سياسة دولية

تحقيق دولي يكشف عن رشوة الإمارات للمنظمات غير الحكومية

تحقيق الهيئة: الإمارات دفعت أموالا طائلة رشاوى لمنظمات وشخصيات لمهاجمة قطر- وكالة أنباء الإمارات
كشف تحقيق حقوقي دولي خاص معلومات لأول مرة عن الدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس حقوق الإنسان في سبيل التأثير على قراراته بما يخدم مصالحها ويمنع أي مواقف ضدها في مجال انتهاكات حقوق الإنسان.
 
ونشرت الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة ومقرها جنيف ونيويورك الأحد ملخصا تنفيذيا لتحقيق أولي أجرته داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بدورته الـ36 المنعقدة في جنيف في الفترة من 11 إلى 29 سبتمبر 2017، يتعلق بمؤسسات المجتمع المدني العاملة على هامش أعمال المجلس.

وتشير الهيئة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إلى أن تحقيقها تتبع عددا من المؤسسات العربية والأجنبية من حيث طريقة عملها وتمويلها والتزامها بالمعايير القانونية المعمول بها في أوروبا، حيث حضر بعض اللقاءات التي نظمتها منظمات غير حكومية مختلفة حول شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما تلك المتعلقة بأزمة دول الخليج.

اقرأ أيضا: السعودية والإمارات ضمن قائمة سوداء لمجلس حقوق الإنسان

ضغط لاأخلاقي

وتكشف الهيئة من خلال مقابلات أجراها فريق الهيئة لعدد من الناشطين في المجال الحقوقي والمؤسسات ذات الصفة الاستشارية مع الأمم المتحدة، أن "هنالك تعبئة وضغطا سياسيا يرقى وصفه بـ"اللاأخلاقي"، والذي تمارسه دول عدة مثل السعودية والإمارات وإسرائيل وإيران".

وتلفت الهيئة إلى أن هذه الدول "تقوم بتضليل الرأي العام بشكل غير مسبوق وذلك عن طريق تزويد المجلس بمعلومات مضللة والضغط على المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان".

وكشف التحقيق أن من أبرز هذه الجهود تلك التي "تتزعمها الإمارات والتي توظف عددا من الأساليب المخالفة لأعراف العمل داخل الأمم المتحدة بالإضافة لانتهاك القوانين المالية والتجارية السويسرية  والأوروبية".

وتضيف الهيئة أن فريقها قام برصد "جهود غير أخلاقية يقوم بها مندوبو الإمارات الذين يتظاهرون بالعمل تحت غطاء مؤسسات المجتمع المدني، في حين يشكلون جزءا من منظومة الأجهزة الأمنية الإماراتية".

رشاوى لمهاجمة قطر

وتذكر الهيئة مثالا لهذه المنظمات المدعومة إماراتيا وهي كما "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان"، وتقول إنها "متورطة بشكل أساسي في تقديم رشاوى لأفراد ومنظمات غير حكومية للقيام بشن حملة ممنهجة ضد دولة قطر من خلال ربطها برعاية وتمويل الإرهاب وانتهاك حقوق العمالة الآسيوية".

اقرأ أيضا: منظمة دولية تهاجم السجل الحقوقي الإمارات والسعودية ومصر

وضمّنت الهيئة في تحقيقها سلف مستندات وصور تشير إلى أن "المهمة الرئيسية لما يطلق عليها "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان" هي تقويض مصداقية أي منظمة تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات".

وتتابع: "على سبيل المثال، تعرضت كل من "هيومن رايتس ووتش" و"أمنستي" إلى حملة تشويه واسعة خلال الأسابيع القليلة الماضية، على الرغم من أن تلك الفيدرالية لا يوجد لديها أي وزن حقوقي أو سياسي".

ومن ضمن أدلة التحقيق الذي أجرته مقابلات مع بعض مدراء المؤسسات الدولية العاملة في جنيف، وتنقل عن أحدهم دون ذكر اسمه قائلا: "لقد تحدث لي شخصان، أحدهما عرف نفسه على أنه منسق الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان وطلبوا من مؤسستنا وبكل وقاحة لم أعهدها قط على مدار عملي في مجلس حقوق الإنسان لأكثر من عقد من الزمن، أن نقوم بعقد لقاء داخل مجلس حقوق الإنسان يعالج قضية دعم قطر للإرهاب وذلك لقاء مبلغ من المال. يجب على مجلس حقوق الإنسان التحقيق مع هذه المؤسسة وسلوكها داخل المجلس".

وتذكر الهيئة في تحقيقها أن أحد أفراد البعثة الإماراتية في جنيف "طلب من مندوب دولة آسيوية تقديم مداخلة شفوية ضمن أحد بنود المجلس تتحدث عن مزاعم دعم قطر للإرهاب".

