سياسة عربية

كيف يمكن قراءة الاتهامات المتبادلة بين نظام الأسد والأكراد؟

بشار الأسد سبق واتهم القوات الكردية التي تتلقى دعما أمريكيا بالخيانة - جيتي (أرشيفية)

أظهرت الاتهامات المتبادلة بالخيانة ما بين النظام السوري وما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية- قسد" الكردية، أن التنسيق السابق الذي كان يحكم العلاقة بين الجانبين منذ اندلاع الثورة السورية لم يعد كما كان عليه، وأن ترتيبات جديدة قد تطرأ على مستوى هذا التنسيق.


وربط مراقبون توقيت هذه الاتهامات المتبادلة باقتراب نهاية الحرب على تنظيم الدولة، معتبرين أن ما يجري هو "نقطة تحول كبيرة" في مسار العلاقة التي كان يحكمها المصلحة المشتركة، ما ينذر بصدام محتمل أو بتصاعد الخلافات على الأقل.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد اتهم القوات الكردية التي تتلقى دعما أمريكيا بالخيانة، ما استتبع اتهاما مماثلا من "قسد" للنظام السوري، في حين اعتبر قياديون أكراد أن اتهام الأسد بمثابة "الإعلان عن الحرب".

وفي هذا الصدد اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري السابق، عبد الباسط سيدا أنه يجب أولا الفصل بين أكراد سوريا وبين حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبر العماد الرئيسي لـ"قسد"، وعلق قائلا: "من الواضح أن رئيس النظام السوري يقصد الاتحاد الديمقراطي، الذي أسس بالتوافق مع النظام".

وأضاف سيدا في حديثه لـ"عربي21"، أن قيام الاتحاد الديمقراطي بتوطيد علاقاته مع الولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى، نبه النظام إلى وجود حالة اصطفاف جديدة.

وأوضح أن التصريحات المتبادلة التي تأتي بعد مناوشات سابقة ما بين النظام والاتحاد الديمقراطي "لا تخرج عن نطاق التموضع وإعادة ترتيب العلاقات التي لم تنقطع أساسا، وخصوصا بعد انتهاء الحرب على التنظيم".

وعن شكل أول ملامح المرحلة المقبلة ما بين النظام السوري والاتحاد الديمقراطي، ربط سيدا ما بين "طبيعة الإستراتيجية الأمريكية وشكل المرحلة المقبلة"، وقال موضحا: "من الباكر القول أن العلاقة متجهة للصدام، وفي نهاية المطاف لا زال النظام موجودا في مناطق شرق سوريا التي تعتبر معقل الاتحاد الديمقراطي مثل القامشلي والحسكة".

وأضاف: "بالتالي ليس مستبعدا أن يعود التكامل ما بين الاتحاد الديمقراطي والنظام، وهذا يعني تقوية وجود النظام في هذه المناطق"، واستدرك:"لننتظر قليلا حتى تتوضح الأبعاد في المستقبل القريب".

بدوره قلل الأديب والكاتب الصحفي صبحي الدسوقي من أهمية هذه الاتهامات، واصفا إياها بـ"المناورة السياسية من الجانبين، النظام والاتحاد الديمقراطي".

وقال الدسوقي لـ"عربي21": إذا أردنا أن نعرف حقيقة هذه التصريحات فلا بد من العودة إلى نشأة الاتحاد الديمقراطي، وتحالفه مع النظام الذي بدأ مع اندلاع الثورة السورية.

وأضاف، أن النظام كان يقدم الدعم اللوجستي للاتحاد الديمقراطي ولا زال، وهو الأمر الذي يؤكد أنه لا وجود لمرحلة صدام ما بين النظام والحزب الكردي.

وبشأن دلالة هذا التصعيد في هذا التوقيت، ذهب الدسوقي إلى أن النظام يحاول تبييض صفحة الاتحاد الديمقراطي ليصوره على أنه جزء من المعارضة، تمهيدا لمشاركته في التسوية السياسية المزمعة في "سوتشي" وفق التصور الروسي.

وقال: "لاحظنا كيف برع النظام السوري في ممارسة الحيل والخدع منذ اندلاع الثورة السورية"، وأضاف الدسوقي: "هذه الحيل لم ينجح النظام في تمثيلها لولا قبول المشغل الأول أي الولايات المتحدة، لذلك ليس من خلاف مع الاتحاد الديمقراطي طالما أن الولايات المتحدة لا زالت تدعمه ولا زالت تحابي النظام".

وعلى النقيض، ذهبت بعض القراءات إلى أن الهدف من التصريحات هي إظهار عدم قبول النظام بالنتائج التي أفضى إليها الصراع العسكري في سوريا، سواء مع تنظيم الدولة أو المعارضة، والتي صبت في صالح الاتحاد الديمقراطي، وحولته لرقم صعب بعد سيطرته على جزء كبير من الثروات الباطنية والمائية في شمال وشرق سوريا.