ملفات وتقارير

هؤلاء سيدفعون الفاتورة الأكبر لتصعيد الرياض مع كندا

السعودية استدعت أكثر من 8000 آلاف طالب وعائلاتهم من كندا- جيتي

عكست الأزمة الدبلوماسية بين كندا والمملكة العربية السعودية سلوكا مكررا تمارسه الرياض في خضم معاركها السياسية، يتمثل في غياب الحسابات الإنسانية، وعدم مراعاة الآثار السلبية التي تترتب على مواطنيها جراء القرارات السريعة والحادة التي تتخذها.

وتثير الأزمة التي نشبت على خلفية قضية حقوق الإنسان في المملكة؛ أسئلة عن تداعياتها والمتضررين منها؛ وعلى رأسهم آلاف الطلاب السعوديين المبتعثين إلى كندا وعدد من المرضى السعوديين الذين يتلقون العلاج هناك.

وكانت السلطات السعودية استدعت 8200 من طلبتها يدرسون في جامعة كندا، وبرفقتهم 6400 من عائلاتهم. فيما تحدث التلفزيون السعودي عن "خطة عاجلة" لنقل هؤلاء الطلاب من الجامعات الكندية إلى جامعات دول أخرى. وهنا ينبغي التساؤل عما إن كان ممكنا تنفيذ القرار دون أن يتعرض المعنيون به للضرر.
وفي تحرك آخر، أصدر الديوان الملكي السعودي أمرا يقضي بـ"إيقاف علاج المرضى في كندا ونقلهم إلى دول أخرى حسب رغبتهم".

واندلعت الأزمة بعد أن نشرت السفارة الكندية في الرياض الجمعة تغريدات تبدي فيها قلقها من موجة الاعتقالات الجديدة التي استهدفت ناشطين؛ بينهم سمر بدوي شقيقة الناشط رائف بدوي المعتقل منذ 2012.

وفي تلك التغريدات طالبت السفارة بالإفراج فورا عن الناشطين المعتقلين، وجاء الرد من الخارجية السعودية التي رأت في هذا الموقف تدخلا "سافرا" في شؤون المملكة الداخلية.

وعلق الكاتب الصحفي جابر الحرمى على الموضوع بالقول، إن السعودية تخوض مغامرات سياسية بلا حسابات، ودون استراتيجيات واضحة  للخروج من الأزمات التي يتم افتعالها. 


وقال الحرمي لـ"عربي21" إن الجوانب الانسانية ظهرت في الأزمات التي تخوضها السعودية ليس فقط في موضوع كندا، وإنما ظهرت بشكل أكثر وضوحا خلال حصار قطر عندما منع الشعب السعودي من التواصل مع أهله وأقربائه في قطر، مقابل منع القطريين من زيارة السعودية.


وأردف قائلا: "هناك آلاف السعوديين من طلبة الجامعات والدراسات العليا، وأسر مقيمة في كندا إلى جانب حالات إنسانية من مرضى يتلقون العلاج(..)، لم يتم الالتفات إلى كل هؤلاء، وتم اتخاذ قرار قطع العلاقات بين يوم وليلة ولم يأخذ في الحسبان مصير هؤلاء ولا مستقبلهم خاصة أن بينهم من قضوا سنوات عديدة في كندا وأوشكوا على التخرج من الجامعات وهو ما قد يحدث إرباكا لهم على كافة المستويات خاصة أن السعودية على الأرجح لن تتكفل بالخسائر التي ستلحق بهؤلاء".
 
وأضاف الحرمي وهو رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية: "الدول التي لا تقيم حسابا لشعوبها ومستقبله هي دول خاسرة وبعيدة تماما عن شعوبها ويفصلها حاجز كبير عن نبض وآمال الشراع، وتابع: "السعودية لم تسأل نفسها حين قررت المقاطعة ما مصير هؤلاء الطلبة، خاصة أن هناك آثارا مادية ونفسية كبيرة ستلحق بهؤلاء الطلبة فالكثير منهم تعود على بيئة تعليمية معينة، ونقله لجامعات أخرى سيصيبه بحالة من الإرباك، فضلا عن التكلفة المادية الكبيرة، فلا أعتقد أن تقوم السعودية بتحمل هذه الأعباء خاصة في ظل حالة الاستنزاف المالي والوضع الاقتصادي الذي تعيشه التي تعيشها على ضوء مشاركتها في الحرب على اليمن".

 

اقرأ أيضا: افتتاحية عاصفة لـ"واشنطن بوست" عن أزمة الرياض وكندا

 

وتساءل الحرمى عن موقف السعودية من تصريحات سابقة للإدارة الأمريكية حول ذات الموضوع وقال: "ترامب وجه أكثر من مرة انتقادات للسعودية على خلفية أوضاع حقوق الإنسان فيها، والخارجية الأمريكية أصدرت قبل نحو شهرين تقريرا مطولا حول أوضاع حقوق الانسان في المملكة ووجهت انتقادات، في موضوع الاعتقالات، لكن السعودية لم تصدر أي تعليق على هذه التقرير، بينما ردت بحدة كبيرة ومفاجئة على  ما صرحت به كندا في هذا الخصوص".


ورأى الحرمى أن السعودية تعيش نزيفا في علاقاتها الداخلية والخارجية، وهي خاسرة من ردة فعلها تجاه الموقف الكندي، لأنها ظهرت على أنها تحارب كل من يتحدث عن الحريات ويطالب بضمان حقوق الانسان، وأظهرت نفسها دولة قمعية ترفض الانتقاد، بينما هي نفسها (السعودية) تتدخل في شؤون دول أخرى، و تشن حروبا في أكثر من مكان وتدعم انقلابات عسكرية كما حدث في مصر".


من جهة أخرى أثارت تصريحات منسوبة لوزير التربية والتعليم السعودي أحمد العيسى ردود فعل غاضبة ، حينما قلل من الآثار المترتبة على قرار المملكة القاضي باستدعاء الطلبة والمبتعثين السعوديين في كندا.

 

اقرأ أيضا: السعودية تطرد سفير كندا وتتخذ حزمة إجراءات ضدها.. تفاصيل


وقال العيسى على حسابه بتويتر: "أود أن أطمئن أبناءنا الطلاب المبتعثين في كندا بأن حكومتكم حريصة على مستقبلكم العلمي، سنعمل على توفير كل التسهيلات الممكنة ليكون انتقالكم سهلاً وميسوراً إلى جامعات دولية أو محلية وفق تخصصاتكم العلمية".


لكن الكاتب محمد الحفظي اعتبر تصريحات الوزير" مستفزة"، وأنها لم تراع حجم المأساة الكامنة في نفوس الطلاب، داعيا إلى التروي وعدم الاستعجال على أمل حل الأزمة الدبلوماسية بين المملكة وكندا.

 

.