سياسة عربية

هكذا تحولت شوارع مصر للافتات مؤيدة لتعديلات الدستور (صور)

قال ناشط سياسي إن "أقسام الشرطة مسؤولة عن حشد أصحاب المحال التجارية لتعليق هذه اللافتات"- عربي21

امتلأت شوارع وميادين القاهرة والمدن الكبرى بالمحافظات بأعمدة ولافتات وشوادر مؤيدة للتعديلات الدستورية المثيرة للجدل، والتي يتخوف منها المعارضون على مستقبل البلاد السياسي، والمقرر الاستفتاء عليها على مدار ثلاثة أيام بدءا من الاثنين 22 نيسان/ أبريل الجاري.


نشطاء أكدوا أن ميدان التحرير ميدان الثورة المصرية طالته يد التشويه عبر الأعمدة الخشبية والشوادر التي تستعد لحمل اللافتات العملاقة بعرض الشوارع الرئيسية المؤدية للميدان، فيما حملت لافتات صغيرة عناوين "اعمل الصح"، بينما كتب على أكثرها "نعم للتعديلات الدستورية".


المثير أن المحال والشركات والأحزاب والشخصيات العامة بكل منطقة تباروا جميعا في وضع لافتات مؤيدة للتعديلات موقعة بأسماء المحلات والعائلات، وحملت معظمها صور رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، الذي يعد المستفيد الأول من تلك التعديلات التي تمنحه حكم البلاد حتى عام 2034.


"عربي21"، تحدثت لأحد أصحاب مكاتب الدعاية والإعلان، الذي أكد أن الاستفتاء على الدستور وأي انتخابات تعد موسما مهما لهم، مشيرا إلى أن أصحاب محلات وشركات ومكاتب محامين ومهندسين ومقاولين، يتعاقدون معنا على صناعة اللافتات والبنرات بأنواعها وأحجامها بالشوارع الرئيسية والفرعية.


وأكد متحفظا على ذكر اسمه، أن سعر متر بانر خشبي مضيئ نحو650 جنيه، ما يعني أنه يتكلف 12 ألف جنيه تقريبا بتركيبه في شارع طوله 10 أمتار بعرض متر ونصف، موضحا أن هناك من يكتفي ببانر خشبي غير مضيئ سعر المتر منه 200 جنيه أو بانر مطبوع سعر المتر فيه 100 جنيه، بينما يطلب بعضهم وخاصة المنتمين للأحزاب وأصحاب المصانع بانرات حديدية مضيئة سعر المتر منها 950 جنيه، تتكلف أكثر من 15 ألف جنيه بشارع 10 متر.


أليس من حقنا؟


وتحدثت الكاتبة الصحفية بالأهرام أميرة العادلي، عن الشوارع والميادين التي غطتها اللافتات المؤيدة للتعديلات الدستورية، متسائلة عن إمكانية أن يضع المعترضون على التعديلات لافتات مثل المؤيدين.


الكاتبة الرافضة للتعديلات الدستورية، قالت لـ"عربي21"، إن "أصحاب المحلات والشركات يضعون اللافتات المؤيدة كنوع من إثبات الولاء (للنظام)"، مشيرة لوجود "لافتات لأحزاب سياسية وحملات تأييد وشغل في الشارع للحشد للتصويت بـ(نعم)".


وتعتقد العادلي، أن هؤلاء مبدئيا "متطوعون لقتل حريتهم"، وترى أنه تصرف طبيعي من أناس تتحكم بهم لغة المصالح، ويتلاعبون في ملايين من الناس غير المعنيين بالدستور ولا السياسية.


وأضافت أن "وضع اللافتات بالنسبة لهؤلاء أصبح عادة لتأييد النظام من أيام حسني مبارك"، موضحة أنه "لو هناك نظام آخر سيقومون بنفس الممارسات"، مبينة أننا "كرافضين للتعديلات لا نستطيع القول أن جميعهم مقتنع بضرورة تعديل الدستور، لكن هناك جزء منهم يروج لنفسه بأنه مؤيد للنظام وهذا طبعا حقه"، على حد قولها.

