سياسة عربية

لاجئ سوري يروي قصة هروبه من دير الزور إلى تركيا

اللاجئ وصل قبل أسبوع إلى تركيا- ا ف ب
"كلفتني الرحلة خمسة آلاف دولار"، هكذا بدأ اللاجئ السوري ابن مدينة دير الزور السورية جواد الإسماعيل، الذي لم يمضِ على وصوله إلى تركيا أكثر من أسبوع، حديثه لـ "عربي21" حول رحلته المحفوفة بالمخاطر وما تعرض له في طريق امتد لمئات الكيلومترات، تخطى خلالها العديد من المناطق الخاضعة لأطراف نزاع متعددة الهويات والجنسيات على أرض بلاده.
 
ويستغل المهربون فقر الناس وعوز الحال ويقتنصون الفرص في ظروف مأساوية، فمهربو المناطق الشرقية الذين يعملون بين مناطق "تنظيم الدولة" وبين مناطق الأكراد أو النظام أو المعارضة، ليسوا أقل جشعاً من تجار البشر الذين يهربون الناس وينقلونهم عبر البحار إلى الدول الأوروبية، وفي كل المواقف التي تحدث يكون المال هو سيد الموقف أو المنقذ الوحيد بحسب ما يراه اللاجئ.

يقول الإسماعيل، الذي كان يقطن في حي الصناعة بدير الزور، الخاضع لسيطرة "تنظيم الدولة": "بعد اشتداد قصف التحالف الدولي من جهة والنظام والروس من جهة والطيران العراقي من جهة ثالثة على منطقتي، قررت بيع كل ما أملك في المدينة ففي أحسن الأحوال لن أستطيع إخراج أي شيء معي سوى نقودي، وبالفعل قمت ببيع قطعتي أرض ومنحت منزلي لأخي لإبعاد الشبهة عني، إضافة لمصاغ زوجتي، وقد تقصيت عبر أشخاص عدة عن المهربين وآلية الخروج من مناطق سيطرة التنظيم باتجاه مناطق سيطرة النظام في المدينة، وبعد أيام وجدت مهرباً يستطيع إخراجي وقد طلب لقاء ذلك 200 دولار أمريكي عن كل شخص".

ويضيف: "عائلتي مكونة من أربعة أشخاص، أنا وزوجتي وطفلين، وقد استلم المهرب مني 400 دولار بداية، وعندما وصلنا إلى مناطق سيطرة النظام سلمته 400 دولار أخرى، بعد أن استغرقت الرحلة نحو 10 ساعات ونحن نسير في الصحراء المقفرة عبر الطريق الشمالي باتجاه السخنة وصولاً إلى ريف حمص الشرقي ومن بعدها انحرفنا باتجاه الجنوب الغربي باتجاه ريف حماة الشرقي، حيث دخلنا إلى مناطق سيطرة النظام، وجميع المهربين يتظاهرون بأنهم يعملون خفية عن التنظيم، إلا أنهم في الحقيقة يعملون تحت أنظاره بل ولصالحه أيضاً".

يتابع جواد: "تركنا المهرب بعد 100 متر من أول حاجز لقوات النظام، وأعطانا راية بيضاء لنرفعها كما جرت العادة في مثل هذه العملية، وعندما وصلنا إلى الحاجز قام العناصر باعتقالنا وزجونا داخل غرفة صغيرة تابعة للحاجز، وانهالوا علينا بالشتائم والضرب أنا وزوجتي وروعوا أطفالي وأطلقوا النيران بجانبهم وبقينا على هذه الحال حتى صباح اليوم التالي، وعندما أتى الضابط المسؤول عن الحاجز، أبلغ عناصره بتسعيرة عبورنا وهي 100 دولار لكل شخص، لذا سلمتهم 400 دولار، وتابعنا مسيرنا باتجاه مدينة حماة".

مرّ جواد وعائلته على العديد من حواجز النظام، وعلى كل حاجز تعرضوا للشتائم والضرب والنهب، بوصفهم بأنهم "خائنون للوطن ورب الوطن وهم من احتضنوا الإرهاب"، وقد كان أفظع الحواجز التي واجهوها هو "حاجز السعن"، حيث يقول: "حيث لا رحمة أبداً والحل الوحيد كان هو الـ 200 دولار التي أعطيتهم إياها، تجاوزنا جميع الحواجز وواصلت بنا الحافلة السير حتى بلدة قلعة المضيق، حيث دخلنا مناطق المعارضة شمال حماة ومنها انتقلنا إلى إدلب، وكان علي بعدها أن أتوجه إلى مدينة إعزاز، وهناك علي أجد خيمة تأويني مع زوجتي وأطفالي، لذا توجهت من إدلب إلى ريف حلب الغربي، ومنها إلى إعزاز عبر مدينة عفرين".
 
وذكر جواد أن "المفاجأة الصادمة هي أن الهيئة الشرعية منعتني من دخول إعزاز بحجة تدقيق ملفي الأمني، وتم رمينا في الأراضي الزراعية جنوب إعزاز، وقال لنا هناك أحد الأمنيين: دبروا حالكن من هون لأسبوع لحتى تجي الموافقة. ولم يكن أمامي خيار إلا أن أعود إلى إدلب علي أجد عملاً وأقطن في أحد مخيماتها، إلا أن الحال كان كما هي عليه في إعزاز فجميع المخيمات ممتلئة بنازحين ومهجرين من كافة المحافظات السورية، ولم أجد طريقاً إلا إكمال طريقي باتجاه تركيا".

يتابع: "دخلنا إلى تركيا بذات الطريقة التي خرجنا بها من مناطق تنظيم الدولة، إلا أن الأجور كانت أغلى فالمهرب تقاضى مبلغ 2000 دولار عن العائلة وأوصلنا إلى محافظة "هاتاي" التركية، والآن أنام في الحدائق والمرافق العامة لأنني لم أجد منزلاً أو عمل حتى الآن".