ملفات وتقارير

كيف فضح البنك الدولي احتيال السيسي بحملة 100 مليون صحة؟

أعلنت وزارة الصحة المصرية أن المشروع يأتي بمبادرة خاصة من السيسي- جيتي

أكد سياسيون ومختصون بالشؤون الصحية أن إعلان البنك الدولي عن تقديمه دعما للحكومة المصرية بقيمة 429 مليون دولار لمواجهة فيروس سي والأمراض السارية، في إطار تبني البنك ومنظمة الصحة العالمية لـ"مشروع رأس المال البشري"، يمثل فضيحة لرئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي استغل المنحة الدولية في نسبة الحملة لشخصه.


وكان ممثل البنك الدولي بمصر "عمرو الشلقامي" أعلن أن البنك يساهم في مبادرة الحد من فيروس سي، التي أطلقتها وزارة الصحة المصرية، للحد من تأثير المرض على الاقتصاد المصري، وكذلك الأمراض السارية، وتقليل نفقات العلاج.


وأوضح أن البنك يتبنى مشروعا بعنوان "رأس المال البشري"، وأن مصر كانت من أول الدول التي أعلنت مشاركتها بالمشروع، وهو ما دفع البنك لتقديم 300 مليون دولار لمسح الأمراض السارية، و129 مليون دولار لمواجهة فيروس سي، موضحا أن المشروع تراقبه عدة دول، وسوف يقوم البنك الدولي بنقل التجربة لدول أخرى.


من جانبها، أعلنت وزارة الصحة المصرية أن المشروع يأتي بمبادرة خاصة من السيسي للكشف عن الأمراض المزمنة بمصر مثل السكر والضغط والسمنة وفيروس سي، وأطلقت على المشروع "حملة الرئيس السيسي 100 مليون صحة"، ومن المتوقع أن تستمر الحملة حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.


كما نفت الوزارة من خلال المكتب الإعلامي التابع لمجلس الوزراء ما يتم تداوله بقيام البنك الدولي بتمويل الحملة، مؤكدة أن دور البنك ومنظمة الصحة العالمية، يقتصر على مراقبة تنفيذ استراتيجية الحملة وخطة العلاج بها.

 

اقرأ أيضا: الشعب خارج الحساب.. حصاد تشريعات برلمان مصر 2018


وفي إطار متصل، أعلنت الوزارة في بيان رسمي لها الخميس، أنه تم فحص 20 مليونا و26 ألف مواطن منذ انطلاق الحملة بالأول من ديسمبر الجاري، من بينهم 415 ألفا و963 طالبا بالمدارس الثانوية.


ووفقا لمكتب منظمة الصحة العالمية بالمنطقة العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا في الإصابة بفيروس سي، والأمراض السارية الأخرى، وأن المنظمة في إطار حرصها على مواجهة هذا الخطر فإنها تقدم كل الدعم للمبادرات المحلية والدولية الرامية لمحاصرة هذه الأمراض، لما يمثله ذلك من خطوة تشجيعية لباقي الدول.


وفي تعليقه على إعلان البنك الدولي عن تحمله لتكلفة المشروع، يؤكد عضو البرلمان المصري السابق طارق مرسي لـ"عربي21" أن ما قام به نظام الانقلاب بنسبة الحملة للسيسي رغم أنها تأتي ضمن مشروع دولي يموله البنك الدولي وترعاه منظمة الصحة العالمية، يمثل قمة الاحتيال التي يمارسها النظام العسكري ضد الشعب المصري، والمجتمع الدولي.


ويوضح مرسي أن ما جرى يعود بنا للوراء لعهد مبارك ونسبة كل المشروعات لشخص مبارك أو قرينته، رغم أنها كانت مشروعات ضمن حملات دولية مثل القضاء على شلل الأطفال وغيرها من المنح التي كان يستغلها النظام السابق في الترويج لإنجازات وهمية، وهو ما يتكرر الآن وإنما بشكل أكثر فجاجة، بهدف خداع المصريين بأن السيسي يريد لهم الصحة والعافية بمثل هذه الحملة.


ووفقا لمرسي فإن الحملة في حد ذاتها هامة ومطلوبة للتخفيف عن المواطن المصري خاصة وأن التحليلات الطبية الخاصة بالكشف عن الفيروسات مثل فيروس سي، ذات تكلفة باهظة لا يستطيع القطاع العريض من الشعب تحمل تكلفتها، ولكن استغلالها لخدمة النظام العسكري تفقدها المصداقية وتدفع الشكوك حول الهدف من ورائها.

 

اقرأ أيضا: البنك الدولي: مصر تواجه فجوة تمويل بـ230 مليار دولار


ويدعم مرسي تخوفاته من استغلال الحملة لأهداف خبيثة، بالتصريحات التي أطلقها السيسي منذ أيام عن زيادة السمنة لدي الشعب المصري، وأرجع ذلك لإسراف الشعب المصري في تناول الطعام، وبعدها بيوم واحد صدرت تصريحات لوزير التعليم يطالب فيها المواطنين بعدم ركوب القطارات من أجل إنقاص وزنهم.


من جانبه، يؤكد عضو الجمعية الطبية المصرية الدكتور هشام منصور لـ"عربي21" أن نسبة مثل هذه الحملات لرأس النظام الحاكم، أمرا معتادا بمصر، ولكنه في السابق كان يتم توضيح أن الحملة بالمشاركة مع منظمة الصحة العالمية مثل حملات مواجهة انفلونزا الطيور والخنازير والأمراض السحائية وغيرها، ولكن ما جرى في الحملة الأخيرة كان مغايرا حيث نسبت الحملة بالكامل للسيسي دون غيره.


ويضيف منصور أن الحملة في حد ذاتها تعتبر فرصة هامة لوزارة الصحة من أجل رسم خريطة بالأمراض المنتشرة بمصر، خاصة وأنها تغطي كل المحافظات، وتستخدم سيارات طبية مجهزة بمعدات حديثة، إلا ان هذا لا يمنع أن كثير من التحليلات التي أجريت على المواطنين كانت خاطئة، بعدما قام المواطنون بإعداتها بمراكز تحاليل خاصة للتأكد من إصابتهم بالفيروس سي وفقا لنتائج الحملة.


ويري عضو الجمعية الطبية المصرية أن ما أفقد الحملة المصداقية هو متاجرة نظام السيسي بها، وكأنه يقدم للشعب منحة لا يستحقها، رغم أن الحملة جزءا من عمل الحكومة، التي تكوي الشعب بالضرائب والديون، مستغربا من نفي وزارة الصحة وجود أي علاقة للبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية في تمويل الحملة، وإصرارها على قيام الحكومة بتمويلها كاملة.