قضايا وآراء

ثالوث الشر .. وقراءة في المستقبل

1300x600
لا أحد يشكك في سوداوية اللحظة التي يمر بها عالمنا العربي، خاصة بعد الانتكاسات القاسية المتتالية التي طالت دوله، بدءاً من إنهاء ربيعه المحزون.

كذلك لا أحد يشكك في الدور الخبيث لمحور الشر (أمريكا- الإمارات- السعودية) في ما وصلنا إليه من التآمر بكل وسيلة على الشعوب وحلمها وربيعها.

لذا، فإن التساؤل شديد المرارة الذي يتداول على ألسنة متابعي الشأن العربي: هل ثلاثية القوة والنفوذ والمال ستكتب تاريخنا إلى ما لا نهاية؟!

الإجابة بملء الفم: لا، وثمة أحداث متتالية تبشر بأن الحاضر يتجه إلى مغالبة أولئك الخونة الغدارين.

.. الانتخابات الأمريكية وما صاحبها من لغط وما زال، ثم كانت نتائجها التي أثمرت "التحفة" ترامب؛ الذي ربما يكتب له التاريخ وضع بذور تفكك وانهيار هذا الكيان العملاق، كما سجَّل عليه إحراج ديمقراطيتها العتيدة وجرح مبادئها المُدّعاة.

غُبَار هذه الانتخابات لم يزل ينال الموتور محمد بن زايد، كما أن السلوك الأحمق لترامب شوه المملكة وجلل غلامها (ابن سلمان) بالعار، وما زال الحليفان يتلقيان الصدمات هنا وهناك داخليا وخارجيا، ولعل في ذلك بشارة بخريف قطبي الغدر اللذين تأمرا وأجهضا ربيع الشعوب العربية.

في ذات السياق، هناك حدثان يدعمان ذات البشارة؛ الحدث الأول هو التغيير الحدي الذي طال المشهد في ماليزيا، والذي ستكون له تداعياته على محور الشر أكبر من مجرد معاقبة الشعوب للسلوك الإماراتي السعودي الأمريكي.

الحدث الثاني، وهو الأقسى والأخطر، هو نتائج الانتخابات الرئاسية المفصلية في تركيا التي مثل فيها انتصار أردوغان وتحالف حزب العدالة والتنمية هزيمة عنيفة لذلك المحور المأفون.

هاتان الخطوتان قد تؤهلان المنطقة لهزيمة أخرى لثالوث الشر داخل المربع العربي، وربما في إحدى دولتيه في المنطقة. فالسعودية نفسها تعيش على صفيح ساخن وغضب مكتوم، ونظامها يمارس أقصى درجات الاستفزاز تجاه شعبه ومراكز القوة فيه، وتجاه كل شعوب المنطقة.

ما الذي يمكن أن يحدث؟ وماذا يحمل مستقبلنا القريب؟.. هل ننتظر عودة محمودة للشعوب ذاتية أو كردات فعل؟!

هل تنتفض الشعوب فتعيد رسم الخرائط وتزيل كل السوءات والكوارث والخطوط السوداء التي تورط فيها ابن زايد وابن سلمان وثالثهما ترامب؟!

الشعب الأردني أخذ زمام المبادرة، وما زال حراكه في طور التطور والنضج. هل تبدأ الشرارة من هناك؟!

هل تكمن هزيمة ذلك الثالوث (السعودية- الإمارات- أمريكا) في إحدى دول العرب الكبرى التي يتغير بتغيرها وجه المنطقة بالكامل؟!

هل تكون مصر هذه المرة هي باكورة الحراك ولغم الانفجار؟!

الشعب المصري في أعلى درجات احتقانه، ولا يمنعه من الثورة إلا حالة الخوف من جنون ودموية نظام الانقلاب المدعوم تخطيطاً وتمويلاً ورعاية من ثالوث الشر.

 تأخر الحراك الشعبي في مصر سببه المباشر يعود لغياب الطليعة الجادة، خاصة مع نخبة كسولة مفتتة تحوي عباءتها كثيرا من الخلافات وربما متآمرين وخونة.

التيار الإسلامي، وهو وقود الحراك الرئيسي في مصر وصاحب الراية النزيهة، يعاني هو الآخر من أزمة قيادة، ويواجه نفسه وقيادته ربما بما هو أشرس من تحديات مواجهة الانقلاب.

ترددية القرار والميوعة بين المحافظة على الرصيد في استسلام مُذِل وبين المخاطرة في جدية طلب التغيير، ربما كانت الخطيئة الكبرى التي لم تجد من يحسمها في قيادات الإسلاميين الحالية.

..الهروب والتسكع في ميدان الجد والدوران بدونية في فلك ضباب ليبراليي الغفلة وإلقاء التهم على الشعب والاعتذار به.. تمثل جميعها مع ما سبق خطايا اللحظة وكوارث الواقع التي تحول بين الإسلاميين وما يتوجب عليهم فعله؛ وفاء لواجبهم وأداء لأمانة اللحظة شعبياً وأخلاقياً ودينياً.

يبدو أن الواقع سيتجاوز هذه النخب البليدة، ويصبح قدر الشعب المصري أن يملك زمام المبادرة ويتجاوز الخونة والمرتعشين والمترددين.

تساؤل اللحظة يدور حول: ما هو الشيء الذي يمكن أن يفجر طاقة الغضب الكامنة في جو الخوف وسحابة الرعب التي يحياها الشعب المصري ويتلحف بها؟!

أمران أحدهما داخلي والآخر خارجي يمكنهما أن يقشعا هذه الحالة لفك عقال هذا الشعب "المربوط"!

داخلياً.. قد تنطلق الشرارة من تجمعات العمال المنتشرة والمؤثرة في الداخل المصري، شيء مشابه لحالة الانفجار الجليدي الذي بدأت به الثورة التونسية.

خارجياً.. يجب أن يكون للحدث ضوضائية وقوة تحرك الجماهير تفاعلاً وحراكاً، ويرقبه النظام خوفاً وفرقاً، فتتغير طبيعة المعادلة. في كل الأحوال يجب ألا أن ننسى أن ثورة يناير ما كانت لتحدث ولا تقوم لولا أن سبقتها الثورة التونسية بجرسها وأحداثها، ومن ثم توالت ثورات وحراك الربيع العربي موجات بعضها تأثر ببعض بطريقة التتابع.

أياً كان المؤثر وأياً كان مصدر الشرارة، فربما تتأثر الحالة المصرية فقط، وربما نشهد ربيعاً عربياً ذكياً عنيفاً هذه المرة يعيد صياغة المنطقة برمتها ويمحو كل مظاهر العمالة والخيانة والاستبداد فيها.

لا أحد يملك التنبؤ بأسباب التغيير في الواقع العربي غداً، إلا أن يقيناً في حدوث تغيير كامل وفعال لا شك فيه.

ولا يعنيني أن يقيني هذا سيرفضه كل طاغية ويشكك فيه كل بليد!!