اقرأ أيضا: ماذا يفعل رجال دحلان في مجلس حقوق الإنسان؟

وتعبر عن صدمتها بسبب "قيام الإمارات بدفع مبالغ من الأموال لعدد من اللاجئين الأفارقة في سويسرا ليحتجوا ضد قطر التي لا يعلمون عنها شيئا"، منوهة إلى أن الباحثين التابعين لها قدروا إجمالي ما دفعته "الفيدرالية" من رشاوى وصل لأكثر من 250 ألف دولار، "كانت من نصيب أفراد ونشطاء في مجال حقوق الإنسان داخل مجلس حقوق الإنسان مقابل التحدث ضد قطر".

ودفعت المنظمة المدعومة إماراتيا نحو 180 ألف دولار لطالبي اللجوء الأفارقة في جنيف "للمشاركة في احتجاجات ضد قطر (..) ومن المشين أن نرى الرشاوى تصل هذا المستوى الدنيء من خلال استغلال حاجة أفقر طالبي اللجوء"، مرفقة تقريرها بصور قالت إنها لأفارقة بعقد نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف.

فساد وعمل غير شرعي

وتتابع الهيئة حديثها في التحقيق عن "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان"، حيث تشير إلى أنها تواصلت مع الجهة الحكومية المعنية بتسجيل المؤسسات في سويسرا، "ليتبين خلو السجلات السويسرية وحتى الأوروبية من أي تسجيل رسمي لمنظمة "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان".

وتتابع: "وعليه فإن تلك المؤسسة تعمل بصورة غير شرعية، وتقوم بصرف أموال غير معلن عنها فيما يعني ذلك مخالفة واضحة للنظم المالية السويسرية والأوروبية"، واصفة ما تقوم به الفيدرالية بأنها "ممارسات فساد مالي فادحة".

وتقول الهيئة إنه بناء على مقابلات أجرتها فإن "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان" قامت "بدفع مبالغ طائلة من الأموال لعدد من مؤسسات المجتمع المدني ذات الصفة الاستشارية مع الأمم المتحدة وذلك ضمن عضوية المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ليكون لها موطئ قدم يمكّنها من إلقاء بيانات شفوية أمام المجلس، وعقد ندوات على هامش جلسات المجلس"، مشيرة إلى أن "جلّ هذه المؤسسات هي عربية خاصة مصرية وبعضها إفريقي".

وتصف الهيئة ممارسات "هذه المنظمة غير الحكومية المحلية القادمة من الإمارات" بـ"المشينة"، وأن لها "أجندة مسيسة وعملها لا يمت لمجلس حقوق الإنسان بصلة"، مضيفة أن "من المؤسف جدا أن نرى منظمات غير حكومية مثل "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان" وهي تشوّه الأهداف النبيلة لمشاركة المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة من خلال التحريض على برامج تخالف وتنتهك حقوق الإنسان". 

وبناء على تحقيقها، تقول الهيئة إنها "ستقدم تقريرا عن هذه المنظمة غير الحكومية إلى السلطات المحلية في سويسرا، وعن المنظمات غير الحكومية  التي تتمتع بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي- والتي دعمت وأيدت خطط وسلوكيات الفيدرالية لنزع صفة العضوية في الاجتماع القادم للجنة المؤسسات غير الحكومية في نيويورك".

أحمد الهاملي 

ويتطرق تحقيق الهيئة إلى شخصية أحمد الهاملي، وتقول إنه عنصر في أجهزة الأمن الإماراتية، "وهو من يدير منظمة الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان كما أنه "يدير أيضا منظمة "ترندز" للبحوث والاستشارات".

 وتذكر أن منظمة "ترندز" تعمل مع شخصيات ومنظمات محورية داعمة لإسرائيل مثل السفير السابق "ألبرتو فرنانديز"، "وهو أحد صناع  القرار في معهد بحوث الشرق الأوسط الذي يجبر جهاز الموساد الإسرائيلي ووظيفته الرئيسة تتمثل في الترويج لـ"الإسلاموفوبيا"، وله تاريخ طويل في استهداف الدول العربية والإسلامية مثل السعودية صديقة الإمارات".

يذكر أن الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة، هي منظمة دولية غير حكومية مقرها جنيف ونيويورك ولها مكتب تمثيلي في النمسا، قام بإنشاء المؤسسة عدد من الدبلوماسيين السابقين والعاملين في الأمم المتحدة سابقا، وتهدف المؤسسة لمراقبة أداء المنظومة الدولية وذلك لتقويمه وتطويره.