سياسة دولية

ناشطة مسلمة تروي تفاصيل تخاذل بريطاني تجاه جرائم قتل عنصرية

المتهم الأوكراني الذي ينتمي إلى النازيين الجدد قدم إلى بريطانيا قبل أسبوع من ارتكابه الجريمة- ميدل إيست آي
نشر موقع "ميدل إيست آي" ، شهادة حية للناشطة "ماز سليم"، التي تطرقت من خلالها إلى أحداث مقتل والدها، محمد سليم، البالغ من العمر 82 سنة، على يد أحد النازيين الجدد.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحادثة التي حدثت في إنجلترا منذ أربع سنوات، قد أودت بحياة الشيخ المسن الذي كان عائدا إلى منزله الواقع في مدينة بيرمنغهام، وعاش فيه لثلاثة عقود، حيث تم طعنه ثلاث مرات من الخلف.

وقالت ماز سليم، في شهادتها التي ترجمتها "عربي21"، إن المتهم الأوكراني، بافلو لابشين، الذي ينتمي إلى النازيين الجدد، كان قد قدم إلى بريطانيا قبل أسبوع من ارتكابه لهذه الجريمة النكراء في حق والدها.

وقد زعم لابشين، الذي تبع الشيخ محمد سليم أثناء عودته إلى المنزل، أنه استهدف الضحية نظرا إلى أن لون بشرته كان داكنا، كما أن لباسه دلّ على أنه مسلم.

والجدير بالذكر أن محمد سليم كان شخصا مثقفا ومولعا بالسياسة، وخصوصا حين يتعلق الأمر بالسياسة الباكستانية.

وذكرت ماز سليم أن والدها، وعقب انتقاله هو وعائلتها للعيش في المملكة المتحدة خلال خمسينيات القرن الماضي، اشتغل خبّازا.

وقد كان يكدّ في العمل من أجل توفير قوت عائلته، كما أنه لطالما عُرف بعطائه وكرمه. 

والجدير بالذكر أن نهاية هذا الأسبوع تتزامن مع الذكرى الرابعة لمقتل محمد سليم، حيث أفادت ابنته بأن تجربتها الشخصية مع الإسلاموفوبيا سترافقها وعائلتها إلى الممات، في الوقت الذي لا يزال فيه الكره والعنصرية مستفحلا داخل المجتمع البريطاني.

وأضافت ماز سليم أن بافلو لابشين، قد قاد حملة جمعت بين الإرهاب والقتل، بمجرد دخوله إلى البلاد. فلم يمض على وجود لابشين خمسة أيام في المملكة، حتى سارع إلى قتل والدها، ليقوم بعدها بزرع متفجرات خارج ثلاثة مساجد في منطقة "ميدلاند الغربية".

وهنا لسائل أن يسأل: كيف للسفارة البريطانية في أوكرانيا أن توافق على طلب دخول شخص ذي تاريخ فاشي إلى منطقة تعجّ بالسكان المسلمين في المملكة المتحدة؟

وأقرت ماز بأن تلك الأحداث كانت تستحق اهتماما أكثر من قبل الحكومة البريطانية، التي، في المقابل، لم تبخل بالمال والجهد والموارد عند تحقيقها بشأن مقتل "لي ريغبي"، وفي الوقت الراهن، يقبع لابشين في السجن بعد صدور حكم في حقه لمدة 40 سنة لقتله محمد سليم وتفخيخه ثلاثة مساجد.

وعلى الرغم من أن الحكم الصادر على المتهم قد تم بموجب قوانين الإرهاب، إلا أن لابشين لم يخضع للممارسات ذاتها التي عادة ما تعتمدها وسائل الإعلام والشرطة والحكومة، في حق المجرمين عندما يثبت أن لهم أصولا عربية مسلمة.

وذكرت ماز سليم أنه عندما قُتل "لي ريغبي" بعد ثلاثة أسابيع من الجريمة التي راح ضحيتها والدها، حظي خبر مقتله بتغطية إخبارية على مستوى عالمي، وندد الكثيرون بوحشية الجريمة التي طالته.

