صحافة دولية

دير شبيغل: كيف ساهم عباس في تفاقم معاناة أهالي غزة؟

يعد القطاع الصحي أحد أكبر المتضررين من تشديد حصار القطاع
نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا؛ تطرقت من خلاله إلى الدور الذي لعبه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في تفاقم أهالي قطاع غزة من خلال "العقوبات" التي فرضها على القطاع.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مستشفى الرنتيسي للأطفال بقطاع غزة يعاني من نقص في الأدوية، حيث تخلو خزائن ورفوف صيدليته من كل أنواع الأدوية، وذلك نظرا لتراجع إمدادات الأدوية المتجهة لهذا القطاع منذ ثلاثة أشهر. ولا ينطبق هذا الوضع على مستشفى الرنتيسي فحسب، بل نفد الدواء أيضا في كافة أنحاء قطاع غزة.

وأكدت الصحيفة أن أهالي قطاع غزة يعانون من تبعات الصراع القائم بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس المسيطرة على القطاع. ومؤخرا، احتدت وتيرة ذلك نتيجة العقوبات التي فرضها عباس على قطاع غزة، وذلك بهدف وضع حركة حماس تحت الضغط وتعزيز نفوذه؛ باعتباره الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. في المقابل، كان أهالي قطاع غزة أكثر المتضررين من هذه الإجراءات، مما أدى إلى تنامي الغضب الشعبي ضد الرئيس الفلسطيني.

وأشارت الصحيفة إلى أن مستشفى الرنتيسي للأطفال متخصص في علاج السرطان، يتلقى فيه 70 في المئة من مرضى السرطان العلاج. وفي هذا الصدد، أفاد المدير الطبي للمستشفى، محمد أبو ندى، أن "الوضع في المستشفى كارثي، إذ أننا لم نتسلم الكمية الكافية من الأدوية منذ قرابة ثلاثة أشهر".

وأضافت الصحيفة أن حوالي 120 مريضا في حالة حرجة يقيمون في هذا المستشفى، ويحتاجون لتلقي العلاج في أحد المستشفيات الإسرائيلية. في المقابل، توقفت السلطة الفلسطينية عن إصدار تراخيص الدخول إلى الأراضي الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية قادرة على إصدار عدد محدود من التراخيص الاستثنائية بالنسبة للحالات الحرجة، إلا أن ذلك تعذر نظرا لكثرة هذه الحالات. ويقول أبو ندى: "لا أريد التحدث عن السياسة. ولكن كيف يمكن تحميل الشعب عبء الصراعات السياسية؟".
 
وأوردت الصحيفة أن عباس أعلن منذ شهرين عن تقليص نفقات ربط قطاع غزة بالتيار الكهربائي. وبناء على ذلك، قلصت إسرائيل من إمدادات القطاع بالكهرباء إلى مدة ثلاث ساعات يوميا. كما خفض عباس من نفقات تزويد القطاع بالأدوية وعلاج المرضى في المستشفيات الإسرائيلية. ونتيجة لذلك، توفي عدد من المرضى، من بينهم أطفال، جراء عدم تلقي العلاج.

وقال أبو ندى: "نحن نعاني من انقطاع التيار الكهربائي بصفة كلية، كما تعطل المولد الكهربائي الاحتياطي بالمستشفى". وأضاف: "نحن محاصرون من كل الجبهات، إننا في وضع كارثي".

وأفادت الصحيفة أن مستشفى آخر متخصصا في علاج أمراض الكلى يعيش وضعا مأساويا، حيث يتعذر القيام بعمليات غسيل الكلى نتيجة نقص التيار الكهربائي. وبالإضافة إلى ذلك، انهار قطاع الصناعة تماما، إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى حدود 80 في المئة. وفي هذا الصدد، أفاد صاحب مصنع نسيج، يدعى محمد أبو شنب، أنه "يجب علي إقالة كل العمال في الوقت الراهن".

وأوردت الصحيفة أن قطاع غزة لا زال يرزح تحت وطأة مخلفات الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حيث تفوح روائح كريهة من الجثث العالقة تحت أنقاض المباني المنهارة ومن القمامة الملقاة في الشوارع. وعلاوة على ذلك، تفوح الروائح الكريهة من البحر، حيث يتسرب 100 مليون لتر من مياه الصرف الصحي يوميا إلى مياه البحر، وفق منظمة الأمم المتحدة.

كما يفتقر القطاع للكهرباء اللازم لمعالجة المياه. ومن جهة أخرى، لا يمكن تشغيل محطات تحلية مياه البحر نتيجة أزمة التيار الكهربائي. وقال عدنان أبو حسن إن "نوعية المياه في قطاع غزة متردية". وأضاف: "نلاحظ منذ سنوات أن الأطفال في غزة يولدون صغار الحجم نتيجة تلوث المياه".

من جهة أخرى، لم يضع عباس غضب أهالي غزة في الحسبان، حيث تندلع مظاهرات ضد الرئيس الفلسطيني بشكل يومي؛ يرفع خلالها المحتجون لافتات مناهضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعباس على حد سواء.

وانتقلت الصحيفة إلى منزل عائلة غبن التي فقدت أحد أبنائها نتيجة إصابته بتشوهات على مستوى القلب ونقص وزنه. وقال الأب، محمد غبن: "ابني كان محتاجا لعملية جراحية لا يمكن إجراؤها إلا في إسرائيل". وعلى الرغم من عمل كافة أفراد العائلة لجمع الوثائق اللازمة للحصول على ترخيص للسفر إلى إسرائيل، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت منح هذا الطفل ترخيصا بالسفر، ما أدى إلى وفاته.

وقالت الجدة باكية: "كنت أرى هذا الطفل الصغير يتألم ولم أستطع فعل أي شيء". وصرخت الجدة قائلة: "عباس يجب أن يحاسب. إنهم ضحاياه".