سياسة عربية

تراجع إنتاج القمح في مصر يفضح منظومة "التقاوي الجديدة"

الحكومة المصرية تشتري 3.5 ملايين طن فقط من إجمالي ما ينتجه الفلاحين البالغ نحو 9.5 ملايين طن في حين تستورد نحو 7 ملايين طن- جيتي

كشفت تصريحات وزير التموين المصري بشأن كمية القمح الذي تستهدف الحكومة المصرية شراءه هذا الموسم من الفلاحين حقيقة مزاعم وزير الزراعة عن نجاح منظومة التقاوي وأصناف القمح الجديدة التي روج لها العام الماضي لزيادة إنتاجية محصول القمح هذا العام.


وقال وزير التموين إن الحكومة تستهدف شراء 3.6 ملايين طن قمح خلال الموسم الحالي، وهي الكمية نفسها التي اشترتها العام الماضي، وحددت الحكومة سعر شراء محصول القمح من الفلاحين بالموسم الحالي ما بين 655 و685 جنيها.


وفي حزيران/ يونيو 2018، أعلنت وزارة الزراعة نجاح منظومة تقاوي القمح الجديدة، وأنها أسهمت في تحقيق زيادة بإنتاجية الفدان الواحد بنسبة تتراوح بين 15 و20%.


وتنتج مصر نحو 9.5 ملايين طن قمح سنويا، تشتري منهم الحكومة 3.5 ملايين طن فقط من الفلاحين، في حين تستورد نحو 7 ملايين طن لتغطية حجم الاستهلاك البالغ نحو 18 مليون طن قمح سنويا.


وقال نقيب الفلاحين الزراعيين بمصر، عماد أبو حسين، في تصريحات صحفية إن زراعة القمح تعرضت للتهميش، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية، وإن الحكومة تفضل الاستيراد بسبب انخفاض سعر القمح المستورد عن المحلي؛ لأنه أقل جودة.

 

اقرأ أيضا: لماذا يتقلب المصريون في أزمات نقص بعض المحاصيل الزراعية؟‎

مزاعم حكومة السيسي


وقال مستشار وزير التموين السابق، عبدالتواب بركات، لـ"عربي21": "إن إعلان الحكومة عن التقاوي وأصناف القمح الجديدة هو للدعاية فقط، وليس لصالح زيادة الإنتاجية وتحسين دخل المزارعين الفقراء؛ بدليل أن نسبة التقاوي عالية الإنتاج لا تكفي لزراعة ربع المساحة المزروعة، ولا تغطي احتياجات المزارعين الذين لا يجدون التقاوي المحسنة في محطات البحوث الزراعية".


وتساءل: "لو كان ادعاء الحكومة صحيحا فلماذا لم تتراجع الإنتاجية سنة بعد سنة؟"، مشيرا إلى أن "الحكومة المصرية تعدي منذ تموز/ يوليو 2013 حرصها على زيادة الاكتفاء الذاتي من القمح، ولكن سياستها على الأرض تكرس لزيادة الاستيراد من روسيا والدول الداعمة للجنرال السيسي".


وأكد أن "الحكومة تتعمد إعلان أسعار منخفضة للقمح؛ ما يجبر مزارع القمح على تخفيض المساحة المزروعة سنة بعد أخرى، وانخفضت المساحة من فوق 3 ملايين فدان في الفترة بعد ثورة يناير حتى 2013، إلى أقل من 2.6 مليون فدان في بعض السنوات الأخيرة".


وأرجع بركات تفضيل الحكومة الاستيراد عن زيادة الإنتاج رغم جودة القمح المصري العالية "لإرضاء حكومة روسيا وفرنسا الداعمة للجنرال السيسي، وهو ما ظهر واضحا في حرص السيسي على استيراد الأقماح الملوثة بالأرجوت السام بالرغم من حكم المحكمة بالمنع وتعارضه مع الحجر الزراعي المصري".

 

اقرأ أيضا: بعد أزمة الذرة والقطن بمصر.. الحكومة تواصل سحق الفلاحين

حقيقة مافيا القمح


بدوره؛ قال مدير إحدى الشركات الزراعية العاملة في أفريقيا، الخبير الزراعي، شابون عبدالعزيز، لـ"عربي21": "للإنصاف مركز البحوث الزراعية، وخاصة أقسام الذرة والقمح والأرز لنا أن نفتخر بهم على مستوى العالم، وهم من الجنود المجهولة في البلد، استنبطوا أصنافا عالية الإنتاج، لكن زيادة الإنتاج من عدمه يرجع إلى عوامل أخرى، بعضها مرتبط بالبيئة أو المناخ أو طريقة زراعة الفلاح وظروفه الاقتصادية".


وأوضح أن "إخفاق الدولة في زيادة مساحة المحاصيل لا يمكن تعليقه على ما تنتجه مراكز البحوث الزراعية من أصناف، وأن الأصناف الموجودة ليست لها علاقة بحكومات السيسي وعملها، وأي أصناف جديدة تحتاج إلى خمس سنوات على الأقل لتثبت كفاءتها، ولكن يمكن الحديث عن ميزانية مراكز البحوث المتدنية، ومحاربة الباحثين، وعدم منحهم حقوقهم".

وبشأن تفضيل الحكومة استيراد القمح عن شرائه من المزارعين، أكد أن هناك مافيا كبيرة على أعلى مستوى من كبار المسؤولين في الدولة تستفيد من استيراد أردأ وأبخس أنواع القمح ويعيدوا بيعها بأغلى الأسعار، ثانيا، من أهم القرارات السياسية لأمريكا أن تظل مصر مستوردة للقمح والسلاح والدواء.


وكشف عبدالعزيز أن "مصر يمكنها الاكتفاء ذاتيا من القمح، وأن أي مبررات تُقدم للناس بشأن المساحة والتنافس بين المحاصيل الاستراتيجية هو كلام وهم وله حلول، ومردود عليه كله، وطرحت الرؤى وقدمت للحكومات المصرية المتعاقبة، وعندما حاول أول وزير زراعة، محمد أحمد الليثي، بعد يوسف والي في عهد مبارك، أن يعمل على تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح تمت إقالته".