سياسة عربية

الجريمة بلبنان تسجل معدلات قياسية ودعوات لإعادة "الإعدام"

لبنان شهد من بداية 2017 وحتى مطلع الشهر الجاري وقوع 88 جريمة- أ ف ب
تزايدت جرائم القتل في لبنان لدرجة دفعت نشطاء وحقوقيين إلى المطالبة بإعادة تفعيل عقوبة الإعدام كعامل ردع، على أمل تقليص معدّل الجريمة، الذي ارتفع منذ بداية العام الجاري 35 بالمائة مقارنة بعام 2016.

هذا الارتفاع في نسبة الجرائم أرجعه العقيد جوزف مسلّم، مسؤول العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي (الشرطة)، إلى "عوامل عدّة ترتبط بانتشار السلاح والأوضاع الاجتماعية".

مسلّم أضاف، أنه "من بداية 2017 وحتى مطلع الشهر الجاري وقعت 88 جريمة، لاسيّما بين نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو، بينما عام 2016 كله سجّل 55 جريمة قتل، وفي 2015 وقعت 73 جريمة قتل".

وأوضح أنه "في 2010 بدأ لبنان يشهد موجة جرائم مرتفعة؛ بسبب الأزمات السياسية والأمنية في المنطقة، ثم انخفضت تماما في 2014، قبل أن تعاود الارتفاع في 2016، وفي نهاية الربع الثاني من 2017 أصبحت الجريمة بحجم أكبر".

ارتفاع الفقر


أسباب ارتفاع نسبة الجرائم، وفق المسؤول في الشرطة اللبنانية، "لا تقتصر فقط على تفلّت (انتشار) السّلاح، وهو أحد أهم العوامل، بيد أن هناك أسبابا أخرى، منها الأوضاع الاجتماعيّة الصعبة، وارتفاع منسوب الفقر في لبنان".

وشدد مسلّم على أن هذا الوضع المتردي "يستغّله الكثير من العصابات أو المجموعات، للضغط على الأشخاص، وخصوصا من هم في عمر الشباب، عبر إغرائهم ماديا، للقيام بتصرّفات شاذّة وخطيرة".

وأوضح أن "أغلب الجرائم في الفترة الأخيرة هي جرائم فورية، ليست عن سبق إصرار وترصد، كما أن هناك جرائم عائلية يتخلص فيها أحد أفراد العائلة من فرد آخر في عائلته في لحظة شجار بسبب مادي غالبا".

تقبل-تقتل

ويحتلّ لبنان المرتبة السابعة عربيا و39 عالميا في مؤشّر الجريمة العالمي لعام 2016، الذي ضمّ 117 دولة، وصنّف لبنان ضمن الدول التي تسجّل معدّل جريمة معتدلا، بحسب تقرير أصدره موقع موسوعة قاعدة البيانات "نامبيو"، وهو أحد أكبر قواعد البيانات على شبكة الإنترنت في العالم.

وانتشرت في الآونة الأخيرة بلبنان ظاهرة إطلاق الرصاص، إما ابتهاجا في مناسبات زفاف أو نجاح في الامتحانات، أو حزنا في المآتم؛ ما يتسبب كثيرا في سقوط قتلى جراء الرصاص العشوائي.

وهو ما ردت عليه قوى الأمن الداخلي اللبنانية بالسعي إلى إشراك المواطن بالإبلاغ عن أي حادث يرتبط بإطلاق الرصاص عشوائيا، حيث أطلق قسم العلاقات العامة في الشرطة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغا (وسما) بعنوان (#تقبل_تقتل).

وتهدف هذه الحملة إلى توعية الناس، ودعوتهم إلى تصوير مقاطع فيديو أو صور تُظهر أي شخص يطلق الرصاص عشوائيا، ثم إرسالها عبر خط ساخن على تطبيق "واتس أب" إلى قوى الأمن الداخلي لملاحقة الفاعل، وهو ما حقق نجاحا ملحوظا.

عقوبة مجمدة

ووفق المحامية فاديا شديد فإن "عقوبة الإعدام لا تزال سارية في لبنان، لاسيما أن قانون العقوبات ينص عليها في ثلاث جرائم، وهي: خيانة الوطن والتعامل مع العدو، والقتل عمدا عن سابق تصوّر وتصميم، والإرهاب".

لكنها استدركت، في حديث، بقولها: "تنفيذ عقوبة الإعدام في لبنان توقف فعليا منذ عام 2004، وإعادة تفعيلها يتطلب موافقة مجلس القضاء الأعلى (المسؤول عن تسيير شؤون القضاء والقضاة)، بعد إحالة الملف من قبل وزير العدل، وبعد القضاء الأعلى يحال الملف إلى رئيس الجمهورية، الذي يوافق على توقيع مرسوم الإعدام".

واعتبرت المحامية اللبنانية أن "قرار عدم إصدار أحكام بالإعدام في لبنان هو نتيجة قرارات سياسية وحزبية، وليس قرارات قانونية".

وأضافت أن "هناك دعوات من نشطاء وحقوقيين، خلال الفترة الأخيرة، إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام، لتكون عقوبة رادعة، رغم أن هؤلاء النشطاء والحقوقيين كانوا في وقت سابق ضد هذه العقوبة، لكن ارتفاع معدل الجريمة بشكل سريع حفزهم على المطالبة بإعادة أحكام الإعدام".

واعتبرت أن "تنفيذ حكم الإعدام أهم بكثير من أن يحل محله الحكم بالسجن المؤبد (لمدة 25 عاما)، كون الأخير أعاد رفع وتيرة الجريمة، خاصة أنه توجد في لبنان سجون بمواصفات خمس نجوم لمن كان لديه واسطة".

ويعود تنفيذ آخر حكم بعقوبة الإعدام في لبنان إلى عام 2004، في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود، حيث تم إعدام موظف في وزارة التربية؛ لقتله 11 زميلا له بواسطة رشاش حربي؛ بسبب خلاف شخصي مع مديرته، التي رفضت إعطاءه إجازة.

وفي عام 2008 اقترحت وزارة العدل اللبنانية مشروع قانون، تقدم به عشرة نواب، لإلغاء عقوبة الإعدام، على أن تحل محلها عقوبة السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة دون عفو أو تخفيض لمدة السجن، غير أن عدم التوافق بين الفرقاء السياسيين انتهى بهذا المشروع في أدراج اللجان النيابية.