قضايا وآراء

كيف تنجو "مملكة الموز" كما تنبأ بها عادل الجبير؟

1300x600
استنكر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في معرض تعليقه على بيان وزيرة الخارجية الكندية التي طالبت بالإفراج عن نشطاء حقوقيين وناشطات نسائيات تم القبض عليهم في السعودية دون احترام لحقوق الإنسان، وانتفض قائلا: نرفض هذا البيان الكندي، وندين معاملتنا كأننا إحدى جمهوريات الموز!

وهنا تسارعت الأحداث، وقتلت السلطات السعودية صحفي سعودي في قنصلية بلده بتركيا، وتأكد لكل العالم أن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة متدهورة، كما لو كانت أسوأ من جمهوريات الموز!

ولولا فضل الله وتوفيقه للسلطات التركية في تناول القضية قضائيا وإعلاميا؛ لمرت عملية القتل كما مرت كثير من حوادث الاغتيال التي مارسها نظام المملكة من قبل في بيروت والأردن ومصر وسويسرا وفرنسا والمغرب، حيث تم الخطف والقتل، لذا نعتقد أن الخروج من المأزق الذي تسبب فيه المراهق ابن سلمان لا بد فيه من قرارات موجعة، لكنها ضرورية ولا تنازل عنها حتى لو استغرقت بعض الوقت:

‎أولا: تسليم المتهمين الـ18 إلى تركيا لاستكمال التحقيقات بدلا من تأكيد الجريمة عليها بالرواية التركية، وإلا فإن سلطات السعودية ستقوم بإعدامهم؛ ليس لأنهم قتلوا خاشقجي، لكن لأنهم فشلوا في ستر أنفسهم وإخفاء الجريمة كما يجب!

ثانيا: استبعاد الأمير المراهق من ولاية العهد لعدم أهليته؛ لحين البت في مصيره من قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي.

ثالثا: استعادة لحمة الأسرة المسيطرة على حكم البلاد، والتوافق على اختيار ولي للعهد مناسب للظرف الدولي.

رابعا: الإفراج عن المعتقلين السياسيين رجالا ونساءً، وكذا العلماء، من سجون المملكة؛ احتراما لحقوقهم وحرمة حرياتهم.

خامسا: وقف إطلاق النار في اليمن والبدء في حل سياسي والحيلولة دون استيلاء الإمارات على الموانئ اليمنية، وتعويض الشعب اليمني عما عاناه من تجويع وسجن وقتل آبائه، وترك اليمن لليمنيين.

سادسا: مراجعة السياسة الخارجية للمملكة التي جعلتها محل اتهام بدعم الاٍرهاب، ووقف الدعم المالي لأنظمة الاستبداد في مصر وليبيا وسوريا، ومراجعة موقف المملكة من النقاط الساخنة في الوطن العربي وأفريقيا؛ لدعم حقوق الإنسان والابتعاد عن التدخل في مصائر الشعوب.

هناك الآن من يتصور، بل يؤكد أنه ليس هناك أي خطوة ستتم في أي اتجاه مما ذكرت، مع التأكيد على قدرة النظام الدولي على تجاوز الأزمة وبقاء كل شيء على ما هو عليه، فهذا يؤكد - إن حدث - على تآمر دول الاستكبار العالمي (وليس السعودية فقط) على العدل والحريّة وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

ومما سيصعب الأمور على سيناريو بقاء الحال على ما هو عليه، وتجاوز قضية القتل الإجرامي في مكان المفروض أن يكون آمنا، هو أن مجرد وجود شبهة ارتكاب الجريمة في حق ولي العهد المراهق دون تبرئة حقيقية سيبقي حائلا ضد تطبيع علاقاته مع الخارج وسلطات دول العالم المختلفة، في ظل الضغوط الإعلامية والحقوقية على الرأي العام العالمي، فكيف سيتواصل خارجيا بينما بقاؤه في منصبه سيجعله أكثر سادية وعنفا وانتقاما في الداخل؟

كيف سيستمر النظام السعودي دون تغيير بينما تكال له اتهامات دعم الاٍرهاب في العالم؟ وهو ما فتئ يتهم غيره بدعم الاٍرهاب ويحرض عليه!

وأخيرا، ستخرج تركيا من هذه القضية مرفوعة الرأس؛ بتناولها للقضية بقوة، وقدرتها على كشف غموضها وفضح مرتكبيها وإجبارهم على الاعتراف، وحفاظها على القيم والأخلاق والأعراف الدولية، وهي تستحق ذلك على كل حال.

أعتقد أن ما ذكرته هو الحل الممكن الذي يمنح النظام السعودي الفرصة لإعادة صياغة نفسه أمام العالم، وهو ما يسمح له بتجاوز قضية القتل، ويجمل من وجهه دوليا وإقليميا إلى حين!