مقالات مختارة

أزمة "الأونروا" والحلول الجذرية

1300x600

تمكنت الوكالة الدولية  لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من تجاوز أزمتها المالية للعام الحالي.. فبحسب المفوض العام لـ"الأونروا" بيير كرينبول، تمكنت المنظمة الدولية، بفضل التبرعات التي قدمها العديد من دول العالم، من تجاوز الأزمة المالية التي نجمت عن وقف واشنطن تمويلها لـ"الأونروا"، حيث كانت تقدم نحو 360 مليون دولار، وأوقفتها، في محاولة منها لشطب وإلغاء المنظمة الدولية؛ تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية.


التحركات الأردنية والفلسطينية، بالتعاون مع العديد من الدول العربية والأجنبية، ساهمت بتخفيض عجز "الأونروا" للعام الحالي، حيث كانت تعاني المنظمة الدولية من عجز مقداره نحو 446 مليون دولار، فجمعت من المساعدات 425 مليون دولار. أي أن العجز المالي الذي ما زالت تعاني منه للعام الحالي يقدر بـ21 مليون دولار، وهو مقدور عليه، ويمكن خلال فترة قصيرة تجميعه من مساعدات وتبرعات دول ما زالت تعتقد بضرورة بقاء "الأونروا" كرمز للقضية الفلسطينية، وحتى إيجاد حل عادل ودائم لها، يتم من خلال صون وحماية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.


ومع أن الأزمة انتهت للعام الحالي، إلا أنها أزمة ستتواصل عاما بعد عام، بحال لم يتم إيجاد حل جذري لقضية التمويل.. فالمؤشرات المرتبطة بالقضية الفلسطينية لا تبشر بحل جذري وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، بل هناك محاولة جادة من الإدارة الأمريكية، لتصفية هذه القضية، من خلال طرح خطتها التصفوية، والتي أطلقت عليها تسمية "صفقة القرن".


ولذلك، فمن المستبعد كليا أن تقوم الإدارة الأمريكية الحالية بتغيير موقفها من منظمة "الأونروا" وتعيد التمويل لها.. فوقف التمويل كان هدفه تصفية القضية الفلسطينية، وإحدى أهم ركائزها، ألا وهو حق عودة اللاجئين، وستواصل الإدارة الأمريكية محاولتها على هذا الصعيد، ولن تعيد التمويل للمنظمة الدولية.


وهذا يعني أن العجز المالي لـ"الأونروا" سيتواصل العام المقبل، وأيضا الأعوام التي ستليه، إلا إذا تغيرت الإدارة الأمريكية، وجاءت إدارة جديدة بموقف جديد ومغاير تماما لإدارة دونالد ترامب.


وبقاء العجز يلقي بظلاله الثقيلة على القضية الفلسطينية والدول الداعمة لها، وخصوصا الأردن، يستدعي منذ الآن التخطيط للسنوات المقبلة، والبحث عن آلية جديدة تتيح تمويل "الأونروا" وبقاء خدماتها.


إن التعامل مع هذه المشكلة ليس بالعملية السهلة، فقد شاهدنا الجهود التي بذلت على هذا الصعيد لحل مشكلة العام الحالي، فكيف يمكن التعامل معها وحلها خلال الأعوام المقبلة.. هذا الأمر يحتاج إلى جهود مضاعفة، ويتطلب أن تكون مهمة إنقاذ "الأونروا" أولوية عند العديد من الدول، وليست لدى الأردن فقط. فالدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين، والدول المؤيدة للحق الفلسطيني، والسلام العادل، عليها إيجاد آلية جديدة، تكون واشنطن خارجها. الإبقاء على "الأونروا" مهمة لا يمكن ولا يجب أن تفشل.

عن صحيفة الغد الأردنية