مقالات مختارة

من يصل إلى الرقة أولا؟

باسم الطويسي
1300x600
1300x600
على الرغم من كثافة ما تحمله الضربة الصاروخية الأمريكية الأخيرة لسوريا من معان رمزية، إلا أننا سنكون خلال أيام أو أسابيع مع برنامج سياسي واستراتيجي جديد، تشتبك فيه الأهداف الأمريكية الجديدة حيال الأزمة في سوريا بشكل عام نحو تصعيد الحرب على الإرهاب، وتحديدا القضاء على تنظيم "داعش" بعدما تسلمت الإدارة الأمريكية خطة القضاء على داعش قبل أسابيع التي أعدها فريق البنتاغون، وهي خطة عسكرية سياسية تشارك فيها الخارجية الأمريكية إلى جانب وزارة الدفاع وقيادة الأركان العسكرية، فيما تتحدث التسريبات عن حزم من المقترحات أعدها الجنرال جوزيف فوتيل قائد قوات التحالف، فيما يؤكد ترامب نفسه أن أفعاله العسكرية والسياسية لن تكون متاحة لوسائل الإعلام والرأي العام في كل الأوقات. 

التوقعات تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة تقوم على بناء تحالفات جديدة وإعادة تقوية تحالفات قائمة، وخلق نقاط ارتكاز وتوازن في التحالف الأمريكي بين الخصمين التركي والكردي، الذي شكل بؤرة تأزم في السابق، في حين ستبرز غرف عمليات عسكرية جديدة وإعادة صياغة للتنسيق العسكري مع الروس؛ ميدانيا يبدو أن الاتجاهات تذهب نحو المزيد من التسليح الثقيل للأكراد في شمال سوريا، وتوسيع الاستعانة بالقوات الخاصة الأمريكية، ونشر قوات نخبة أمريكية في العراق وسوريا. أما في حدود الانتشار، فمن المتوقع أن الخطة الأمريكية لا تكتفي بمواجهة تنظيم داعش، بل ستنال التنظيمات المتطرفة الأخرى وعلى رأسها تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، كما أن الخطة لا تكتفي بمواجهة هذه التنظيمات في العراق وسوريا، بل تذهب إلى اليمن وليبيا وربما إفريقيا. 

إن الترتيب القادم ينال الوصول إلى الرقة، فخلال أكثر من عام كان الصراع ظاهرا وتحت عنوان كبير من يصل إلى الرقة أولا؟ سواء من قبل الوحدات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة تحديدا أو من قبل قوات الجيش السوري وحلفائها، أو من قبل التنظيمات المدعومة من الأتراك وبعض دول الخليج. في شهر أيار من العام الماضي سادت أجواء مشابهة في التصعيد حول استهداف "تنظيم داعش"، حيث دفعت الإدارة الأمريكية السابقة بقوات سوريا الديمقراطية نحو مدينة الرقة، وفيما عمل الأتراك سياسيا وعسكريا على تعطيل هذه المعركة في الوقت الذي تعثر فيه التنسيق الروسي والأمريكي. 

اليوم، ماذا يحدث؟ الولايات المتحدة استطاعت تحييد تركيا، وثمة تنسيق أمريكي روسي عسكري سيكون أكثر وضوحا قريبا، فيما تقوم قوات أمريكية بتدريب قوات الوحدات الكردية "سوريا الديمقراطية" وقوات نخبة عربية أخرى ستكون رأس الحربة للدخول للرقة، إلى جانب قوات أخرى غير معروفة إلى هذا الوقت، ويلاحظ حجم الاستعداد الذي أولته الولايات المتحدة منذ عدة أسابيع في قاعدة عين العرب، إن الهدف الأمريكي الراهن تطوير حضور عسكري ونفوذ في شمال شرق سوريا، وهو ما يحقق الاستراتيجية المعلنة وبرنامج الرئيس ترامب، الذي طالما أكد أولوية القضاء على تنظيم "داعش". القوات البريطانية هي الأخرى قامت بإنزال ناجح بالقرب من عين العرب في إشارة إلى استعدادات الحلفاء لمعركة الرقة.

كل المؤشرات اليوم تقول إن الولايات المتحدة في الطريق إلى إنهاء لعبة إدارة الصراع حول "داعش" إلى حسم هذا الصراع، فالإدارة الأمريكية بأمس الحاجة إلى إنجاز من هذا النوع. ولكن السؤال الأهم: ما طبيعة هذه المعركة وحجمها؟ فلا أحد يمكن أن يقدر حجم قسوة هذه المعركة وصعوبتها، وفي الوقت نفسه احتمالات سهولة وسرعة حسمها.

الغد الأردنية
0
التعليقات (0)