سياسة عربية

هل بدأت الحرب "الباردة" بين الشيوخ والملالي؟

الرئيس اللبناني رفض قبول استقالة سعد الحريري حتى يعود إلى البلاد - وكالات

نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى الحرب الباردة التي بدأت بالفعل بين نظام الملالي في إيران والشيوخ الحاكمين في المملكة العربية السعودية.

 

ويعزى سبب هذه الحرب الإقليمية بين الدولتين إلى الرغبة في السيطرة على لبنان، علما وأن الصراع قد بلغ ذروته إبان استقالة سعد الحريري منذ أيام.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "الحريري كان يخشى أن يلقى مصيرا مشابها لوالده، وخاصة بعد أن اتهم إيران بإشاعة الفوضى في المنطقة". 


من جانبها، اتهمت إيران السعودية بالضغط على الحريري من أجل تقديم استقالته، مؤكدة على ضرورة تحمل المملكة لعواقب تحركاتها. 


وفي سياق متصل، حذر الرئيس الإيراني، حسن روحاني القيادات في المملكة من تحدي إرادة الشعب الإيراني قائلا: "أنتم تعرفون جيدا قوة ومكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
 
وأفادت الصحيفة أن الشيوخ في السعودية يدركون جيدا أن إيران تحاول توسيع نفوذها في اليمن وسوريا والعراق، فضلا عن لبنان. من جانبه، اتهم محمد بن سلمان، يوم الثلاثاء الماضي، إيران بإطلاق صاروخ من اليمن باتجاه الرياض، مصرحا أن ذلك يعتبر عدوانا عسكريا قد يؤدي إلى نشوب حرب بين الدولتين.
 
والجدير بالذكر أنه ومنذ سنة 2015، شرعت السعودية في محاربة الحوثيين في اليمن، بعد أن سيطروا على العاصمة صنعاء والعديد من المناطق الأخرى في البلاد. واتهمت السعودية إيران بدعم الحوثيين وتزويدهم بالأسلحة والصواريخ، في حين أنكرت إيران كل تلك الاتهامات.
 
وأكدت الصحيفة أن إعلان الحريري استقالته من منصبه في مؤتمر صحفي نظمته الرياض، يعد بمثابة ضربة استباقية موجهة من المملكة لطهران. وشددت طهران على أن استقالة الحريري ستقود المنطقة للمزيد من الفوضى والدمار. 


وقد عزى الحريري سبب استقالته إلى شعوره بأن هناك مؤامرة تحاك ضده، بهدف التخلص منه. وفي هذا الإطار، نقلت قناة العربية عن مصادر لم تعلنها أن رئيس الوزراء اللبناني نجا من محاولة اغتيال في العاصمة بيروت قبل أيام.
 
وأبرزت الصحيفة أن لبنان يعيش حالة فراغ في السلطة وخاصة بعد استقالة الحريري، كما تعاني البلاد في الوقت ذاته من أزمات داخلية. ومن المرجح أنه سيكون ساحة المعركة القادمة بين السعودية وإيران. في الأثناء، لا تزال الصورة غير واضحة بشأن كيفية إدارة المشهد في لبنان خلال الفترة القادمة، وخاصة في ظل وجود حزب الله، الذي يعد ذراع إيران الممتدة في لبنان وبعض الدول العربية الأخرى، والذي يعتبر أقوى الميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار استقالة الحريري جاء بالتنسيق بين الولايات المتحدة والسعودية بهدف فرض المزيد من العقوبات على حزب الله والحرس الثوري الإيراني. من جانبهم، يرى العديد من الخبراء أن السعودية حاولت أن تبرز نفوذها داخل لبنان من خلال دفع الحريري للاستقالة، خاصة بعد أن عاينت عدم امتلاكها للكثير من الفرص أمام النفوذ الشيعي هناك.
 
وتابعت الصحيفة أن لبنان يعاني من انقسامات عميقة في صلبه وذلك حتى قبل استقالة الحريري. فمن ناحية، يوجد التيار السني المعادي لحزب الله وصاحب نفوذ قوي في البلاد، الذي يدين بالولاء للمملكة العربية السعودية. ومن جهة أخرى، هناك التيار الشيعي الذي يقف إلى جانب حزب الله وإيران.
 
وأفادت الصحيفة أن حزب الله يسيطر فعليا على السلطة في لبنان، وقد تجلى ذلك خلال السنة الماضية إثر اختيار ميشال عون رئيسا توافقيا للبلاد. ويعتبر عون من أشد المقربين من حزب الله. وقد صرح عون في وقت سابق أن حزب الله جزء أصيل من الشعب اللبناني، بالإضافة إلى أن عناصره يوظفون أسلحتهم من أجل الدفاع عن الأراضي اللبنانية.
 
وأفادت الصحيفة أن لبنان عاش لمدة سنتين حالة من الجمود السياسي بسبب الصراعات العرقية والدينية، وذلك قبل أن يتولى الحريري رئاسة الوزراء في نهاية سنة 2016. وبالفعل، تمكنت حكومة الحريري من الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد على الرغم من الحرب الطاحنة التي تدور على أراضي جارتها سوريا. وأمام الاتهامات الموجهة ضدهما بالتآمر ضد الحريري، فندت كل من إيران وحزب الله هذه التهم، في حين أكد الطرفان أن مثل هذه الادعاءات من شأنها أن تؤدي إلى تعميق حالة التوتر في البلاد.
 
واعتبرت الصحيفة أن الحريري كان بمثابة "حائط صد" أمام الهيمنة الشيعية الإيرانية على البلاد، في الوقت الذي كان يحاول جاهدا إظهار لبنان على أنه دولة مستقلة. ويرى الخبراء أن لبنان الفقير يواجه مستقبلا مظلما، قد يشهد خلاله مزيدا من الانجراف نحو التطرف الشيعي. كما اعتبر الخبراء أن استقالة الحريري تعد أشبه بإعلان سيطرة حزب الله، المدعوم من قبل إيران، بشكل تام على البلاد.
 
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس اللبناني قد رفض قبول استقالة الحريري حتى يعود إلى البلاد، ويبرر أسباب هذا القرار، وبالتالي، سيؤجل الإعلان عن الحكومة القادمة. من جانبه، أبى الحريري العودة للبلاد في الوقت الحالي، في حين أعرب عن عزمه على التنقل بين بلدان عربية أخرى من أجل محاولة تفسير قراره.
 
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن وجود أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري من أبناء الطائفة السنية سيحول دون الهيمنة الشيعية لإيران على لبنان. وفي الوقت الحالي، يتكون 30 بالمائة من الشعب اللبناني من سنة وشيعة، مع العلم أن لبنان كان يعتبر حصن الليبرالية في الشرق الأوسط لفترة طويلة.