ملفات وتقارير

السيسي يقود حراكا أفريقيا بشأن السودان.. ما الدلالة؟

علق السيسي على استيلاء الجيش السوداني على السلطة بقوله إن بلاده "تدعم خيار الشعب هناك"- جيتي

تشهد مصر حراكا أفريقيا وأمنيا موسعا بشأن السودان، حيث استقبل رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بالقاهرة، رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق أول أبوبكر دمبلاب، الاثنين، إلى جانب قمة أفريقية مصغرة، الثلاثاء.

ويتبع زيارة المسؤول الأمني السوداني للقاهرة، التي حضرها رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، استضافة السيسي، بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي، قمة تشاورية مع رؤساء تشاد وجيبوتي ورواندا والكونغو والصومال وجنوب أفريقيا، وحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه، وبعض المنظمات الأفريقية.

مراقبون أكدوا أن السيسي يسعى لدى الاتحاد الأفريقي لإمهال المجلس العسكري السوداني، خاصة بعد تهديد الاتحاد بتعليق عضوية الخرطوم، إذا لم تسلم السلطة للمدنيين خلال 15 يوما.

ومنذ عزل الجيش الرئيس السوداني عمر البشير، في 11 نيسان/ أبريل الماضي، إثر احتجاجات شعبية ما زالت مستمرة حتى اليوم، توالت لقاءات السيسي ومسؤولين مصريين مع قيادات المجلس العسكري بالسودان.

وفي 15 نيسان/ أبريل الماضي، علق السيسي على استيلاء الجيش السوداني على السلطة، بقوله إن بلاده "تدعم خيار الشعب هناك"، فيما اتصل برئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، عبدالفتاح البرهان، في اليوم التالي، ليؤكد دعمه له.

وفي الوقت الذي اجتمع فيه عضو المجلس السوداني، عمر زين العابدين، بسفير القاهرة بالسودان، حسام عيسى، التقى البرهان مع أيمن بديع، المبعوث الخاص للسيسي، في 18 نيسان/ أبريل الماضي، وقالت حينها وكالة أنباء السودان إن السيسي يعتزم زيارة السودان.

 

اقرأ أيضا: رئيس مخابرات السودان ينقل رسالة من البرهان إلى السيسي


هل تنجح مساعي السيسي؟


وفي تعليقه، حدد مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبدالله الأشعل، هدفين رئيسيين خلف لقاء السيسي ورئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وعقد قمته التشاورية مع قادة أفارقة في إطار الاتحاد الأفريقي.

الأشعل، أكد لـ"عربي21"، أن الهدف الأول هو مساعدة ومساندة ودعم الانقلاب العسكري بالسودان ضد الثوار المطالبين بحكم مدني وإزاحة العسكر، وثانيا: حث الاتحاد الأفريقي على عدم معاقبة الانقلاب العسكري السوداني.

ويرى السفير السابق أن إصرار السيسي على دعم عبدالفتاح برهان نابع من مخاوفه من أن نجاح ثوار السودان سيقتلع العسكر من السلطة، وقلقه من تبعات ذلك وتداعياته عليه وعلى نظامه في مصر.

وحول احتمالات نجاح دعم السيسي في الإبقاء على المجلس العسكري السوداني، أكد الأشعل أن هذا يعتمد على ميزان القوى بين العسكر والثوار بالسودان، معتقدا أن ما يملكه السيسي من قوة لا تمكنه من التأثير على الاتحاد الأفريقي لصالح عسكر السودان، خاصة أن الاتحاد أمهلهم أسبوعين، مؤكدا أن دولة جنوب أفريقيا ستحبط مساعي السيسي.

وحول مكاسب السيسي المتوقعة مقابل دعم عسكر السودان، وهل تتمثل في ملفي سد النهضة وأزمة التنازع على (حلايب وشلاتين)، يرى الأشعل أن السيسي ليس حريصا علي الملفين، وأن هدفه الأقرب هو تعقب الإخوان بالسودان.

أهداف السيسي ورغبات برهان

 

وفي رؤيته لدلالات الحراك الأفريقي والمخابراتي في القاهرة بشأن السودان، يرى الخبير بالشؤون الأفريقية الدكتور بدر شافعي، أن "الهدف بالنسبة للمجلس العسكري السوداني الحصول على الاعتراف الشرعي من دول الجوار، خاصة مصر؛ كونها دولة جوار من ناحية، وباعتبارها رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي".

أستاذ العلوم السياسية، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن القاهرة ستستضيف قمة طارئة حول السودان، "الهدف منها من وجهة نظر المجلس السوداني عدم تعليق عضوية الخرطوم بالاتحاد، أو على الأقل تأجيل المدة المسموحة لعملية الانتقال، وهي 15 يوما فات منها أسبوع".

شافعي، أضاف قائلا: "لكن سيبقى السؤال: إذا كانت هذه أهداف العسكري السوداني، فماذا عن الأهداف المصرية؟"، معتقدا أنها "ستتركز على 3 محاور، أولها: طرد الإخوان المسلمين من السودان، أو تسليم بعض قيادتهم".

ويعتقد الخبير بالشؤون الإفريقية أن الهدف الثاني والثالث للقاهرة هو "إحداث تقارب مع الخرطوم بموضوع سد النهضة الإثيوبي، وإبعاد السودان عن المحور التركي القطري".

ويؤيد شافعي القول بأن السيسي سيمارس كل ما يمكنه من ضغوط للحصول على مكاسب من العسكري السوداني وبالوقت نفسه مساعدة برهان للاستمرار بالسلطة، مضيفا أنه "سيسعى لدعمه من خلال المحور السعودي الإماراتي؛ لتصفية الإسلاميين الموجودين بمفاصل الدولة والمؤسسة العسكرية".

وأوضح أن "كلمة الإسلاميين واسعة لا تعني الإخوان، الذين خرج عنهم البشير والترابي عام 1984"، مبينا أن الهدف "إقصاء الإسلاميين بكل فصائلهم".

وقال الأكاديمي المصري، إن السيسي والمحور السعودي الإماراتي حريصون أيضا على "بقاء العسكر بالسودان؛ كونه أداة هامة لمنع انتصار الثورة الشعبية، وانتقال عدواها لدول الجوار ومنها مصر".

وأكد أن "معنى ما سبق أن الهدف الأول الإطاحة بالبشير باعتباره إسلاميا مجازا، والثاني احتواء الثورة الشعبية، وإبقاء العسكر المتحكم الفعلي، حتى وإن كان من خلال حكم مدني ضعيف وليس قويا".

وفي رده على التساؤل: هل يلعب السيسي بالسودان بمفرده بعيدا عن الإمارات والسعودية؟ أم أن هناك تنسيق بينهم؟ أجاب شافعي بقوله: "هناك أهداف مشتركة، وأخرى خاصة بكل طرف، حسب مصالحه".

وتابع: "مصر يهمها الأمن القومي لحدودها الجنوبية، وترغب بوجود نظام ضعيف لا يطالب بحلايب وشلاتين، ثم يأتي موضوع سد النهضة"، مضيفا: "أما بالنسبة للإمارات والسعودية، فما يهمهما تبعية السودان لهما بملف اليمن، وإبعاد الأتراك والقطريين عن البلاد، وعدم تمكين أحد من البحر الأحمر".