ملفات وتقارير

المراجعات الإخوانية.. هل ارتقت إلى المطلوب؟

حسن نافعة: المراجعات التي تتم خارج القيادات الرسمية لا قيمة لها- تويتر
حسن نافعة: المراجعات التي تتم خارج القيادات الرسمية لا قيمة لها- تويتر
أعلنت الجبهة المسماة إعلاميا بـ"جبهة محمد كمال" داخل جماعة الإخوان المسلمين بمصر في 19 آذار/ مارس الجاري، عن البدء في طرح ورقات لتقييم ومراجعة مواقف الجماعة في السنوات السابقة، وصدرت الورقة الأولية بعنوان "تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة على الماضي".

وذكر البيان الذي ذُيل بـ"الإخوان المسلمون- المكتب العام" أن نسخا من التقييمات سيتم تسليمها لما يزيد على 100 من المفكرين والسياسيين، للمشاركة بالرأي والمشورة والنقد.

ويتوازى مع ذلك عرض التقييمات على "الصف الإخواني" للإسهام بالرأي كذلك، وفقا للتجربة التي خاضوها.

وأعقب هذا الإعلان تصريح من الجبهة المقابلة في الجماعة في 20 آذار/ مارس، على لسان المتحدث باسمها طلعت فهمي، أكد فيه "أنه لم يصدر عن أي من مؤسسات الجماعة أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييم لأحداث، وتؤكد الجماعة عدم صلتها بالبيان الصادر (...) عن البعض، والذي تناولته بعض وسائل الإعلام بهذا الخصوص".

وأثار هذا النفي تساؤل مراقبين عن جدوى ما تم طرحه في ورقات التقييمات، وعن مدى وجود وفعالية ثقافة المراجعة والنقد الذاتي لدى الإسلاميين عموما.

موجودة ولكنها أقل مما ينبغي

ورأى القيادي في حزب الحرية والعدالة، أحمد رامي، أن المراجعات موجودة عند الإسلاميين؛ إما بصورة فردية، كالمقالات التي كتبها عصام العريان قبل الثورة، أو بصورة مؤسسية، كما صدر في كتاب "دعاة لا قضاة" للمرشد العام الأسبق حسن الهضيبي، أو وثيقة المرأة والشورى والأقباط التي صدرت عن الجماعة عام 1995.

واستدرك بالقول لـ"عربي21" إن "هذه المراجعات في المجمل أقل مما ينبغي؛ لأن الإسلاميين هم "أبناء المجتمع والبيئة التي تستنكف عن الاعتذار ومراجعة الذات بصورة علنية، وتعتبرهما غير مرحب بهما، كما أن هناك حساسية من أن تتم هذه المراجعات تحت الضغوط الأمنية، حتى لا يظن البعض أنها تنازل عن المنهج، أو استجابة لهذه الضغوط"، مؤكدا أن "الأصل أن تكون الحرية هي المناخ الذي تتم فيه هذه المراجعات".

وأضاف أن "ورقات التقييمات الأخيرة، وإن كانت لا تعبر عن كل التنظيم، لصدورها عن مجموعة ما زالت تعتبر نفسها جزءا منه؛ إلا أنها تعتبر محاولة علنية للمراجعة".

وعن رأيه في مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر 1997؛ قال رامي إن "المراجعات التي تتم تحت ضغط؛ لا تمثل رأيا عاما حرا، ولا قناعة حرة، ولا يمكن الحكم عليها؛ إلا في حال تم اختبارها في جو حقيقي من الحريات".

الدولة ليست لديها رؤية

من جانبه؛ اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، أن ما قدمه جمال حشمت في رصد الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة؛ يبين أن فكرة المراجعات موجودة لدى بعض الأوساط.

ولكنه رأى أن "المراجعات التي تتم خارج القيادات الرسمية؛ لا قيمة لها، وهي مجرد ضجة إعلامية"، مضيفا: "نحن لا نعرف بالضبط وزن من يقومون بالمراجعة داخل التنظيم، كما أن الوضع السياسي لا يمثل ظرفا صحيا للقيام بمراجعات فكرية أو سياسية".

وقال نافعة لـ"عربي21" إن "المطلوب هو إيجاد رؤية للدولة حول التعامل مع جماعة الإخوان، وشكل مشاركتها في المشهد، ثم تقوم الجماعة بعد ذلك بصياغة رؤية للتعامل مع ما تم طرحه من قِبل الدولة"، مؤكدا أن "المبادرة يجب أن تأتي من الدولة والمجتمع، ومن قيادات التنظيم، كما جرى في مراجعات الجماعة الإسلامية".

وعن مدى استجابة نظام الانقلاب لما صدر من أحد أجنحة جماعة الإخوان المسلمين؛ أوضح نافعة أن "مشكلة الدولة ليست مع الإخوان، وإنما هي مع المنادين بالديمقراطية، وفي تقديري أن الإخوان والنظام ليسوا مؤمنين بها".

غياب القضايا الكبرى

من جهته؛ قال الأكاديمي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، كمال حبيب، إن هناك ترددا في تقديم المراجعات من قبَل الإسلاميين.

وأضاف لـ"عربي21" أن "ما صدر منذ أيام عن جبهة كمال أقل مما كان متوقعا، في ظل الإحجام عن الخوض في القضايا الكبرى، كالعنف، والبيعات الدينية، والسرية، والدولة الوطنية، والخلافة، ومدى توازن التكوين الدعوي والتربوي مع الجانب السياسي والفصل بينهما".

ورأى حبيب أن مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر كانت أكثر جرأة، حيث إنها "خاضت في القضايا الكبرى، كالجهاد الذي يمثل قيمة رئيسة لديها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعموم الناس، وحتى الموقف من المسيحيين، ومن الدولة، وكذلك الموقف من تنظيمات العنف الأخرى كالقاعدة".

وقلل من قيمة ورقة تقييمات "الإخوان" في ظل انقسام الجماعة، وامتلاك "القيادات التاريخية" للأدوات، كالمال والعلاقات والإعلام، وامتلاكهم لرؤية يمكن الوثوق في تعبيرها عن مؤسسة الجماعة.

وعن سبب قلة وجود مراجعات بين أوساط الجماعات الإسلامية؛ أرجع حبيب ذلك إلى كونها "جماعات عقدية، ومن الصعب على التنظيمات العقدية المبنية على الولاء والبراء أن تراجع مواقفها، كما أنه لا توجد تقاليد للنقد الذاتي في ظل السمع والطاعة، والتلقي من أعلى، وغياب النقاش الأفقي".
التعليقات (0)