صحافة دولية

تصعيد غير مسبوق ضد "غريفيث" يقوده مسؤولون يمنيون

غريفيث ناشد في كلمته للاجتماع الذي عقده مجلس الأمن أعضاء المجلس ب"الترحيب بانسحاب جماعة الحوثيين- جيتي

يواجه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، تصعيدا غير مسبوق، يقوده مسؤولون في الحكومة اليمنية، حيث صعدوا لهجتهم الحادة ضده، بعد أيام من إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي بشأن انسحاب جماعة الحوثيين من 3 موانئ على البحر الأحمر.

وتسلم الدبلوماسي البريطاني، غريفيث، مهامه كمبعوث أممي إلى اليمن، مطلع العام 2018، خلفا للسابق، إسماعيل ولد الشيخ، الذي أعلن استقالته من هذه المهمة.

مواقف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخيرة، من إعلان جماعة الحوثي إعادة الانتشار المسلح في 3 موانئ تابعة لمدينة الحديدة (غربا)، واعتبار ذلك "إنجازا"، ربما أخرجت الحكومة اليمنية من دائرة "غض الطرف"عن أداء "غريفيث" خلال فترة عمله منذ عام، بعدما تحفظت كثيرا عن إبداء مواقف قوية إزائها، وفقا لمراقبين.

كما أن تصعيد حكومة هادي، فتح الباب واسعا أمام تكهنات وتساؤلات تثير بشأن مآلات هذا الاحتقان مع الأمم المتحدة، بعد اعتبار مبعوثها "غير نزيه".

وكان غريفيث قد ناشد في كلمته للاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الأربعاء، أعضاء المجلس بـ"الترحيب بانسحاب جماعة الحوثيين، بداية الأسبوع الجاري، من موانئ الحديدة غربي اليمن".

كما طالبهم بإصدار دعوة لطرفي النزاع وحثهما على "العمل العاجل مع رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال مايكل لوليسغارد".

 

اقرا أيضا :  رغم انسحابه من الحديدة.. الحوثي يرسل تعزيزات كبيرة لجنوبها


وحذر المسؤول الأممي: "هناك بوادر حرب، وما من شيء ينبغي أن يقضي على ترحيبنا بإعادة انتشار قوات جماعة أنصارالله". في إشارة للحوثيين.

كما حث طرفي النزاع اليمني على "التعاون مع رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار، كما أطلب منكم التحرك العاجل لدعم التوصل إلى حل سياسي".

لم يعد نزيها


المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي قال إن غريفيث لم يعد نزيها ولا محايدا في أداء المهمة الموكلة إليه وفقا للقرارات الدولية.

وأضاف بادي في تصريحات صحفية، أعقبت إحاطة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن الأخيرة لمجلس الأمن أن غريفيث انحرف عن مسار المهمة الموكلة إليه.

وبحسب ناطق الحكومة فإنه لم يعد يعمل على تطبيق قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، ومن الواضح أنه انحرف بمسار مهمته الموكلة إليه في اليمن.

فرص ضائعة


من جهته، رأى الكاتب والباحث السياسي اليمني، فهد سلطان أن المجتمع الدولي أعطى الشرعية اليمنية أكثر من فرصة وأضاعتها، وفي كل مرة فشلت في ممارسة ضغوط حقيقية على المليشيات وعلى المبعوثين الدوليين.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21": باعتقادي أن تغيير المبعوث الأممي لن يغير من الواقع شيء، كون المجتمع الدولي له مصالح وهو يبحث عن جهة تلبي تلك المطالب.

وتابع حديثه: بعيدا عن الجدل من المهم أن ننظر للأمور من زاوية موضوعية بحيث نقترب من المشكلات ويسهل تحديد مكامنها وأساليب الحل.

وبحسب سلطان فإن المجتمع الدولي له مصالح مع الوضع القائم، وإذا تنازل الحوثيون قليلا فسوف يتم التعامل معهم مباشرة. مشيرا إلى أن هناك تجارب في التاريخ كثيرة وخاصة عندما تمسك بريطانيا بملفات الدول.

وأكد الباحث اليمني أن الأمم المتحدة هي وسيط كما قال جمال بن عمر صراحة، والشرعية تريد منه أن يحقق كل شيء وهذا غير وارد.

 

موضحا أن القيادة الشرعية باليمن لم تعد تملك قرارها بشكل مستقل، وهو الأمر الذي جعل الهشاشة والضعف ينتابها في كل اتجاه.

وذكر الكاتب سلطان أنه عندما تفرض أمرا واقعا وتجعل الخيار العسكري هو الخيار الأول، والسلام هو لفرض أجندتها وأجندة الشعب اليمني؛ يمكن بعد ذلك أن تتغير الضغوط الدولية وحتى المجتمع الدولي.

