سياسة عربية

حماس تسدل الستار على انتخاباتها الداخلية .. هذا هو المشهد

مصادر لـ"عربي21": مشعل أصر على رفض استلام أي منصب تنفيذي بعد الانتخابات - أ ف ب
تقترب حركة حماس من إسدال الستار على مشهد انتخاباتها الداخلية والذي استمر لعدة أشهر، وأحدث جدلا فلسطينا وعربيا، بل ودوليا كبيرا، ليس لارتباطه بمغادرة زعيم الحركة القوي خالد مشعل موقع المسؤولية فحسب، بل أيضا لارتباط ذلك بظرف فلسطيني وإقليمي استثنائي.

الانتخابات التي مرت بمراحل معقدة، وترتيبات ترواحت بين السرية تارة والعلنية تارة أخرى، شملت ثلاث مناطق تتواجد في الحركة بكوادرها وقيادتها، تسميها الحركة في أدبياتها بالأقاليم، وهي إقليم عزة، والضفة والخارج.

وتنهي الحركة انتخاباتها بعقد انتخاب رئيس الحركة أو "رئيس المكتب السياسي" كما هو متعارف عليه إعلاميا، ليصار بعدها إلى تشكيل القيادة خلال الأسابيع القادمة، وتتم بعد أن يحدد الرئيس الجديد أسماء الفريق الذي يفترض أن يتسلم المهام والمسؤوليات القيادية.


"عربي21" حاولت الاقتراب أكثر من مشهد القيادة الجديدة للحركة الذي بدأت ملامحه بالتشكل، وحصلت على معلومات من مصادر خاصة عدة، تكشف عن حجم التغيير الحاصل في الحركة، والذي تزامن اقتراب إنهاء استحقاقها الداخلي مع الإعلان عن وثيقتها السياسية الجديدة والتي أحدثت ردود أفعال واسعة. 

وكشفت المصادر الخاصة لـ"عربي21" أن "انتخاب رئيس الحركة خلفا لرئيسها الحالي خالد مشعل سيجري خلال أيام، حيث لا يزال إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق هما المرشحان الوحيدان لهذا المنصب".

إلا أن هذه المصادر كشفت لـ"عربي21" أن ثمة توجها تدعمه أوساط قيادية في الحركة يقضي بالدفع بمرشح ثالث لهذا المنصب، لتحقيق تنافسية أوسع، إلا أن هذا التوجه لا يلقى قبولا كافيا حتى اللحظة.

وأنهت الحركة خلال الفترة الماضية انتخاباتها في كل من أقاليم غزة والضفة والخارج، حيث أعلن عن انتخاب الأسير المحرر والقيادي البارز في غزة يحيى السنوار رئيسا للحركة في القطاع، فيما أنهى إقليما الضفة والخارج انتخاباتهما واختيرت قيادة كل إقليم وما تبقى هي ترتيبات إجرائية تتعلق بالمسؤوليات والمهم لكل إقليم.


هنية الأوفر حظا

وعلى الرغم من أن الأمور لن تحسم بشكل رسمي إلا في يوم الانتخاب، تتجه الترجيحات بشكل قوي إلى رئيس الحكومة الفلسطينية السابق والقيادي البارز في الحركة إسماعيل هنية (54 عاما) الأوفر حظا في تولي منصب رئاسة الحركة، مقابل منافسه القيادي البارز موسى أبو مرزوق (66 عاما) والذي تولى منصب أول رئيس للمكتب السياسي في العام 1992.


هنية ومصر 

وعن تأثير بقاء هنية وعدد من قيادات الحركة في غزة خلال يوم الانتخاب وإمكانية أن يكون ثمة تعنت مصري في هذا الأمر، أكدت المصادر أن الانتخاب سيتم في وقته المحدد بغض النظر عن مكان وجود هنية.


