صحافة دولية

الغارديان: لماذا تحوّل خاشقجي من ناقد إلى تهديد؟

الغارديان: لم يكن خاشقجي مجرد ناقد بل إنه أصبح تهديدا على النظام السعودي- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب مارتن شولوف، يقول فيه إن اختفاء صحافي سعودي في تركيا ترك هزات قوية في أنقرة والرياض. 

ويقول شولوف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن خاشقجي فكر في المخاطر قبل أن يخطو إلى القنصلية السعودية في اسطنبول يوم الثلاثاء، وحاول الحصول على تطمينات من أصدقائه، وأعطى أرقاما لخطيبته للاتصال بها إن فشل في الخروج، وحصل على دعوة للعودة إلى السعودية من ولي العهد السعودي نفسه.

ويعلق الكاتب قائلا: "لاقتناعه بأنه لا تهديد عليه من ولي العهد السعودي القوي، وتحت ضغوط من والد زوجته بالحصول على وثيقة طلاق قبل عقد زواجه على ابنته، فإن خاشقجي اعتقد أن الاحتمالات كلها لصالحه".

ويشير شولوف إلى أنه "بعد خمسة أيام من ذلك، فإنه يبدو أن قرار المعارض المعروف للبدء في حياة جديدة قاد إلى وفاته، ولم يسمع من خاشقجي منذ ذلك الوقت، ومع مرور كل يوم فإن السلطات التركية باتت أكثر اقتناعاً بأنه لن يتم رؤيته مرة أخرى، فقد انتهت حياته على يد عملاء سعوديين كانوا بانتظاره، وقاموا بارتكاب عملية اغتيال مدعومة من الدولة في قلب اسطنبول". 

ويفيد الكاتب بأنه "بحلول يوم الأحد، فإن السلطات التركية جمعت قضية ضد العملاء السعوديين، التي تردد صداها بين أنقرة والرياض، بشكل وضع قوتين إقليميتين أمام صدام محتمل، لتؤكد ثمن المعارضة في زمن تتراجع فيه الحريات بشكل سريع".

ويقول شولوف إن "الاتهامات ضد الرياض مدهشة، فقد تعرض خاشقجي للتعذيب، كما يقول المسؤولون الأتراك، وتم تهريب جثته خارج القنصلية، وتم هذا كله دون معرفة الوكالات التركية".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "المسؤولين الأتراك المندهشين، أو الذين حدت السلطة السياسية من تصريحاتهم، التزموا بالصمت بشأن اختفاء خاشقجي، لكن هذا كله تغير يوم السبت عندما بدأت الصحافة التركية بنشر تقارير تستند إلى تصريحات مصادر تركية زعمت أن خاشقجي قتل على الأرجح".

ويبين شولوف أن المسؤولين من الجهاز التنفيذي والأمني أخذوا منذ ذلك الوقت يغذون الأخبار عن قضية لا تزال تحت التحقيق، مشيرا إلى أن المصادر داخل القنصلية ساعدت في تشكيل الفهم حول ما حدث، بالإضافة إلى مئات الساعات من سجلات الطيران، التي فصلت دخول وخروج 15 مسؤولا سعوديا، بحسب حلفاء لخاشقجي، والطريق الذي مشى فيه موكب خرج من القنصلية بعد دخول الصحافي إليها بساعات. 

وتنقل الصحيفة عن رئيس الجمعية الإعلامية العربية التركية توران كيسلاتشي، قوله: "لقد تبعوا السيارات ويعرفون ماذا حدث"، وأضاف توران، وهو صديق للصحافي المختفي: "لدينا التفاصيل كلها، إنه قتل"، مشيرا إلى أن خاشقجي عبر له عن مشاعره قبل زيارته المشؤومة، قائلا: "قال لي لست خائفا لعدم وجود أي تحقيق ضدي، بل على العكس فإن محمد بن سلمان طلب مني قبل فترة أن أكون مستشاره لكنني رفضت، وقلت هذا ضد مصلحة بلدي والمنطقة"، وأضاف: "كل ما يمكن أن يفعلوه هو التحقيق معي وسأجيب، ولا شيء لدي أخفيه". 

ويقول كيسلاتشي: "كان والد خطيبته قد فاجأه بضرورة الحصول على الأوراق المطلوبة ليتم استكمال إجراءات الزواج، وقد أعطاه أصدقاؤءه الموثقون في الولايات المتحدة تطمينات، وكان واثقا مما يفعله".

ويذكر الكاتب أن الرياض نفت بشكل قوي أي دور لها في اختفاء خاشقجي، وقال الأمير محمد يوم الجمعة: "لو كان في الرياض لعلمت"، فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه ينتظر نتائج التحقيق، ولم يريد على ما يبدو فتح المواجهة مع السعودية، وقال إنه "حزين" على اختفاء الصحافي، لكنه سينتظر حتى يتم الانتهاء من التحقيق. 

ويستدرك شولوف بأن "موقف الزعيم التركي يعكس التوازن الحساس في المصالح بين أنقرة والرياض، مثل الحصار الذي فرضته السعودية على قطر، ووضع الإخوان المسلمين، والانقلاب العسكري في مصر عام 2013، ولا تزال تركيا في صف قطر، مع أن المسؤولين يفضلون توجيه عدواتهم ضد الإمارات بدلا من السعودية، التي يحاولون ـن يحافظوا على علاقة محايدة معها".

ويجد الكاتب أنه "بالسماح لموظفي الدولة، لا المسؤولين المنتخبين، باتهام السعودية بشأن خاشقجي، فإن تركيا حددت معالم المعركة التي سيحاول  أردوغان لعبها مع تحضير المسؤولين الأمنيين لتقديم النتائج."

ويقول شولوف: "قد يحاول الزعيم التركي الحصول على تنازل مهم من ولي العهد السعودي، الذي يتهم عملاء بلاده بقتل عدو له على أرض أجنبية، إلا أن هذا يعتمد على وضع ولي العهد السعودي والضغط الذي سيواجهه، وبعد عام على اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي استدعاه ولي العهد إلى الرياض، وأجبره على التخلي عن ملايين الدولارات، كما فعل مع النخبة السياسية والتجارية التي احتجزها في ريتز كارلتون".

وينوه الكاتب إلى أن "ابن سلمان دفع منذ ذلك الوقت بالإصلاحات التي أرفقها بالقمع، وبالنسبة للمملكة فإن خاشقجي، وعبر منبره في (واشنطن بوست)، وعلاقاته مع صناع القرار في أمريكا وأوروبا، لم يعد مجرد ناقد بل إنه أصبح تهديدا". 

ويختم شولوف مقاله بالإشارة إلى أن "محاولة السعوديين إنكار أي معرفة بمكان خاشقجي وحرف الانتباه عنه مأخوذة من حيل الكرملين، وكذلك مزاعم موته".


لقراءة النص الأصلي اضغط هنا