام 2030".

 

ويورد التقرير نقلا عن شركة الاستثمار "جدوى إنفيسمنت" في الرياض، قولها إن الطلب على الكهرباء في السعودية سيتضاعف مع حلول عام 2030؛ بسبب التطوير الاقتصادي، لافتا إلى أن "أرامكو" قالت في كتاب الشركة الأول للسندات بأن الطلب على الغاز في السعودية سينمو بنسبة 40% مع حلول 2030، وقد يصل قريبا إلى حد إنتاج الشركة. 

 

ويجد الكتّاب أن الصفقة مع شركة "سيمبرا" تعطي السعوديين جرعة من الغاز دون أن يضطروا لإيجاد مصادر جديدة للإنتاج، فمخزون السعودية من الغاز مكلف الاستخراج، مقارنة مع المنتجين الكبار مثل روسيا، مشيرين إلى أن المسؤولين السعوديين دأبوا على معاملة الغاز على أنه مادة أقل ربحا من النفط، بالرغم من امتلاك السعودية لمخزون غازي يقدر بأنه رابع أكبر احتياطي في العالم.

 

وتذكر الصحيفة أن السعوديين أجروا مناقشات واسعة النطاق مع منتجي الغاز الآخرين، مرجحة أن يتم التوصل إلى صفقات غاز أخرى قريبا.

 

وينقل التقرير عن رئيس قسم المعلومات التجارية في شركة الاستشارات "بوتين أند بارتنرز" في نيويورك،

جيسون فير، قوله: "هذه الصفقة تدخل السعودية السوق.. ومجرد دخول أحد السوق هو مكسب بحد ذاته".

 

ويفيد الكتّاب بأن السعودية قد تطلعت في الماضي لتكثيف نشاطها في مجال الغاز في الماضي، ورسمت في عام 2017 خطة عسكرية للاستيلاء على أكبر حقل قطري للغاز الطبيعي لتغطية احتياجاتها المتزايدة من الغاز، كجزء من مخطط غزو لتسوية الخلاف الحدودي بين البلدين، بحسب مسؤولين أمريكيين وسعوديين وقطريين غير مسموح لهم بالحديث علنا عن الموضوع، و"لو سيطرت السعودية على غاز قطر لأصبحت بين ليلة وضحاها ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن المسؤولين الأمريكيين أقنعوا السعوديين بأن الغزو سيشكل انتهاكا كبيرا للنظام العالمي، بحسب ما قال المسؤولون، مشيرة إلى أن السعودية قامت بدلا من ذلك مع عدد من حلفائها بفرض حصار اقتصادي على قطر.

 

ويشير التقرير إلى أنه في وقت سابق، كان هناك ما يسمى المبادرة السعودية للغاز في تسعينيات القرن الماضي، لكن صفقات مع الشركات الغربية لتطوير الغاز المحلي في السعودية لم تتحقق، وتم التخلي عن ذلك البرنامج في النهاية.

 

ويقول الكتّاب إن "الخبراء يتشككون في أنه يمكن للسعودية أن تكون مصدرا ناجحا للغاز، حيث أصبحت المنافسة عالية جدا في مجال تصدير الغاز، وتراجعت الأرباح مع دخول الإنتاج الأمريكي والأسترالي على الخط، حتى أن اللاعبين الكبار، مثل قطر، اضطروا للتأقلم، وأن يصبحوا أكثر مرونة في عقود الإمداد لزبائنهم". 

 

وتلفت الصحيفة إلى قول المدير العام لـ"أرامكو"، أمين ناصر في الماضي، إنه يخطط لسد الحاجة المحلية من الغاز قبل التصدير، مشيرة إلى أن استهلاك السعودية للغاز ارتفع بنسبة 60% من عام 2007 إلى 2017، بحسب إحصائيات "بريتش بتروليوم"، مع بناء المملكة للمزيد من محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز.

 

ويذهب التقرير إلى أن للغاز حظوظا أكبر من النفط مستقبلا، حيت تسعى الحكومات في أنحاء العالم للانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة، وفي الوقت ذاته، فإنه يتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز إلى حوالي 50% بين اليوم وعام 2040، بحسب شركة "بريتش بتروليوم".

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول الزميل الباحث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ثيري بروز، بأن مراهنة "أرامكو" على الغاز شبيهة بالقرار الاستراتيجي الذي قامت به كل من "بريتش بتروليوم" و"شيل" و"توتال" بالتركيز على الغاز.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)