حقوق وحريات

البايس الإسبانية: إثيوبيات ضحايا "استعباد" بلبنان

الانتهاكات وحتى الجرائم التي ترتكبها سيدات المنازل في حق هؤلاء العاملات ستظل، قانونيا، دون عقاب- جيتي

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن المصير الذي تواجهه النساء الإثيوبيات اللاتي يسافرن إلى لبنان بحثا عن وظيفة للعمل كمعينة منزلية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هؤلاء النساء يتعرضن للإهانة والعنف بجميع أنواعه من قبل أرباب عملهن في لبنان.

 

وتشير السلطات الإثيوبية إلى أنها تتلقى، كل أسبوعين تقريبا، جثة أحد مواطنيها خاصة أولئك اللاتي يعملن كمعينات في المنازل، وذلك بسبب العنف المسلط ضدهنّ أو الانتحار.

وأضافت الصحيفة أن القنصل الإثيوبي في لبنان، وحيد بيلاي أبيتو، قد أكد أن المفاوضات الثنائية بين البلدين قد تكثفت هذا الأسبوع للتوصل إلى اتفاق جماعي يحمي حقوق المواطنات الإثيوبيات في هذا البلد العربي، اللاتي يمثلن تقريبا ثلث عدد النساء المهاجرات العاملات في هذا القطاع.

في المقابل، يبدو أن تفاؤل القنصل الإثيوبي بشأن المفاوضات يتعارض تماما مع التشاؤم الذي عبر عنه القنصل السابق، أسامينو بونسا، قبل عقد من الزمن، عندما قال: "لن نتمكن من فعل أي شيء لحماية مواطناتنا، لذلك فرضنا حظر السفر إلى لبنان".

وأبرزت الصحيفة أن الوضعية القانونية لهؤلاء النساء قد تغيرت نوعا ما. ويعود الفضل إلى شبكة الدعم الواسعة التي أنشأتها المهاجرات أنفسهن، اللاتي تمكنّ بفضل الدعم الذي قدمته لهن المنظمات غير الحكومية والمساعدة القيمة لشبكات التواصل الاجتماعي من الهروب من أرباب عملهن المستبدين.

وتعكس قصة مريم الوضع الحقيقي لهذه الشريحة، حيث وصلت هذه الفتاة إلى العاصمة اللبنانية قبل سنتين للعمل كمعينة منزلية، وهي تعمل اليوم، دون وثائق قانونية، في مركز مجتمع المهاجرين في لبنان، الذي يهدف إلى مساعدة المهاجرات غير النظاميات.


اقرا أيضا :  سلايت : عاملات المنازل الأجنبيات بلبنان.. عبودية مسكوت عنها


ونقلت الصحيفة مأساة هذه الفتاة، التي بلغت 19 سنة منذ شهرين، وتمكنت من الهرب من المنزل الذي كانت تعمل به.

 

وفي هذا السياق، روت مريم قصة ستة أشهر من الانتهاكات وسوء المعاملة التي تعرضت لها منذ أن غادرت ضواحي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لينتهي بها المطاف بين أيادي أسرة لبنانية لديها ثلاثة أطفال في مدينة طرابلس اللبنانية.

وروت مريم حادثة ضربها من قبل سيدة المنزل الذي كانت تعمل فيه بكرسي على رأسها. كما بانت على ظهرها ندبة قاتمة، سببها قيام صاحب المنزل بعضها في أحد الأيام إلى أن تسبب لها في نزيف.

 

وأفادت الصحيفة بأن هذه الفتاة قدمت إلى لبنان بوساطة الوكالات، بنفس الطريقة التي وصلت بها غيرها من الفتيات.

 

وفور وصولها إلى بيروت، قام أحد موظفي الوكالة بمصادرة جواز سفرها بالتواطؤ مع خدمات الهجرة اللبنانية.

 

وهو ما يحدث لحوالي 85 بالمائة من النساء اللاتي يصلن إلى هذا البلد بنفس الطريقة، حسب ما أكدته إحدى الدراسات التي أجرتها منظمة العمل الدولية.

وذكرت الصحيفة أن مريم وقعت عقد عمل بقيمة 218 يورو شهريا مقابل ستة أيام عمل في الأسبوع، لكنها لم تتحصل على نسخة من هذا العقد. وفي الواقع، لا يتمتع نصف عدد عاملات المنازل المهاجرات في لبنان بأي يوم عطلة.

 

اقرأ أيضا : موقف "عنصري" للمدونة الكويتية سندس القطان ضد عاملات المنازل

 

وتحذر المنسقة في الاتحاد الدولي للعمال المنزليين في الشرق الأوسط، مارييلا أكونيا، أن "حماية حقوق هؤلاء العمال يعد أمرا في غاية الصعوبة نظرا لأنهم مستثنون من قانون العمل اللبناني بموجب المادة رقم سبعة".

وأضافت الصحيفة أنه على المستوى الدولي، لم يصادق لبنان على الاتفاقية 189 للعمل اللائق للعمال المنزليين لمنظمة العمل الدولية.

 

والإطار التنظيمي الوحيد المتاح لهذه الفئة يتمثل في نموذج عقد العمل الفردي الذي اعتمده لبنان سنة 2009 إثر الضغوط المكثفة التي مارستها المنظمات غير الحكومية.

 

وغياب القوانين سيسمح لأرباب العمل اللبنانيين بمواصلة الممارسات السيئة والانتهاكات ضد المعينات المنزليات.

وفي ظل عدم تسوية وضعيتهنّ، تخضع عاملات المنازل لنظام الكفالة ويرتبطن قانونيا بكفيلهن اللبناني.

 

وبهذه الطريقة، فإن الانتهاكات وحتى الجرائم التي ترتكبها سيدات المنازل في حق هؤلاء العاملات ستظل، قانونيا، دون عقاب. 

 

اقرا أيضا : الفلبين تعلن حظرا دائما على إرسال العمالة إلى الكويت

 

وأشارت الصحيفة إلى أن مريم تعد إلى جانب الكثيرين من "العبيد المعاصرين" الذين يعملون في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 

ووفقا لمنظمة العمل الدولية، هناك ما يصل إلى 11.5 مليون من عاملات المنازل المهاجرات في العالم، ثلثهن تقريبا يعملن في الشرق الأوسط. ومن جهته، يستقبل لبنان حوالي 250 ألف عاملة.

وبينت الصحيفة أن مريم قد فرت من المنزل الذي كانت تعمل به في أحد الأيام على الساعة السادسة صباحا عندما أخرجت القمامة.

 

ومنذ شهرين، أصبحت تقطن في شقة رفقة مواطنتين في سن الثلاثينات، واجها نفس مصيرها. وتلخّص مريم حديثها قائلة: "في لبنان لا يعتبروننا بشرا، نحن في الواقع أشخاص منبوذون".

وفي الختام، أكدت الصحيفة أن جيل مريم يمثل جيل المهاجرين الجدد الذين يغادرون بلادهم بحثا عن حياة اكتشفوها من خلال الشبكات الاجتماعية.

 

ومن جهتها، أكدت مريم: "جئت لأنني أردت ذلك وليس بسبب عائلتي، كنت أرى على الفيسبوك فتيات إثيوبيات يرتدين ملابس أنيقة للغاية وأردت أن أكون مثلهن".