وردا على سؤال بشأن التأثير المصري في مسألة خروج هنية مؤقتا لحضور الانتخابات أو بشكل دائم إذا ما تم اختياره، تشير المصادر إلى أن "مسألة بقائه في غزة أو خروجه منها، هي استحقاق سيناقش بعد الانتهاء من انتخاب رئيس الحركة".

إلا أن المصادر تؤكد لـ"عربي21" أن "المصريين عموما لا يقولون "لا" على إطلاقها.. فطيلة أربعة أشهر ماضية كان التعامل المصري مع معبر رفح معقولا، غير أن الشهر الأخير اختلفت الصورة لأسباب يقول المصريون إنها أمنية قد تعرقل السماح بخروج هنية ووفد الحركة".


حجم التغيير

لا يخفي كوادر الحركة رغم ملاحظات هنا أو هناك أن ثمة تغييرا لا يستهان به تحقق في هذه الجولة الانتخابية سواء على مستوى قيادة الصف الأول أو حتى المستويات القيادية الثانوية وتحديدا حضور الشباب والمرأة.

وعن هذه النقطة تتحدث المصادر الخاصة لـ"عربي21" عن "تطور نسبي في حضور الشباب والمرأة في الصفوف القيادية المختلفة وهي إشارة إيجابية لضخ المزيد من الدماء الشابة في الحركة على كافة المستويات".

فيما كشفت مصادر خاصة أخرى أن نسبة التغيير التي حصلت تجاوزت الـ50%.

موقع خالد مشعل

من أبزر التساؤلات التي تطرح عند الحديث عن انتخابات حماس، هو مصير الرجل الذي قاد الحركة لعشرين عاما في ظروف صعبة ومحطات تاريخية بينها ثلاث حروب وانتفاضة وبما أصبح يملك من علاقات وخبرات متراكمة. 

ففي حين يكتفي مصدر مقرب من الحركة بالقول إن "مشعل سيبقى جزءا مهما من قيادة الحركة وأن النقاش في الخيارات بشأنه مفتوحة عقب الانتهاء من الانتخابات"، تكشف المصادر الخاصة لـ"عربي21" أن مشعل أصر على رفض استلام أي منصب تنفيذي في الحركة بعد انتخاب القائد الجديد، بل إنه يكتفي حاليا بتعريف موقعه بأنه "عضو مجلس شورى الحركة والرئيس السابق لها".

تحديات وملفات 

التركة الثقيلة التي ستحملها القيادة الجديدة للحركة تتنوع بين الهم الداخلي والخارجي، والذي جاء نتيجة لمنعطفات كبيرة مرت بها الحركة، بل ويرجح أن تتواصل في ظل المتغيرات المتسارعة في المنقطة.

تتحدث المصادر الخاصة عن تحديات كبيرة تنتظر القيادة الجديدة في مقدمتها "استعادة حيوية العلاقات السياسية مع الدول العربية كمصر والسعودية، وإيران والدول الإسلامية بتوازن، دون الدخول في مساحات الخلاف بين الأطراف المختلفة أو المتصارعة على الساحة السورية أو اليمنية أو العراقية".

وهو ما يتفق مع ما ذهبت إليه مصادر أخرى أشارت لـ"عربي21"، إلى أن أمام القيادة الجديدة للحركة "تحدي التعامل مع توازنات القوى الإقليمية، وتحديدا طهران، أنقرة، الرياض بطرق غير كلاسيكية".

كما أن القيادة الجديدة أمام تحديات داخلية متعلقة -حسب المصادر- بالتعامل مع الحصار على غزة والأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الحركة"ـ بالإضافة إلى تحديات داخلية متصلة بتطوير أداء وقدرات المقاومة، وإنهاء الانقسام وبناء المرجعية الوطنية التي تسع الجميع على أسس ديمقراطية وحماية الثوابت، وتفعيل دور الشتات لأخذ دوره في المشروع الوطني".

اقرأ أيضا: مشعل في إعلان وثيقة حماس الجديدة: لا اعتراف بإسرائيل