ولفت إلى أن الحكومة الشرعية تمارس دورا فوق العمر الافتراضي لها، فيما المجتمع الدولي يبحث عن حل لتصفيتها وإحلال الحوثي في جزء، والشرعيات التي تنشأ على الأرض.

ولم يكن راجح بادي المسؤول الحكومي الوحيد الذي هاجم المبعوث الدولي، ففي يوم السبت، هاجم عضو الوفد الحكومي المفاوض، العميد، عسكر زعيل المبعوث الأممي بشدة.

تجاوز حدوده


وقال في تغريدة عبر "تويتر" إن مارتن غريفيث لم يعد وسيطا نزيها، وزاد زعيل عن ذلك بالقول: لقد تجاوز حدوده أكثر من اللازم. متهما "غريفيث" بأنه يعمل بشكل مخالف لمهامه كمبعوث.

إيقاف التعامل معه


وتوالت الأصوات من داخل الحكومة بعدم الاكتفاء بالتصعيد إعلاميا ضد مبعوث الأمم المتحدة، بل دعت إلى وقف التعامل معه وطلب تغييره.

السياسي اليمني، محمد الصبري الذي يعمل مستشار لرئيس الوزراء، دعا الحكومة إلى وقف التعامل مع "غريفيث" الذي يشرف على مهزلة ويدير العبث بالملف اليمني.

وقال: التصعيد الإعلامي ضد غريفيث لا يكفي؛ وعلى الحكومة أن تنتقل إلى الجانب العملي وترفض التعامل مع المبعوث الأممي أو استقباله. وفقا لما نقل عنه موقع "المصدر أونلاين" اليمني.

وحث الصبري على توجيه مذكرة للأمم المتحدة للمطالبة بتغييره، كون موقفه قد خرج عن الحياد والمهنية وأصبح جزءاً من لعبة خطرة يراد من خلالها نقل القضية اليمنية إلى دوامة أخطر من سابقاتها.

 

اقرا أيضا :  أنباء عن اعتراض صواريخ للحوثي بجدة والطائف.. والجماعة تعلق


ووفق مستشار رئيس الوزراء اليمني فإنه منذ فترة ونحن نراقب ما وصفها "لعبة غريفيث"، مؤكدا أن  مواقفه الأخيرة المتمالئة مع مليشيات الحوثيين وإحاطته لمجلس الأمن عن اللعبة التي تم إدارتها في مدينة الحديدة كشفت بشكل كامل عن السوء الذي يمثله الرجل.

وأشار إلى أنه في الأصل هو معني بتنفيذ قرار مجلس الأمن، فإذا به يدخل في ممارسات لا تتفق مع وظيفته الدبلوماسية والدولية؛ ولا مع قرارات الأمم المتحدة.، وتسائل: كيف للحكومة أن تتعامل مع مبعوث لا يحترم مهمته؟

كذاب دولي


ويوم الجمعة الماضية، وصف عضو في الفريق الحكومي بلجنة إعادة الإنتشار في مدينة الحديدة الساحلية، المبعوث الأممي إلى اليمن بـ"الكذاب الدولي".

وقال اللواء الركن محمد مصلح عيضة، نائب رئيس جهاز الأمن القومي (المخابرات)، وعضو الفريق الحكومي بالحديدة إنه مضمون إحاطة مارتن غريفيث لمجلس الأمن، يوم الأربعاء الماضي، كان مفاجئا.

وتابع في منشور بموقع "فيسبوك" أمس الأول: "ما سرده "غريفيث" كانت عبارة عن أكاذيب عن انسحاب المليشيات من موانئ الحديدة الثلاثة".

وأضاف اللواء عيضة أنه سأل نفسه هل يتحدث الرجل عن اليمن وعن لجنة إعادة الانتشار التي أنا أحد أعضائها أم أن ذلك يتعلق بلجنة أخرى في بلد آخر.

وخاطب المبعوث الدولي قائلا: سعادة الكذاب الدولي إلى اليمن..ماذا بعد؟ وفق تساؤله.

وكانت الحكومة اليمنية، قد اعتبرت أن انسحاب الحوثيين من 3 موانئ في الحديدة "الصليف ورأس عيسى وثالث يحمل اسم المدينة ذاته" بشكل أحادي دون أي رقابة أو تحقق مشترك بأنه "مسرحية هزلية وتحايل على تنفيذ اتفاق ستوكهولم، فضلا عن كونه يعري المنظمة الدولية".

وفي أعقاب إعلان الحوثيين قبل أكثر من أسبوع، رحبت الأمم المتحدة بما وصفته "عرض الحوثيين إعادة الانتشار أحاديا من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، الاستراتيجية الواقعة في محافظة الحديدة على البحر الأحمر".