ملفات وتقارير

كيف ضيعت القاهرة فرصة مشاركة إثيوبيا في إدارة سد النهضة؟

الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة لم يتوصل فيه إلى نتائج محددة- الأناضول

أكد خبراء وسياسيون أن إعلان وزارة الري المصرية مساء الأربعاء عدم توصل الاجتماع الثلاثي بين وزراء المياه والري بدول مصر وإثيوبيا والسودان لأية نقاط جديدة في ما يتعلق بسد النهضة، لا يعكس إطلاقا التصريحات الإيجابية التي رددها النظام المصري خلال الأيام الماضية حول السد.


وأكد الخبراء أن إثيوبيا في أضعف حالاتها في ما يتعلق بعملية السد الذي يشهد أزمات ومشاكل أدت لتوقفه، وأن عدم استغلال القاهرة لهذه الأزمة يشير إلى أن هناك خللا واضحا في إدارة الملف الأهم والأخطر بالنسبة للمصريين.


وفي بيان صحفي لها مساء الأربعاء، أعلنت وزارة الري المصرية، أن الاجتماع الذي عُقد على مدار يومين بالعاصمة الإثيوبية وضم وزراء الري والمياه في الدول الثلاث، بالإضافة لأعضاء اللجنة الوطنية البحثية المستقلة من الدول الثلاث والمكونة من 15 عضوًا، لم يتوصل لنتائج محددة.


وأشار البيان إلى أن وزراء الدول الثلاث جددوا الالتزام باستمرار المباحثات للتوصل في فترة وجيزة لاتفاق يرضي جميع الأطراف بشأن توقيت وأسلوب ملء بحيرة السد طبقا لاتفاق إعلان المبادئ.


ويعقد هذا الاجتماع تنفيذا لنتائج المباحثات الثلاثية بين كل من رئيس الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس السوداني عمر حسن البشير التي عقدت على هامش قمة بكين وأفريقيا التي عقدت بالصين في آب/ أغسطس الماضي، وكذلك القمة الثلاثية على هامش اجتماعات الاتحاد الأفريقي التي عقدت مؤخرا بأديس أبابا.


وفي تعليقه على المباحثات تساءل رئيس المجلس الأعلى للإعلام الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، في مقال نشره الأربعاء بجريدة الأهرام القاهرية عن طبيعة المباحثات الدائرة وخطورة الوضع المائي بمصر، محذرا من الدخول في دوامة المفاوضات والاتفاقيات والمباحثات ما يؤدي في النهاية لإطالة الموضوع والدخول في هذه المتاهة، مؤكدا أن الزخم السياسي بين مصر وإثيوبيا خلال الفترة الماضية، لم ينعكس على مفاوضات السد.


من جانبه يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل لـ "عربي21 " أن ملف إدارة سد النهضة يشهد أزمة حقيقة في مصر، التي يبدو أنها لا تعرف كيف تستغل الفرص المتاحة لإدارة هذه الأزمة، وكأن الموضوع لم يعد على رأس اهتمامات النظام السياسي.


ويشير الأشعل إلى أن إثيوبيا مرت خلال الأسابيع الماضية بأزمة خطيرة متعلقة بعمليات بناء وإدارة وتشغيل السد، ما دفع برئيس الوزراء الإثيوبي للإعلان صراحة عن توقف أعمال السد لعدم وجود خبرات محلية تقوم بتشغيله، ووجود أزمة بين الشركة الخاصة بعملية التشغيل التابعة لوزارة الدفاع وبين الحكومة الإثيوبية الجديدة، وهو ما كان يحتاج من الإدارة المصرية إلى استغلال ذلك في تحسين موقفها التفاوضي.


ويضيف الأشعل أن ما نتج عن اجتماع وزراء الري والمياه بالدول الثلاث، يؤكد أن الأمور لن تشهد أية تقدم وأن الحكومة الإثيوبية نجحت في امتصاص الغضب والقلق المصري دون أن تقدم شيئا ملموسا لها في الملفات الخلافية الأساسية وهي ملء السد وإداراته وتشغيله، وهو صلب الأزمة التي تعاني منها إثيوبيا.

 

اقرأ أيضا: #سد_النهضة يتصدر التواصل مجددا بعد فشل اجتماع أديس أبابا

ويؤكد الأشعل أن القضايا السياسية الهامة بين الدول لا تقوم على التصريحات الإعلامية وإنما تقوم على الاتفاقيات والتفاهمات التي يتم الاتفاق بشأنها وهو ما لم يحدث حتى الآن في سد النهضة، كما أن القاهرة لا تستغل حاجة الموقف السوداني للدعم المصري دوليا في أن تنضم الخرطوم لموقف القاهرة، بدلا من أن تنضم لموقف إثيوبيا.


ويضيف وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت لـ "عربي21" أن المشكلة ليست في استغلال نظام الانقلاب الأزمة الداخلية الإثيوبية وإنما في قناعة النظام المصري بخطورة السد على الوضع المائي لمصر.


ويؤكد حشمت أن النظام العسكري بمصر لا تعنيه مصلحة المواطن، وإنما يعنيه ما يحققه من مكاسب اقتصادية خاصة، وقبضة أمنية تمكنه من السيطرة على الحكم، بينما المشاكل الخطيرة مثل سد النهضة فهي لا تعنيه في شيء، بدليل أنه لم يستغل الفرص المتاحة الآن للضغط على إثيوبيا من أجل تحقيق مكاسب تقوي من موقفه التفاوضي.


ويشير حشمت إلى أن حكومة الانقلاب بدلا من أن تتخذ خطوات فاعلة للحفاظ على حق مصر بمياه النيل، لجأت للحل الأسهل وهو الضغط على المواطنين، بمنع زراعة الأرز، وغيرها من الزراعات التي تعتمد على المياه، وطالما أن الإجراءات سوف تصب في مصلحة العسكر الذين يقومون باستيراد البديل من الخارج، فإن موضوع السد لا يعنيهم في شيء.

 

اقرأ أيضا: هل يلجأ السيسي إلى "فنكوش" المياه الجوفية هربا من أزمة السد؟

وتساءل حشمت عن التناقض بين موقف الحكومة المصرية الخاص بعمليات الترشيد في المياه والضغط على المزارعين وتخريب الأرض الزراعية لتوفير المياه، بينما تبنى بحيرات صناعية على مئات الأفدنة وحمامات سباحة عالمية في العاصمة الإدارية الجديدة، وهو ما يؤكد أن مصالح الوطن وهموم المواطن ليست على قائمة أولويات هذا النظام.