كتاب عربي 21

نقص الطاقة والعجز التجارى التركي

1300x600
مع التزايد المستمر في الصادرات السلعية التركية، والتي زادت قيمتها من 28 مليار دولار عام 2000 إلى 157 مليار دولار في العام الماضي، يظل السؤال حول أسباب استمرار العجز في الميزان التجاري التركي، والمستمر منذ سبعين عاما بلا انقطاع.

وأحد الأسباب الرئيسية لهذا العجز هو تدني نسب الاكتفاء الذاتي من موارد الطاقة، والتي تصل لحوالي 5 في المئة للنفط و1 في المئة للغاز الطبيعي و47 في المئة للفحم، ما يتطلب استيراد كميات كبيرة من الوقود لتغطية استهلاك نحو 81 مليون فرد من السكان، بخلاف المهاجرين من سوريا والسياح الواصلين لتركيا، والذين زاد عددهم على الثلاثين مليون سائح منذ عام 2008، وتجاوز عددهم الأربعين مليون سائح عامي 2014 و2015.

وفي العام الماضي، بلغ استهلاك تركيا من الطاقة الأولية 158 مليون طن بترول مكافئ، لتحل في المركز السادس عشر في استهلاك الطاقة بين دول العالم. وجاء هذا الرقم لاستهلاك الطاقة بنمو 10 في المئة عن العام الأسبق، وهو النمو المستمر منذ عام 2017 بلا انقطاع، سوى تراجعه المحدود عام 2013 فقط، حين انخفض معدل النمو الاقتصادي وقتها بنحو 1 في المئة.

وتضمن التوزيع النسبي لاستهلاك الطاقة بتركيا حسب أنواع الطاقة: النفط بنسبة 31 في المئة، وكلا من الفحم والغاز الطبيعي 28 في المئة، والطاقة الكهرومائية 8 في المئة، والطاقة المتجددة 4 في المئة، مع عدم وجود طاقة نووية في تركيا حاليا.

استيراد نفط خام ومشتقات

وكان التوزيع النسبي لموارد الطاقة عام 2010 قد تضمن استحواذ الغاز الطبيعي على نسبة 32 في المئة، والفحم 31 في المئة، والنفط 26 في المئة، والطاقة الكهرومائية 11 في المئة والطاقة المتجددة 1 في المئة، وهو ما يشير لتراجع النصيب النسبي للفحم الأكثر تلويثا للبيئة وزيادة نصيب الطاقة المتجددة.

وحسب شركة البترول البريطانية، فقد بلغت كميات النفط المستهلكة في تركيا العام الماضي 1.007 مليون برميل نفط يوميا، بينما كان الإنتاج اليومي من الخام من داخل تركيا 49 ألف برميل فقط، مما دفعها لاستيراد 520 ألف برميل نفط خام يوميا لتكريره محليا، مع بلوغ طاقة التكرير المحلية 596 ألف برميل يوميا.

لكن هذا لا يكفي لمواجة الاستهلاك من المنتجات النفطية، ما دفعها لاستيراد 556 ألف برميل يوميا من المشتقات، حسب أوبك، وهو وضع متوقع استمراره مع صغر حجم الاحتياطيات النفطية، والتي تبلغ 389 مليون برميل فقط، مما يضعها بمركز متأخر بالاحتياطيات النفطية بدول العالم بالمركز الرابع والخمسين.

ويتشابه الأمر في الغاز الطبيعي، حيث لم تنتج سوى 381 مليون متر مكعب سنوىا، حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وبالمركز الثالث والسبعين دوليا، بينما بلغ استهلاكها من الغاز الطبيعي العام الماضي 54 مليار متر مكعب، حسب أوبك، لتقل نسبة الاكتفاء الذاتي عن 1 في المئة، ما دفعها لاستيراد 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وهو وضع مرشح للاستمرار مع ضعف الاحتياطيات التركية للغاز الطبيعي، والتي بلغت 19 مليار متر مكعب، أي أن الاحتياطيات لا تكفي لاستهلاك نصف عام.

ارتباط العجز بسعر النفط

وبالنسة للفحم، بلغ الإنتاج المحلي العام الماضي 21 مليون طن بترول مكافئ، لكن استهلاك العام من الفحم بلغ 45 مليون طن.

ومنذ عام 2007، ظل النصيب لقيمة واردات الطاقة يدور حول نسبة 20 في المئة من إجمالي قيمة الواردات السلعية، وتزيد النسبة مع ارتفاع أسعار النفط والغاز، حيث بلغت أكثر من 25 في المئة عام 2012، وهو ما يشير للارتباط بين ارتفاع قيمة العجز التجاري في أوقات ارتفاع سعر النفط، وتراجع العجز بتراجع أسعار النفط، وهي علاقة أمكن رصدها منذ عام 1990.

وزادت قيمة العجز التجاري في الفترة ما بين عامي 2001 وحتى 2008، ارتباطا بزيادة أسعار النفط بتلك السنوات، وتراجعت قيمة العجز التجاري عام 2009 مع تراجع سعر النفط، ثم عودة ارتفاع العجز ما بين 2010 وحتى 2013 مع ارتفاع سعر النفط. ثم تراجع العجز من 2014 وحتى 2016، مع انخفاض سعر النفط، تلاه زيادة العجز التجاري العام الماضي مع زيادة سعر النفط لخام برنت إلى 54 دولارا للبرميل مقابل 44 دولارا.

وفي عام 2015 استحوذ العراق على نسبة 41 في المئة من واردات خام النفط التركية، وإيران 20 في المئة، وروسيا 11 في المئة، والسعودية 9 في المئة، وكل من كولومبيا وكازاخستان 3 في المئة.

وفي العام الماضي بلغت الكميات المستوردة من الغاز الطبيعي، حسب شركة البترول البريطانية، 54 مليار متر مكعب؛ كان معظمها عبر الأنابيب، من ثلاث دول، هي روسيا وإيران وأذربيجان، بكميات بلغت 43 مليار متر.

واستوردت غازا مسالا عبر الناقلات؛ كميته 11 مليار متر مكعب، من أكثر من سبع دول، تصدرتها الجزائر ونيجيريا وقطر.