سياسة عربية

تصريحات فاروق الباز حول الحجاب والميراث تثير غضب شيوخ الأزهر

عالم أزهري: الإسلام جاء ليؤكد مشروعية الحجاب باعتباره فرضا دينيا- أرشيفية

أثارت التصريحات التي أدلى بها العالم المصري الجيولوجي، فاروق الباز، حول عدم فرضية الحجاب، ومطالبته بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، غضب كثير من شيوخ الأزهر الذين، طالبوه باحترام التخصص، وعدم الخوض في الأمور الدينية دون علم.

 

وكان الباز، وهو عضو في المجلس الاستشاري لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أدلى بتصريحات صحفية يوم الاثنين الماضي، قال فيها إن الحجاب ليس جزءا من الإسلام الحقيقي، وإن المرأة يجب أن تتساوى مع الرجل في كل شيء، حتى في الميراث، الأمر الذي أثار جدلا واسعا وردود فعل غاضبة في أوساط المتخصصين.

 

إسلام غربي

 

وتعليقا على تصريحات الباز، قال أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، إن فاروق الباز قامة وقيمة كبيرة يعتز به المصريون جميعا، لكن هذا التقدير منبعه تفوقه العلمي في مجال علوم الجيولوجيا.

 

وأضاف كريمة، في تصريحات لـ "عربي21"، أنه على الجانب الآخر فإن التخصص العلمي فريضة دينية وعقلية، ويجب على الجميع احترام التخصص في العلوم الشريعة مثلما يحترمون التخصص في العلوم الأخرى مثل الطب والهندسة والاقتصاد وغيرها، ولا يكون التصدي للمسائل الشرعية مستباحا لغير المتخصصين، مشددا على رفضه لتناول فاروق الباز لتفسير القرآن أو الأمور الفقهية؛ لأنه غير مختص.

 

وشدد على أن ارتداء المرأة المسلمة للحجاب هو فريضة من الله عز وجل، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن"، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"، لافتا إلي أن هذه النصوص تؤكد على وجوب الحجاب على كافة النساء المسلمات، تثاب من ترتديه، وتعاقب من تتركه.

 

وتابع الشيخ أحمد كريمة: "أما فقه المواريث وطريقة توزيع ميراث الشخص المتوفى، فإنها ثابتة في القرآن الكريم، وهي من النصوص القطعية التي لا تقبل تعديلا ولا تأويلا"، لافتا إلى أن آيات القرآن واضحة تماما في تقسيم أنصبة الميراث.

 

وتساءل: هل يجرؤ فاروق الباز أو غيره ممن يتجرأون على نصوص الشريعة الإسلامية أن يتكلموا عن العقيدة أو النصوص المسيحية أو اليهودية؟، مضيفا: "لماذا الإسلام هو الذي يتحدث في أموره كل من هب ودب؛ بحجة أن التفكير والتجديد متاح للجميع.

 

وأضاف كريمة أن هناك نموذجا للإسلام الغربي يتم الترويج له في المنطقة العربية عن طريق من يدعون أنهم ليبراليون وعلمانيون، لكن هذا النموذج يصطدم بالعديد من ثوابت الدين، ولن يسمح علماء الأزهر بفرضه على الأمة؛ لأن الأزهر الشريف هو الجهة الوحيدة، وفقا لنصوص الدستور، المنوط بها توضيح صحيح الدين الإسلامي.

 

أصوات يجب تجاهلها

 

من جانبه، قال رئيس الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، جمال قطب، إن العالم فاروق الباز علما مرموقا في مجال الجيولوجيا يحظى باحترام كبير في مصر والعالم العربي، لكن في الوقت ذاته يعلم الجميع أنه لا علاقة له بعلوم القرآن أو الشريعة الإسلامية أو اللغة العربية، ولا يحق له التحدث عن فرضية الحجاب أو تعديل فقه المواريث.

 

وأضاف قطب، في تصريحات لـ "عربي21"، أن مثل هذه الأصوات التي تتحدث في الدين بغير علم لا ينبغي أن يُأبه لها، ولا يجب أن نعيرها أي اهتمام، حتى لا نزيد من الجدل حولها، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الناس ما زالت حتى الآن تأخذ دينها من المتخصصين الذين يثقون فيهم وفي علمهم.


وحول ادعاءات بعض الليبراليين بأنه من حق الجميع إبداء رأيه في المسائل الدينية، وأن الاجتهاد ليس حكرا على أحد، قال قطب إن باب الاجتهاد في الإسلام مفتوح للمتخصصين فقط، الذين يملكون أدوات الاجتهاد من علوم شرعية ولغوية تمكنهم من استنباط الأحكام وفهم المقصود من النصوص الدينية.


وتابع: وسائل الإعلام في بعض الأحيان تستغل السقطات أو تدفع الضيوف إلى الخوض في مسائل غير متخصصين فيها، وتقوم بالتركيز عليها لإثارة اللغط، وتحقيق نسب مشاهدة عالية، مؤكدا أن ما حدث في تونس العام الماضي من مساواة الرجل بالمرأة في الميراث هو مخالف للشريعة الإسلامية باتفاق علماء المسلمين في تونس وخارجها، وعلى الرغم من إقرار مفتي تونس لهذا التشريع الغريب.

 

وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الحجاب أقرته شريعة اليهود والمسيحية من بعدها، وإن الإسلام جاء ليؤكد مشروعية الحجاب باعتباره فرضا دينيا.

 

وأضاف مهني، في تصريحات له، الثلاثاء، أنه يجب على الدكتور فاروق الباز أن يتوجه بالتوبة إلى الله، لأنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، مشددا على أن المواريث أحكام ثابتة وواضحة في نصوص القرآن، ولا تقبل التشكيك فيها؛ لأن تعديل المواريث يعد انتهاكا لأحكام الشريعة وخروج عن شرع الله تعالى.