صحافة دولية

بلومبيرغ: هل يكفي الولاء لحماية محمد بن سلمان؟

بلومبيرغ: جريمة قتل خاشقجي قلبت حياة ابن سلمان رأسا على عقب- جيتي

نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا لكل من دونا أبو نصر وغلين كاري، يقول فيه إن مصير ولي العهد السعودي لا يزال غامضا في أعقاب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، مشيرا إلى أن الجريمة "قلبت حياته رأسا على عقب". 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن دعم والده الملك، ووقوف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إلى جانبه، لم يوقف طاحونة الشائعات حول مصير محمد بن سلمان.

 

ويكشف الكاتبان عن أن محمد بن سلمان بات يقضي وقتا كبيرا مع والده منذ الأزمة الدولية بعد مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول الشهر الماضي، مشيرا إلى الجولة الخارجية التي قاما بها إلى عدد من مناطق الدولة.  

 

ويلفت الموقع إلى أن هذا كله في وقت واصل فيه ترامب حماية الأمير، حيث رفض مرارا وتكرار تحميل ولي العهد مسؤولية القتل، وأثنى على السعودية لدورها في تخفيض أسعار النفط. 

 

ويفيد التقرير بأن "ملك أكبر دولة منتجة للنفط، ورئيس أكبر وأقوى دولة في العالم يقفان مع الأمير، ما يعني أن وضعه آمن جدا، وسينجو من تداعيات جريمة القتل الشنيعة، وربما كان هذا سبب أول زيارة له إلى الإمارات يوم الخميس، وإجراء محادثات مع ولي العهد في أبو ظبي محمد بن زايد، فيما هناك احتمالات قوية بأن يسافر الأمير في نهاية الشهر للأرجنتين؛ لحضور قمة العشرين، لكن مصير محمد بن سلمان لا يزال مجهولا، وما ينتظره غير معروف، وهو حديث البلد في الرياض".

 

ويستدرك الكاتبان بأن هناك سؤالين حاضران في الحوارات مع الدبلوماسيين السعوديين والأجانب، الذين يعملون في المملكة منذ سنين: هل سيظل الأمير محمد الخيار الأول لوراثة العهد بعد والده؟ وإن كان الجواب لا فماذا سيحدث للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها؟ 

 

ويجد الموقع أن "من الصعب الكشف عن مواقف الأمراء البارزين وشيوخ القبابل وقادة الأجهزة الأمنية من الأمير، وما هي نظرتهم إليه بعد جريمة القتل، وربما كانت هناك تداعيات سلبية لتهميشه للأمراء البارزين في محاولاته للسيطرة على السلطة في البلاد، بالإضافة إلى أن إعدام خمسة من 11 شخصا أدانهم النائب العام قد يؤثر على ثقة قادة الأجهزة الأمنية التي تعد الحاجز المهم والحامي له من المعارضين، وربما كانت لدى تركيا أدلة قوية تورطه في الجريمة، بشكل سيزيد من إشعال غضب المعارضين له في الولايات المتحدة وأوروبا". 

 

ويؤكد التقرير أن قتل خاشقجي، سواء تورط الأمير فيه أم لا، غيّر قواعد اللعبة، فيرى الباحث المقيم في واشنطن كامران بخاري، الذي يعمل في "معهد التنمية المهنية" التابع لجامعة أوتاوا، أن الجريمة "قلبت حياته رأسا على عقب.. تحول من رجل يحمل وعدا بحكم طويل إلى رجل لا يعرف ماذا يتربص له في المستقبل، وعدم معرفة ما إن كان سيحكم أم لا، فهي لطخة سترافقه وستمنعه من عمل الكثير". 

 

وينوه الكاتبان إلى أن محمد بن سلمان، المعروف في الغرب بـ"أم بي أس"، قدم على أنه شاب جريء يريد تغيير البلاد ومواجهة التشدد الإسلامي، وجعلته خطط بيع حصص من شركة النفط العملاقة "أرامكو" محبوب المصرفيين العالميين، ونظرا لصغر عمره بين صف طويل من الأمراء الكبار في العمر، فإنه قد كان يتوقع حكمه لسنوات طويلة، أما اليوم فهو لا يعرف مستقبله.