في المقابل، لم يتم التعامل مع حادثة مقتل محمد سليم بالقدر ذاته من الاهتمام والجدية على الرغم من أوجه الشبه بين الجريمتين.

وفي الأثناء، خيم صمت مطبق في أعقاب مقتل سليم، في الوقت الذي كان من المنتظر فيه أن تتعالى أصوات الإدانة من قبل السياسيين والشرطة، فضلا عن فتح باب النقاش حول الخطر الذي تمثله معتقدات النازيين الجدد.

وأوضحت ماز أن قضية مقتل أحمد محسن، البالغ 81 سنة، لم تحظ هي الأخرى بالتغطية الإعلامية المطلوبة، على الرغم من أنه قد تم ركل محسن وضربه على رأسه أثناء توجهه إلى المسجد في مدينة روثرهام، في الخامس عشر من آب/ أغسطس سنة 2015. وأكدت ماز أن والدها وعائلتها، وكافة المسلمين على غرار أحمد محسن وعائلته، يُعدّون أيضا من ضحايا الإرهاب.
 
وأشارت ماز إلى أنها تردّدت كثيرا على قسم الشكاوى في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، التي ما فتئت تصف قضية مقتل والدها بأنه "هجوم يميني متطرف" بدل استخدام مصطلح "عمل إرهابي".

وبالنظر إلى أن لاشبين قد تم الحكم عليه بموجب المادة 5 من قانون الإرهاب لسنة 2006، فقد بدا من المناسب أن يُعتبر ما قام به "هجوما إرهابيا يمينيا متطرفا".

وبالتالي، فإنه يُظهر تواتر التعبير غير المناسب لوصف عملية مقتل محمد سليم، اللامبالاة الشديدة في وجه المعاناة والألم اللذين تمر بهما عائلة الضحية.

وأفادت ابنة الفقيد بأنها أصرت على إيضاح هذه المسألة لهيئة الإذاعة البريطانية وذلك حتى تقي عائلات أخرى تمر بظروف مماثلة، التعرض للتجاهل أو الرفض. من جهة أخرى، فقد أصبحت هناك حاجة ملحة لنشر روايات تعنى بنقل مشاهد تظهر أنه من الممكن للبيض والسود والمسلمين والمسيحيين واليهود، التعايش معا، بدلا من تعزيز الأفكار النمطية السلبية وغير الدقيقة.

وأضافت ماز سليم أنها قد تحولت إلى ناشطة في مجال مكافحة ظاهرة العنصرية والإسلاموفوبيا، منذ مقتل والدها، وذلك بهدف نشر الوعي حول هذه المسائل التي يحوم حولها جدل كبير.

 علاوة على ذلك، فإن ماز انتقدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي لم تتوان في توظيف الإسلاموفوبيا ومناهضة مسألة اللاجئين لتصل إلى منصبها الحالي. من جهتها، قامت وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية بشيطنة الإسلام والمسلمين إلى حد كبير لتبرير هجماتها على الدول المسلمة.

ولم تُخف ماز استغرابها من فوز المرشحة اليمينية مارين لوبان، وانتقالها للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، حيث إن أكثر من سبعة ملايين مواطن فرنسي صوتوا لشخص عنصري وفاشي معاد للإسلام، في ظل انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا كالنار في الهشيم في العالم أجمع.

فضلا عن ذلك، فإنه سبق للعالم أن شهد سيناريو مماثلا في الولايات المتحدة، تجسد في تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، علما بأنه قد لجأ إلى عاملي العنصرية والإسلاموفوبيا لإظهار انعدام الأمن الاقتصادي في الولايات المتحدة، ما دفع الناخبين إلى التصويت لصالحه.

وفي الختام، أكدت ماز سليم على ضرورة وضع حد لظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث إنه يجب تحدي الخطاب العنصري الذي يروج له السياسيون في جميع أنحاء العالم مستهدفين بذلك المسلمين والمهاجرين واللاجئين. علاوة على ذلك، فإنه لا بد من المشاركة في تنظيم حملات تهدف إلى إنشاء عالم يكرس مبدأ الإنسانية والسلم حتى تنعم الأجيال المقبلة بحياة أفضل.