 

اقرأ أيضا: رفع الأجور والمعاشات .. رشوة السيسي قبل تعديلات الدستور


وقالت الكاتبة المصرية: "الأحزاب المؤيدة للتعديلات تتفق أو تختلف معها؛ ترى أن التعديلات الدستورية تخدم مصالحها وترويجها للتصويت بـ(نعم) والحشد بالشارع يأتي استغلالا للظرف بالترويج لنفسها سياسيا، لأنها في الغالب ليس لها أنشطة سياسية تمارسها، وتثبت قوتها على الأرض لأنه بعد الاستفتاء توجد انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب".


وعن الرافضين للتعديلات، أكدت الناشطة المصرية على أنه "من العدالة أن يكون عندنا نفس الفرصة لتعليق لافتات والعمل بالشارع بحرية للحشد لوجهة نظرنا؛ لكن في ظل عدم وجود المساحة فالأحزاب المعارضة تحاول استخدام أدواتها المحدودة عبر المؤتمرات الصحفية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل المباشر غير المنظم".


وأكدت أننا "كنشطاء مستقلين لا نملك سوى مواقع التواصل"، مشيرة إلى خطورة أوضاع النشطاء "في ظل قوانين الإعلام الجديدة"، موضحة "أننا نعرض أنفسنا للخطر من أجل الدفاع عن الحق والحرية والعدالة".


وختمت العادلي بالقول: "أخيرا أرى أننا لا ندافع عن شعب يتطوع بعضه لقتل حريته؛ لأن الشعب المصري يقاتل لأجل حريته، والمعركة معركة مفاهيم ووعي وثقافة وتضارب مصالح وهذا يحتاج سنوات للتغيير، مشددة على أن "نجاح الثورة ليس في تغيير الأنظمة فقط بل نجاحها الحقيقي في تغيير الثقافة والوعي".


"فرض عليهم"


من جانبه، أكد الناشط السياسي محمد نبيل، أن تعليق أصحاب المحلات والشركات والمصانع لافتات مؤيدة للتعديلات الدستورية "ليس عملا تطوعيا منهم"، مضيفا أننا كمعارضة "نراهن على لحظة قادمة يفيض فيها الكيل بالشعب وعندها نصبح بكفة واحدة ضد النظام".


نبيل، أوضح لـ"عربي21"، أن "أقسام الشرطة مسؤولة عن حشد أصحاب المحال التجارية وسواقين الميكروباص وغيرهم ويلزمونهم بتعليق اللافتات المؤيدة لمواقف الدولة بدلا من قطع أرزاقهم، كما حدث بانتخابات الرئاسة الأخيرة للسيسي ومستمرة في الحدوث".


وقال إنه "بالنسبة لنشاط المهتمين بالعمل العام والسياسي وتوعية الناس بخطورة التعديلات رغم تعرضهم للخطر فليس فضلا منهم، ومفهوم لنا أن الأغلبية خائفة، وكل فرد على حسب طاقته".


اقرأ أيضا: هل يصمد قضاة مجلس الدولة المصري أمام تعديلات الدستور؟


وفي تعليقه، قال عضو الهيئة العليا لحزب الوسط وليد مصطفى، إن "التعديلات الدستورية هي إحكام تام لسيطرة الفرد وليس حتى النظام على الدولة، مؤكدا أنها "تعديلات تجعل أي سلطة وأي قرار في يد شخص واحد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".


وأكد لـ"عربي21"، أن "ما يحدث الآن هو تحويل دولة شبه مؤسسية إلى عزبة يملكها شخص بلا أي وسيلة للمحاسبة أو حتى المراجعة، وهذا ما  يعجل بسقوطها عاجلا وليس أجلا".


ورصد متابعون عبر مواقع التواصل بعض الشوادر واللافتات.