سياسة عربية

عقوبات جماعية لمن يقدم مساعدات لأسر المعتقلين بمصر

معتقلين

رصد حقوقيون وقانونيون مصريون، تزايدا في عمليات الاعتقال التي تطال المهتمين بالجانب الإنساني والإجتماعي والمالي، لدعم أسر المعتقلين والشهداء بمصر، حيث شهدت الأشهر الماضية اعتقال رجال وشباب ونساء من مختلف المحافظات المصرية، بحجة جمع تبرعات لدعم أسر المعتقلين.

ووفقا لمراقبين تحدثوا لـ"عربي21" فإن القضية المتهم فيها، ابنة نائب المرشد العام للإخوان المسلمين عائشة خيرت الشاطر، ومعها عدد من الناشطات الحقوقيات، تأتي في مقدمة هذه القضايا، بالإضافة لاعتقال عدد من السيدات خلال الأيام الماضية، بسبب تقديمهن دعما لأسر المعتقلين السياسيين بمناسبة شهر رمضان.

واكد المراقبون أن تهم الانضمام لجماعة تدعو للإرهاب، أو غيرها من الاتهامات، تكون في الغالب للتغطية على السبب الحقيقي وراء هذا النوع من الاعتقال، خاصة وأن التحقيقات التي تجري مع المعتقلين بمقار الأمن الوطني، ترتكز على مصادر التمويل والدعم، وسبب الوقوف بجانب أسر المعتقلين.

 

إقرأ أيضا: الإفراج عن 5 معتقلين سياسيين بارزين في مصر

وأشار الخبراء إلى أن المعتقلين داخل السجون وأسرهم خارج السجون، يتعرضون لسياسات قمعية، تتمثل في وقف رواتب المعتقلين الموظفين، وفصل عدد من ذويهم من أعمالهم، وتضييق الخناق عليهم في أماكن عملهم، فيما يشبه سياسة العقاب الجماعي للمعتقل وأسرته.

وفي حديث لـ "عربي21" أكدت "أم أسامة" زوجة أحد المعتقلين من محافظة الجيزة منذ 2015، أن اثنين من السيدات اللاتي كن يقمن بإيصال المساعدات لها، ولغيرها من أسر المعتقلين، تم اعتقالهما، كما أن عددا آخر من الذين كانوا يقومون بهذا الدور، اضطروا للهروب من مصر نتيجة الملاحقات الأمنية التي تعرضوا لها.

وأشارت "أم أسامة" إلى أنها وأسرتها تعرضوا لمضايقات بعد اعتقال زوجها، تمثلت في فصل ابنها الأكبر من عمله، لأن والده معتقل، كما تم ملاحقة زوج ابنتها، ما جعلهم ينتقلون من مدينة لأخرى، وهو ما كان له تأثير سلبي على أحفادها الصغار، الذين لم يستقروا طوال هذه السنوات في مدرسة واحدة.

وأضافت قائلة: "زوجي تم اعتقاله ظلما، وحكمت ضده المحكمة بالمؤبد 25 عاما، والشركة التي كان شريكا فيها تم تصفيتها بعد مداهمتها أكثر من مرة، ما جعل أوضاعنا المادية سيئة، وكان يعوضها الدعم الذي كان يصل إلينا من المتعاطفين معنا، ولكن الموضوع تغير كثيرا في الفترة الماضية، بعد المضايقات الأمنية التي يتعرض لها الجميع، سواء المعتقلون وأسرهم أو من يقوم بدعمهم".

ملاحقات وتضييقات

وفي رصده لهذه النوعية من القضايا توصل الباحث والناشط الحقوقي أسامة عاصي، إلى أن كثيرا من حالات الاعتقال التي جرت مؤخرا لسيدات وشابات ليس لهن علاقة بأي نشاط سياسي، كانت بسبب مساعدة أسر المعتقلين والشهداء ماديا واجتماعيا.


وأكد عاصي في حديثه لـ"عربي21" أن هناك الكثير من الشخصيات العادية في المجتمع المصري تستغل المناسبات مثل شهر رمضان، في تقديم الدعم لأسر المعتقلين، في إطار التكافل الاجتماعي، ولكنهم يتعرضون لمضايقات أمنية تصل لحد الاعتقال كما جرى مؤخرا لسيدات في مناطق مدينة نصر ومصر الجديدة والقاهرة الجديدة، بمحافظة القاهرة، وآخريات في محافظات الشرقية والإسكندرية ودمياط.

وأضاف قائلا: "إن طول فترة الاعتقال، وكثرة عدد المعتقلين، والتضييق الاقتصادي الذي تمثل في قرارات التحفظ على الأموال ومصادرة الشركات والأرصدة بالبنوك وغيرها، والرقابة الأمنية على التبرعات، والجمعيات الأهلية، كل هذا يمثل معاناة على أسر المعتقلين، الذين يتعرضون لضغوط اقتصادية شديدة، تجعل معظمهم في حاجة مستمرة للدعم".

 

إقرأ أيضا: الإخوان: النهج الدموي لن يحقق استقرارا لسلطة الانقلاب

وتحفظ عاصي عن الكشف عن أسماء من تم اعتقالهم في الفترة الأخيرة بسبب دعم أسر المعتقلين والشهداء، موضحا أن إعلان أسمائهم سوف يدخلهم في قضايا أخري مثل التمويل وتلقي أموال من الخارج، والعمل على قلب نظام الحكم، وغيرها من الاتهامات التي يتوسع نظام الانقلاب العسكري في توجيهها لمعارضيه، ثم تحويلهم لقضايا يمكن أن تصل الأحكام فيها للمؤبد.

عقاب جماعي

وأكد الباحث الاجتماعي عبد الله إبراهيم، المهتم بدعم أسر المعتقلين والشهداء لـ "عربي21" أن شهر رمضان كان يمثل فرصة جيدة لدعم أسر المعتقلين، نتيجة حرص كثير من المصريين على توجيه زكاتهم لدعم هذه الأسر، ولكن رمضان هذا العام، شهد تراجعا ملحوظا، نتيجة التضييق الأمني المستمر واعتقال عدد كبير من الذين كانوا يقومون بهذا الدور.

وأوضح إبراهيم أن النظام الحاكم يعتمد على سياسة العقاب الجماعي للمعتقل وأسرته، فهو لا يكتفي فقط بفصله من عمله ووقف راتبه، وربما غلق شركته، أو مكان عمله، والتحفظ على أمواله، وإنما أيضا في الضغط على أسرته خارج السجن، وتضييق الخناق عليها، ومحاولة نبذها من المجتمع.

وأشار الباحث الاجتماعي إلى أن كثيرا من المواطنين لا يستجيبون لهذه السياسة، ولكن في النهاية الخوف من الملاحقة الأمنية والتعرض للاعتقال، يدفع البعض للعمل بمبدأ السلامة، بصرف النظر عن الحالة التي يتعرض لها المعتقلون وأسرهم.