سياسة عربية

هكذا اعترفت الحكومة المصرية بارتكاب جرائم في سيناء

مدينتا رفح والشيخ زويد من أكثر المناطق في سيناء تعرضا للكوارث على يد السلطات المصرية- أ ف ب

فيما يعد اعترافا بالإجراءات القمعية التي اتخذها نظام الانقلاب بمصر ضد مواطني شمال سيناء وعزلهم عن العالم منذ بداية العملية العسكرية الموسعة بسيناء في شباط/ فبراير الماضي، أعلن مدير أمن شمال سيناء، اللواء رفعت خضر، تسليم آلاف الهواتف المحمولة التي سُحبت من الأهالي مع بدء العملية العسكرية.


إعلان خضر جاء خلال مؤتمر شعبي عقده محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الفتاح حرحور وعدد من القيادات العسكرية والأمنية بالمحافظة، بمقر المدينة الشبابية بالعريش الأحد الماضي، وهو المؤتمر الذي أعلن فيه رئيس أركان قطاع تأمين شمال سيناء العميد شريف العرايشى السماح بتموين السيارات بعد توقف استمر أربعة أشهر، حيث تم السماح بتموين الملاكي بـ 20 لترا كل أسبوعين، وسيارات الربع نقل بـ 30 لترا كل أسبوعين، وأنه من يخالف ذلك سيعامل معاملة الإرهابي.


وأعلن محافظ شمال سيناء بنفس المؤتمر السماح للصيادين بالصيد داخل مياه البحر بعمق 500 متر فقط لأول مرة بعد توقف 4 شهور، وصرف 2000 جنيه (112 دولارا) إعانة عاجلة للصيادين و500 جنيه (28 دولارا) لأصحاب المهن غير المنتظمة تعويضًا لهم خلال الفترة التي أعقبت العملية الشاملة من توقف أعمالهم.

 

اقرأ أيضا:  واشنطن بوست: هذه دلائل ضعف السيسي وتنامي معارضته

هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية بعد أربعة أشهر من الحصار والعزل بحجة مواجهة التنظيمات الإرهابية بسيناء، جاءت بعد تقرير موسع لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن الأوضاع المأساوية لأبناء سيناء من تجويع وتهجير وعزل عن العالم الخارجي، وهو ما اعترضت عليه الخارجية المصرية نافية تعرض أبناء سيناء لمثل هذه التجاوزات.


وطبقا لشهادات حصلت عليها "عربي 21" من عدد من السيناوية الموجودين في محافظات أخري، واستطاعوا التواصل مع ذويهم مؤخرا فإن مدينتي رفح والشيخ زويد من أكثر المناطق التي تعرضت للكوارث علي يد السلطات المصرية.


ويشير "عبد الله أبو سالم" أنه تواصل مع أهله منذ يومين بعد انقطاع أربعة أشهر، وقد أخبروه أن القوات المسلحة أجبرتهم علي ترك منزلهم وأرضهم بمدينة رفح، وفي البداية وعدتهم بتعويضهم بأرض ومنزل غيرهم بالإضافة لتعويض مادي، ولكنهم رفضوا إخلاء منزلهم وترك أرضهم فتم إخراجهم بالقوة وهدم المنزل على ما فيه من أثاث ومتاع، ثم تم ترحيلهم لمدينة أخرى.


ويؤكد أبو سالم أن عددا من أبناء عائلته تعرضوا للاعتقال والتعذيب داخل مقار الأمن الوطني وداخل الكتائب العسكرية التابعة للجيش لإجبارهم على التوقيع عن التنازل وقبول التعويض الذي تقرره الحكومة، وهو نفس ما تكرر مع عدد آخر من جيرانه.


ويضيف أبو سالم أن عددا من زملائه وأصدقائه الذين رفضوا إجراءات الجيش تم اعتقالهم ونقلهم لسجن العزولي الحربي بمدينة الإسماعيلة وحتي الآن لا يعرف أحد عنهم أي شيء، وقد تلقى أهاليهم تحذيرات من المخابرات الحربية من التحدث عنهم إن كانوا يريدون رؤيتهم مرة أخرى.

 

اقرأ أيضا: ما علاقة إنشاء منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر بـ"صفقة القرن"؟

ويضيف الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ "عربي 21" أن القرارات التي اتخذتها محافظة شمال سيناء والقيادات العسكرية المسؤولة عن العملية العسكرية بإعادة الهواتف المحمولة والسماح بتموين السيارات الملاكي والربع نقل فقط، والسماح بالتنقل يومي الخميس والجمعة خارج شمال سيناء دون تنسيق أمني يؤكد ما جاء في التقارير الدولية عن الكوارث التي يتعرض لها المواطنون بسيناء.


وأوضح الشرقاوي أن هذه الإجراءات تعد تأكيدا لما جاء في تقرير منظمة هيومين رايتس ووتش عن الأوضاع المأساوية بسيناء وحرب الإبادة التي يشنها جيش السيسي هناك لصالح صفقة القرن المزعومة، وبالتالي فإجراءات التخفيف فضحت كذب الحكومة المصرية بأنها لم ترتكب تجاوزات في حق أبناء سيناء.


وأكد الخبير العسكري والأمني أن انتقادات كثيرة وجهها قيادات عسكرية لها ثقل لوزير الدفاع عن العملية العسكرية سيناء 2018، خاصة أن العملية لها جيش وقيادة خاصة تتبع السيسي مباشرة وهو ما منحها قوة غاشمة في التنكيل بأبناء سيناء، وهو ما اعتبره العقلاء من العسكرين يمثل خطرا على علاقة الجيش بأبناء سيناء والتي كانت تتسم بالقبول والاحترام على عكس علاقتهم بالشرطة.


وأشار الشرقاوي إلى أن النتائج التي حققتها العملية حتى الآن لا تذكر بالمقارنة بالإمكانيات العسكرية والمادية لها، إضافة للدعم السياسي والإعلامي التي حصلت عليه، ولا يمكن لأحد من قيادات الجيش أن يعلن خلو سيناء من أتباع تنظيم الدولة، ما يؤكد أن الهدف كان أكبر بكثير من محاربة داعش.


وتوقع الشرقاوي أن تشهد الأيام المقبلة الكشف عن تجاوزات الشرطة والجيش تجاه أبناء شمال سيناء بشكل مفصل ومدعوم بالوثائق والصور، خاصة أن إجراءات عزلهم عن العالم الخارجي لم تحقق نجاحا بشكل قاطع، وأنه في حالة حدوث ذلك والتأكيد من تجاوزات جيش السيسي فمن حق أبناء سيناء محاكمته دوليا بتهمة التطهير العرقي والإنساني.