 

ويجد الموقع أن هناك دليلا على مدى المناورة الضيق لديه، فبعد إعلان ترامب يوم الثلاثاء أنه لن يعرض العلاقات الأمريكية السعودية للخطر بسبب مقتل خاشقجي، انخفض سعر برميل النفط إلى 50 دولارا. 

 

ويعلق الكاتبان قائلين: "ربما كان هذا التطور جيدا لإعادة تأهيل الأمير، لكنه لا يعد من الأخبار الجيدة للاقتصاد السعودي الذي ينمو بشكل بطيء، وشكر ترامب السعودية، وحثها على المضي في تخفيض السعر أكثر، وكان ترامب واضحا في دعمه للأمير ضد الأصوات المتزايدة في الكونغرس ومخابراته، التي توصلت إلى درجة عالية من الثقة بأن الأمر بالجريمة صدر من محمد بن سلمان". 

 

ويذكر التقرير أن ترامب قد أصدر يوم الثلاثاء بيانا، أكد فيه العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وذكر السعوديين أنهم وافقوا على إنقاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه في الداخل قام الملك سلمان بأول جولة له في البلاد منذ توليه السلطة عام 2015، وكان الهدف منها هو محاولة إصلاح العلاقات مع القادة الدينيين والقبليين التي خربها ابنه، وبدأ أول زيارة إلى قلب المملكة المحافظ القصيم، ورافقه ابنه محمد في الجولة، حيث افتتحا في كل محطة مشروع تطوير.  

 

ويشير الموقع إلى أن ملوك السعودية عادة ما يستخدمون المال لشراء ولاء المواطنين وتقوية وضعهم، فبعد اندلاع الربيع العربي وعد الملك عبدالله مواطنيه بمليارات الدولارات على شكل هبات ومشاريع ومنح؛ لامتصاص الغضب، ومنع وصول انتفاضات العالم العربي إلى المملكة. 

 

ويقول الكاتبان: "ربما راهن الملك سلمان على أن ولاء السعوديين له قد يحمي ابنه قبل أن يسلمه السلطة، وفي خطابه أمام مجلس الشورى لم يذكر الجريمة، فيما جلس ابنه عابسا إلى جانب مفتي السعودية".  

 

ويورد التقرير نقلا عن أيهم كامل من مجموعة البحث "يوريشيا"، قوله: "يعرف الملك كيف يرتب الجبهة الداخلية، والتأكد من عدم التحول ضد ابنهّ"، وأضاف أن زيارة الملك إلى المناطق، وطبيعة الناس الذين يلتقيهم فيها، والأموال التي يوزعها، هي جزء من رزمة شاملة تؤكد حماية القيادة كما هي اليوم، والغرض من هذا كله هو "حماية خط الوراثة". 

 

ويستدرك الموقع متسائلا: "هل يكفي الولاء لحماية ولي العهد؟ ربما لم يكن هذا كافيا، خاصة أن هناك موجة غضب ونقادا كثيرين له في الكونغرس وفي أوروبا؛ بسبب حرب اليمن وانتهاكات حقوق الإنسان، وفي داخل السعودية هناك ثرثرات عن تذمر داخل العائلة المالكة، وحديث عن دور لشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي عاد إلى السعودية من لندن قبل عدة أسابيع". 

 

وبحسب التقرير، فإن محمد بن سلمان عامل أفراد العائلة بقسوة، عندما سجن عددا منهم في الريتز كارلتون، وقضى على نظام التوافق في داخل العائلة، ما أدى إلى سخط الكثيرين منهم. 

 

وينقل الموقع عن الباحث بخاري، قوله: "يجب أن يظل قلقا وبشكل مستمر على مستقبله"، وأضاف: "حتى لو سجن المعارضين المحتملين، وأكره بقية أفراد العائلة فكيف سيكون متأكدا من عدم وجود من يتأمرون ضده في السر؟".

 

ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالقول إن حضور ابن سلمان لقمة العشرين في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، هي إشارة إلى ثقته بنفسه، فالقادة الذين يشعرون بالقلق لا يتركون بلادهم.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)