ملفات وتقارير

الجزائر تحتضن اجتماعا رفيعا لمكافحة تمويل "الإرهاب"

الاجتماع يستمر يومين متتاليين وتشارك فيه 30 دولية- عربي21

دعت نحو 30 دولة أوروبية وإفريقية، إضافة إلى الأمم المتحدة، ومنظمات دولية مختصة بمحاربة الإرهاب، اجتمعت الاثنين، بالجزائر، إلى تبني استراتيجية مشددة وصارمة ضد تمويل الإرهاب.


وقال وزير الشؤون الخارجية، بالجزائر، عبد القادر مساهل لدى افتتاحه أشغال الاجتماع الرفيع المستوى حول مكافحة تمويل الإرهاب، الذي ينتظم ليومين، غرب العاصمة، الجزائر، إنه "لقاء جد هام ويشهد مشاركة أكثر من 30 دولة إفريقية ومنظمات دولية مختصة في مكافحة الإرهاب، ويأتي تنظيمه تنفيذا لقرار قمة الاتحاد الإفريقي في 2014".


وأضاف مساهل: "سيتم خلال اللقاء دراسة كيفية التنسيق بين الدول وتبادل الخبرات والمعلومات فيما بينها بخصوص قضية تمويل الإرهاب التي أصبحت اليوم جد هامة خاصة بالنسبة للقارة الإفريقية".


ويشكل تمويل الإرهاب، واحدة من المعضلات الأمنية التي تواجهها الحكومات، خاصة بأفريقيا وبالتحديد بمنطقة الساحل الصحراوي.


وتنشط بهذه المنطقة، ما لا يقل عن خمسة تنظيمات مسلحة على الحدود بين الجزائر ومالي والنيجر، منها: تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي يتزعمها عبد المالك دروكدال، المدعو أبو مصعب عبد الودود، وجماعة أنصار الدين التي يتزعمها المالي إياد غالي، والمرابطون التي يقودها مختار بلمختار، وهم جلهم، مبحوث عنهم دوليا.


وبالإضافة إلى محاربتها الجماعات المسلحة، تشن جيوش منطقة الساحل، على رأسها الجزائر ومالي والنيجر، حربا على المهربين وشبكات الإتجار بالبشر وتجار المخدرات، الذين يعتقد أنهم يشكلون أهم مصدر مالي للجماعات المسلحة بالمنطقة.


السلاح والنفط والمخدرات

 
ويعتقد رئيس دار الأبحاث في الشؤون الأمنية، بالجزائر، أكرم شفيق، بتصريح لصحيفة "عربي21"، الاثنين، أن "التنظيمات المسلحة، في أوروبا وأفريقيا، لم تعد تعتمد على أموال الفدية فقط لشراء الأسلحة وتمويل أنشطتها الإجرامية، لكنها وجدت في العديد من المناطق، شركاء تجمعهم مصلحة مشتركة وهم شبكات الإتجار بالبشر والمهربين وتجار المخدرات".


وتابع شفيق: "إن العنصر الأهم، في هذا الملف يتعلق بمدى استعداد الحكومات للتخلي عن تمويلها للإرهاب، بطريقة غير مباشرة، من حيث انتقل تمويل الإرهاب من الفدية وأموال المخدرات إلى الاعتماد على مداخيل النفط، التي تدر على التنظيمات المسلحة قرابة مليار دولار سنويا".


واعتبر الخبير أن "مرحلة ما بعد سقوط القذافي كشفت تطورا هائلا بمنابع تمويل الإرهاب من خلال استرجاع المجموعات المسلحة ترسانة أسلحة متطورة من مخازن نظام القذافي وأيضا سيطرتها على حقول النفط".


وبحسب شفيق، فإن "متاعب الدول الأفريقية تضاعفت منذ تلك الفترة، بظل هيمنة تنظيم داعش، على المشهد العام لمحاربة الإرهاب دوليا، بينما خضغت آلية محاربة الإرهاب لأجندات دولية ألغت فكرة المفهوم الموحد للظاهرة، وبالتالي انتهاج حكومات، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، قوائم لتنظيمات تقول إنها إرهابية، بينما لا تعتبرها حكومات أخرى كذلك، على غرار حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين وحزب الله بلبنان".


11 موردا ماليا

 
ونقل وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، عن "تقرير دولي نشر في فيفري 2018"، بأن "أنشطة الإجرام المنظم تمثل 3.6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في الدول الـ15 بمنطقة غرب إفريقيا". فيما أحصت "المجموعة الحكومية المشتركة للعمل ضد تبييض الأموال، بإفريقيا الغربية، 11 موردا ماليا يتغذى منه الإرهاب".


وقال مساهل إن "المشاركين باجتماع الجزائر سيعكفون على بحث التحديات الحقيقية في مجال مكافحة تمويل الإرهاب إضافة إلى مواضيع راهنة عديدة في إفريقيا مثل تجفيف مصادر التطرف العنيف والإرهاب والعلاقة بين المتاجرة بالمخدرات والأسلحة والبشر بظاهرة الإرهاب".


واللافت أن هذا النوع من الاجتماعات، احتضنته الجزائر في العامين الأخيرين عدة مرات. وينتهي كل اجتماع بتوصيات تدعو إلى اليقظة حيال الإشكالات الجديدة لمصادر تمويل الإرهاب، وضرورة تكييف أشكال الردع ضدها. غير أن الأعمال التي توصي بها هذه الاجتماعات، لم تمنع الجماعات المتطرفة من التكيف مع الأوضاع التي تفرض عليها في كل مرة.


وبهذا الصدد، يرى المحلل السياسي الدكتور يوسف زعيترة، بتصريح لصحيفة "عربي21" "أن المشكلة، مشكلة إرادة فيما يتصل بتجفيف منابع الإرهاب، فبعد كل اجتماع يتأكد أن أشكال تمويل الإرهاب أكثر خطورة من ذي قبل".


وتابع زعيترة: "من الصعوبة والتعقيد مما لا يمكن أن تتصدى لها بلدان إفريقيا وأوروبا، وجود حكومات متهمة بتمويل الإرهابيين بشكل غير مباشر، عن طريق فدية دفعتها في مناسبات عديدة في مالي والنيجر وموريتانيا، لفك أسر رعاياها اختطفتهم جماعات إرهابية".


وشدد وزير خارجية الجزائر، على "تبادل المعلومات والتجارب والتعاون متعدد الأشكال بين بلداننا، ولكن أيضا على مستوى جهوي ودولي وبخاصة على الأصعدة القانونية والقضائية والشرطية والمالية، وضمن روح تكاملية وتضامنية لمواجهة التهديد الذي لا يعرف حدودا".