صحافة دولية

نيويورك تايمز: تدخل ترامب بأزمة الخليج انتهى بتراشق واتهامات

الشيخ تميم وابن سلمان أجريا اتصالا الجمعة بترتيب من ترامب- واس (أرشيفية)
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا قالت فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول تحسين الوضع في الخليج العربي وإنهاء الانقسام الحاصل بين قطر والسعودية، لكن محاولاته باءت بالفشل، عندما تحولت مكالمة هاتفية جرت بين قادة البلدين إلى شجار وتبادل للاتهامات.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دونالد ترامب قام بكل الترتيبات لإجراء هذه المكالمة، التي تمت في وقت متأخر من يوم الجمعة، وقد تعهد بأن تكون فرصة لإحداث انفراج في الخلاف المرير الذي تغرق فيه منطقة الخليج العربي، والذي بات يهدد المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية منذ شهر حزيران/ يونيو الماضي تقود تحالفا يضم إلى جانبها الإمارات ومصر والبحرين، فرض مقاطعة اقتصادية وشللا في حركة النقل مع الجار القطري، متهمين إياه بدعم الإرهاب وتوطيد العلاقات مع إيران.

اقرأ أيضا: اتصال هاتفي بين أمير قطر ومحمد بن سلمان لأول مرة منذ الأزمة
 
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر رفضت ونفت هذه الاتهامات، وأكدت أن الهدف الحقيقي للدول المتحالفة ضدها هو التدخل في قرارها السيادي، والتخلص من قناة الجزيرة التي لها تأثير كبير على الرأي العام العربي.
 
وقالت الصحيفة إن دونالد ترامب تدخل في هذا الخلاف خلال الأسبوع الماضي، وعرض خدماته كوسيط لحل الخلاف متوقعا أن ينجح في إنهائه في وقت سريع. وفي هذا السياق، صرح يوم الخميس الماضي، أثناء وجوده مع أمير الكويت الذي كان يقود الجهود العربية لإنهاء الخلاف قائلا: "أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق في وقت سريع جدا".
 
ولكن بحسب الصحيفة، أثبت الاتصال الذي وقع يوم الجمعة بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، من جديد صعوبة تهدئة هذا الخلاف الحاد بين الطرفين.
 
وذكرت الصحيفة أنه بعد سويعات من هذا الاتصال، أصدرت وكالة الأنباء الرسمية القطرية بلاغا قالت فيه إن أمير البلاد رحب بمقترح قدمه الأمير السعودي الشاب، يقضي بتعيين مبعوثي سلام اثنين للمساعدة على تجاوز الخلافات.
 
وأفادت الصحيفة بأن هذا البلاغ أثار حفيظة السعوديين، الذين اعتبروا أنه ينطوي على ادعاء يشير إلى أنهم تنازلوا أولا في هذا الصراع. وبالتالي، سارعت وسائل الإعلام السعودية لنشر روايتها الخاصة ونسبتها إلى مصادر رسمية لم تعلن عنها، واتهمت فيها قطر بتزييف الحقائق وتعليق الحوار بين البلدين.
 
واعتبرت الصحيفة أن هذا التعامل من الجانبين يعكس مدى تعقيد الخلاف الحاد الذي يثير قلق الدول الغربية المتحالفة مع الدوحة والرياض. فخلال الصيف المنقضي، توافد ممثلو الدول الغربية على منطقة الخليج للتشجيع على الحوار، على غرار وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون. وعلى غرار خصومها، أصبحت قطر تتراشق الاتهامات والمناورات الإعلامية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن صراعا من أجل النفوذ اندلع في واشنطن، حيث يقوم الطرفان المتخاصمان بصرف مبالغ كبيرة على جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة من أجل التأثير على الرأي العام والموقف السياسي الأمريكي. وقد قامت وسائل الإعلام السعودية يوم السبت بنشر خبر مزيف مفاده أن تنظيم الدولة أعلن عن دعمه لقطر.

اقرأ أيضا: السعودية تعلق الحوار بعد ساعات من اتصال تميم مع ابن سلمان
 
ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين قولهم إنه على الرغم من فشل المكالمة التي تمت يوم الجمعة الماضي بين القيادات القطرية والسعودية، إلا أنها بعثت الأمل من جديد بعد أن أعطت إشارة إلى أن كلا الطرفين مستعدان للحوار. في المقابل، تعالت أصوات أخرى اعتبرت هذه المكالمة بمثابة علامة على مدى الحذر والتصلب الذي بات عليه كل طرف.
 
ونقلت الصحيفة عن ميكائيل ستيفنز من المعهد الملكي في لندن قوله إن "المشكلة تتعلق أساسا بخوف كل طرف من الظهور في ثوب المستسلم أثناء محاولة التوصل إلى حل". وأضاف ستيفنز أنه "بالنظر إلى الحساسية الكبيرة التي يتعامل بها كل طرف مع هذا الأمر، خوفا من إظهار الضعف، فإن حل المشكلة صار أكثر صعوبة من ذي قبل".
 
واعتبرت الصحيفة أن موقف ترامب في هذا الخلاف أصبح ضعيفا بسبب سياساته المنحازة والمتقلبة حيث إنه وقف في البداية في صف السعودية، ثم قرر لاحقا بطلب من وزير خارجيته تليرسون اتخاذ موقف أكثر توازنا.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر تحتضن أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، تمثل مركزا للعمليات العسكرية التي تشنها ضد تنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق. في المقابل، يبدو أن ترامب قرر يوم الجمعة الوقوف مرة أخرى ضد قطر، عندما لمح إلى ما اعتبره "التمويل الكبير للإرهاب الذي تقوم به بعض الدول".

وأضاف ترامب محذرا: "إذا لم يتوقفوا عن تمويل الإرهاب، فلا أريدهم أن يتصالحوا".

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي وقف في صف ترامب أثناء هذه التصريحات، والذي يقود الجهود العربية لإيجاد حل للانقسام الخليجي، تمسك بخطاب التصالح معتبرا أن الوقت قد حان لطي صفحة الخلافات.