القدس

صحيفة إسبانية: لماذا تعتبر القدس رمزا للفشل الأوروبي؟

التنافر والتضارب الأوروبي قد اصطدم في السنوات الأخيرة بسياسة نتنياهو المتماسكة - جيتي

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما مثل مسمارا جديدا في نعش فلسطين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي قد تخلى عن الدبلوماسية التوافقية التي التزمت بها الإدارة الأمريكية على مدار السنوات الماضية، وذلك من خلال اتخاذ قرار أجج حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ومن دون شك، ستنتقل حالة التوتر إلى الأراضي الأوروبية.

وبينت الصحيفة أنه بالعودة إلى التاريخ، سيتبين أن الولايات المتحدة تجنبت في السابق، وتحديدا بعد سنة من قيام دولة إسرائيل، نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، خاصة عندما ألح رئيس الوزراء الإسرائيلي، ديفيد، على القيام بهذه الخطوة في سنة 1949. فقد شدد بعض المسؤولين من حكومة بن غوريون على أن هذه الحركة مستفزة بالنسبة للعديد من الأطراف.

وأوردت الصحيفة أنه بعد 68 سنة من الجدل القائم، أراد ترامب غض الطرف عن الاتفاقيات الدولية في هذا الغرض، وأعلن القدس عاصمة لإسرائيل. في المقابل، لا يعني هذا القرار نقل السفارة الأمريكية فورا، لكنه يمهد الطريق أمام اتخاذ قرار في هذا الشأن في وقت لاحق، من قبل البيت الأبيض في المستقبل.

وأوضحت الصحيفة أن العالم شهد خلال الساعات الأخيرة موجة من الاحتجاجات ضد قرار ترامب. ومن بين البلدان التي طالتها الاحتجاجات، فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، علما وأن هذه البلدان تعد من أبرز الجهات التي بذلت جهودا حثيثة للوصول إلى الوضع الراهن. علاوة على ذلك، عملت هذه الدول، أكثر من غيرها، على دعم وتعزيز سياسة إسرائيل الخارجية، التي تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي.

وأضافت الصحيفة أن الصراع بين إسرائيل وفلسطين قد أظهر على مدار العديد من السنوات، وبشكل واضح، التناقضات التي تشوب الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، لعبت سلبية الزعماء الأوروبيين وإهمالهم لمهامهم على الصعيد الدولي، دورا حاسما في استفحال المعضلة الفلسطينية. 

وفي الوقت الراهن، بات من الضروري أن يتدخل فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي للحسم في هذه القضية. لكن، ليس من العدل تحميل الزعماء الأوروبيين المسؤولية الكاملة فيما يتعلق بهذه المشكلة، التي تعود جذورها إلى وقت بعيد والتي تجسد أوجه القصور والفشل في الاتحاد الأوروبي.

ونقلت الصحيفة على لسان مسؤول فلسطيني أنه "من الجيد أن يغتنم الاتحاد الأوروبي هذه الفرصة لانتشال فلسطين من المدار الأمريكي. وفي حال تمكنت من ذلك، فسيكون أمرا إيجابيا للغاية". في المقابل، لا يمكن للاتحاد الأوروبي صياغة سياسة خارجية إيجابية تخدم مصالحه، سواء فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني، أو بكامل منطقة الشرق الأوسط.

وكشفت الصحيفة أن كلا من فرنسا والمملكة المتحدة، تهتم ببيع الأسلحة، وبكميات كبيرة، لبلدان منطقة الشرق الأوسط، بدلا من رسم سياسة أوروبية مشتركة. من جهتها، تركز فرنسا على أن يكون لها مئات العمال المستعبدين، أكثر من محاربة الظلم والتطرف في الشرق الأوسط، وفي إسرائيل بشكل خاص.

وأفادت الصحيفة أن التنافر والتضارب الأوروبي قد اصطدم في السنوات الأخيرة بسياسة نتنياهو "المتماسكة"، التي سعت من خلالها إسرائيل على مر السنين إلى توسيع المستعمرات اليهودية في الأراضي المحتلة. ومن الأهداف الأخرى لسياسة نتنياهو، عزل السكان الفلسطينيين من خلال تطبيق نظام الفصل العنصري، الأسوأ على الإطلاق.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يشهد المجال الأوروبي حالة من الفوضى على المدى القصير والمتوسط، نتيجة لقرار ترامب فضلا عن السياسة السلبية الأوروبية. من جهة أخرى، تثير القضية الفلسطينية، والظلم الفظيع الممارس ضد الفلسطينيين منذ 70 سنة، مشاكل لا حصر لها، تتجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الجميع يدركون هذه الحقيقة جيدا، إلا أن لا أحد منهم بادر بتحريك ساكن من أجل معالجة الوضع.

وذكرت الصحيفة أن إسرائيل تمكنت من التوسع نتيجة لهذه السلبية الأوروبية، كما اكتسبت القوة اللازمة التي سمحت لها بأن تحدد أولويات الغرب. وفي مرحلة ما، تمكن الأوروبيون من مقاومة إملاءات نتنياهو، لكن بات ينبغي لهم الآن أن يتحملوا الضغوط التي يمارسها عليهم ترامب.

وفي الختام، أكدت الصحيفة على أنه، ومع مرور الوقت، سيتبين أن المشكلة لا تتمثل في إسرائيل، بل تتمثل في التهاون والسلبية الأوروبية. وفي الوقت الذي تدافع فيه إسرائيل عن مصالحها بكل ما أوتي لها من قوة، يقتصر دور الأوروبيين على السماح لها بالقيام بما تشاء حتى وإن كلفهم ذلك ثمنا باهظا.