صحافة دولية

"ألموندو" : هل وصلت الأزمة اليمنية إلى ذروتها ؟

يطالب مقترح للأمم المتحدة من كلا الطرفين بسحب قواتهما من الحديدة التي سيسيطر عليها كيان مؤقت ذو إشراف دولي- جيتي

نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الأزمة الحادة التي يعيش على وقعها اليمن تحديدا منذ سنتين، حيث خلّفت الحرب اليمنية حوالي 60 ألف قتيلا وملايين من الأشخاص الذين تهددهم المجاعة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن محادثات السلام شهدت تقدما طفيفا بفضل الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأربعاء لإعادة فتح مطار صنعاء، الذي تم إغلاقه منذ سنة 2015.

وقد أكدت إحدى الدراسات التي أجرتها مجموعة متخصصة في إحصاء مخلفات الصراع في جميع أنحاء العالم، أن عدد الأرواح التي سقطت في هذا النزاع يقدر بستة أضعاف الأرقام التي قدمتها الأمم المتحدة حتى الآن.

ونقلت الصحيفة تصريحات مديرة مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، كليوناد رالي، التي صرحت قائلة: "تقديراتنا لعدد الوفيات المباشرة في النزاع اليمني أعلى بكثير من الأرقام الرسمية".

 

ويقوم هذا المشروع، بالاعتماد على نحو خمسين مصدرا ووكلاء على الأراضي التي تشهد نزاعات، بإعادة النظر في خريطة الخسائر البشرية الناجمة عن حرب أهلية معقدة يتواجه فيها الحوثيون ضد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وذكرت الصحيفة نقلا عن رالي أن "حصيلة القتلى ليست سوى تقريب للمأساة والرعب الذي يعاني منه اليمنيون على عدة جبهات".

 

وقد أكد مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها أن عدد الاعتداءات العنيفة المسجلة بين كانون الثاني/ يناير 2016 وتشرين الثاني/ نوفمبر 2018 يقدر بحوالي 3071 اعتداء، دون احتساب الضحايا الذين فقدوا حياتهم بسبب المجاعة والكوليرا.


اقرأ أيضا :  انتهاء المشاورات اليمنية في السويد.. وهذه أبرز النتائج


ووفقا لمنظمة "أنقذوا الأطفال" غير الحكومية، لقي 85 ألف طفل دون سن الخامسة حتفهم بسبب المجاعة أو الأمراض، منذ بداية تدخّل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في آذار/ مارس 2015.

وأضافت الصحيفة أن هذا التحقيق أكد أن حوالي 4.614 شخصا قُتلوا بسبب الهجمات الجوية. كما وقع حوالي 28.182 من إجمالي عدد الوفيات ضحايا خلال سنة 2018، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 68 بالمائة مقارنة بحصيلة سنة 2017.

 

وقد أفضى تصعيد النزاع إلى عقد مفاوضات للسلام، التي تم تدشينها الأسبوع الماضي في السويد، وهي الجولة الأولى في أكثر من سنتين.

 

وعلى الرغم من التشاؤم، بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في جني نتائج متواضعة.

تجدر الإشارة إلى أن أبرز تطورات هذه الجلسة من المفاوضات تكمن في التوقيع على اتفاق لتبادل الأسرى، الذي قد يؤدي إلى إطلاق سراح أكثر من 15 ألف مقاتل من الجانبين.

 

ومن المتوقع أن يتم عرض القوائم خلال الشهر المقبل وقد تتحقق عملية التبادل في نهاية ذلك الشهر، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي الهيئة التي قدمت المساعدة لأسرى الطرفين في المعركة.

وأوردت الصحيفة أن هذه المحادثات قد أفضت إلى الاتفاق الثاني يوم الأربعاء، الذي ينص على إعادة فتح مطار صنعاء، الذي كان ضحية الحصار السعودي منذ سنة 2015.

 

في المقابل، يمكن أن يخفف هذا الإجراء من حدة الوضع الإنساني الذي تعاني منه المدينة ومناطق شمال ووسط البلاد التي تخضع لسيطرة الحوثيين.


اقرا أيضا :  أول اجتماع مباشر بين رئيسي وفدي الحكومة والحوثيين بالسويد


وأضافت الصحيفة أن المناقشات، التي تميزت بحضور سفراء من الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تركز الآن على ميناء الحديدة الاستراتيجي، وهو الميناء الرئيسي للبلاد وساحة النزاع الجديدة التي يتصارع فيها السعوديون والإيرانيون من أجل الهيمنة الإقليمية التي أغرقت السكان اليمنيين في أكبر "أزمة إنسانية على كوكب الأرض".

 

وفي هذا الصدد، يطالب مقترح الأمم المتحدة كلا الطرفين بسحب قواتهما من المدينة، التي سيسيطر عليها كيان مؤقت ذو إشراف دولي.

وأوضحت الصحيفة أن الحوثيين يرغبون في إعلان الحديدة كمنطقة محايدة، في حين تراهن حكومة هادي على السيطرة مباشرة على المدينة.

 

وكانت الحديدة مسرحا للقتال العنيف في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يرغب في وقف هذا الاتفاق.

 

وبحثا عن زخم جديد، من المتوقع أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يوم الخميس، في إغلاق المحادثات التي يمكن استئنافها في بداية العام المقبل.

وفي هذا السياق، صرح المحلل اليمني، عمر مشجري، قائلا: "هناك بعض التفاؤل، فنحن في بداية برنامج محادثات السلام وتبدو جميع الأطراف جادة بشأن التزامها بنهاية الحرب. مع ذلك، لا يزال أمامنا المزيد من العقبات.

 

إن هناك حاجة لمعالجة المزيد من القضايا وليس فقط القضايا الهامة مثل إعادة فتح المطار أو تبادل السجناء.

 

نحن بحاجة إلى الحديث عن العدالة الانتقالية والطريق إلى السلام ووضع حد للحرب. إن التحديات عميقة وعلى مستويات متعددة".

وفي الختام، أبرزت الصحيفة أن الوضع الإنساني المؤلم في اليمن، فضلا عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قد أدى إلى زيادة الضغط على السعودية وحليفتها العسكرية، الولايات المتحدة، ما من شأنه أن يمهد الطريق إلى نوع من التفاهم.

 

من جهته، غير ترامب موقفه، بعد أن أجبره التصويت في مجلس الشيوخ على المطالبة بوقف المساعدة العسكرية في الحرب في اليمن خلال المحادثات.