ملفات وتقارير

"أصوات مصرية" يتوقف بسبب وقف التمويل البريطاني.. ماذا حدث؟

يعتبر الموقع من آخر منصات الإعلام المستقلة عن النظام في مصر
يعتبر الموقع من آخر منصات الإعلام المستقلة عن النظام في مصر
بدأ العد التنازلي لإغلاق موقع "أصوات مصرية" بعد ست سنوات من انطلاقه، وسط بوادر أزمة صحفية جديدة بين الصحفيين المصريين وإدارة الموقع.

وجاء الإعلان قرار إدارة الموقع الذي أطلق بعد ثورة 25 يناير 2011، بإغلاقه يوم 15 آذار/ مارس الجاري؛ مفاجئا، في ظل حديث عن تعرض إداراته لضغوط وصفها عاملون في الموقع بـ"أزمة تمويل أسبابها سياسية".

وفي هذا الإطار، أكد صحفيون في موقع "أصوات مصرية" لـ"عربي21" أن ما يثار عن إغلاقه منتصف الشهر الجاري صحيح، لكنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام إنهاء مسيرة الموقع التي تكللت بالعديد من الجوائز والنجاحات على مدار ست سنوات، وفق قولهم.

ضغوط مصرية

وكشف الصحفي علي سعيد، وهو رئيس تحرير بالموقع، لـ"عربي21" أن "هناك مشكلة تمويل، وهي مشكلة مادية، ولكنها في الحقيقة مرتبطة بتوجهات وزارة الخارجية البريطانية السياسية التي تمول المشروع، عبر مؤسسة طومسون رويترز".

وأضاف أن "التحولات السياسية التي حدثت في مصر، وما صاحبها من تطورات تتعلق بالتضييق على حرية الرأي، سرّعت من خلق تفاهمات مع الحكومة البريطانية بشأن إغلاق أي موقع تدعمه أو تموله"، مشيرا إلى أنه "رغم الحيادية والمهنية، يبدو أن ضغوطا مصرية مورست على الخارجية البريطانية لوقف دعم أي مؤسسات صحفية أو إعلامية"، وفق قوله.

وأكد أنه على خلاف ما يشاع، "فإن الموقع لم يخرج من عباءة رويترز حتى اليوم، بالرغم من تسجيل الموقع كشركة مصرية، باسم أصوات ديجيتال سيرفيسز"، موضحا أن "مرتبات الصحفيين من أموال دافعي الضرائب البريطانيين".

وربط سعيد بين الإسراع في تنفيذ قرار الإغلاق، وزيارة وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، إلى القاهرة، نهاية الشهر الماضي، وقال: "قد تكون هذه الزيارة هي التي كتبت عنوان النهاية، في أعقاب التفاهمات المسبقة وتعهدات الخارجية البريطانية بوقف تمويل أي منصة صحفية أو إعلامية بمصر".

وذهب بالقول إلى أن "رويترز يبدو أنها تريد أن تخلي مسؤوليتها من وجع الدماغ مسبقا، والذي يمكن أن يسبب لها مشكلة مع النظام في مصر، على افتراض أنه يمكن أن يحدث، بالرغم من أنه لم يحدث من قبل"، على حد تقديره.

ونوه إلى أن "الكارثة الحقيقية هي مستقبل الأرشيف، فهو مهدد بالزوال بسبب موظف غير كفؤ في المؤسسة بلندن يدعى نيكولاس بيليه، يزعم أنه ليس لنا الحق فيه، ولم يعد متوفرا على منصات البحث الإلكترونية، مما يترتب عليه نسف حقوق الصحفيين وجهودهم طوال السنوات الماضية".

تنصل رويترز "ماديا وأخلاقيا"

وكشف رئيس تحرير آخر بالموقع، طلب عدم ذكر اسمه، أن المشكلة الأخرى "هي رفض مؤسسة رويترز صرف مستحقات الصحفيين بتعويضهم عن الفترة التي قضوها، بدعوى أننا نعمل في شركة مصرية، وأن مؤسسة رويترز أخلت مسؤوليتها بموجب انتقال ملكيتها لها، وهو مجاف للحقيقة، فالشركة المصرية لم تكن غير بوابة للتنصل من أي أعباء، سوف تترتب على إغلاق الموقع سواء مادية أو أدبية"، كما قال.

وكشف أن "المؤسسة أسندت إداراة الموقع للأساتذة الأفاضل هاني شكر الله، ونجلاء العمري، وسالمة حسين، من أجل إغلاقها"، متهما المؤسسة بأنها "استخدمتهم كأداة من أجل تنفيذ هذه الخطوة، واستخدامهم كدروع بشرية للاحتماء وراءهم من مطالب وغضبة صحفي الموقع، وأن المتضرر هم زملاؤهم وليست رويترز"، وفق تعبيره.

وكشف المصدر أنهم سيلاحقون المؤسسة قضائيا ومهنيا، قائلا: "نملك من الأوراق والمستندات ما تؤكد انتماءنا لمؤسسة رويتز، فعملنا كان في نفس مبنى المؤسسة بالقاهرة، وكل الزملاء هناك يشهدون معنا على ذلك، وجميع المراسلات بيننا وبين المؤسسة في لندن تؤكد أننا نعمل لديهم، ومرتباتنا من هناك، وقدمنا شكوى لنقابة الصحفيين، وسننظم وقفات احتجاجية".

تأكيد

والسبت، نشر موقع "أصوات مصرية" خبرا، السبت، يقول إن مؤسسة تومسون رويترز أعلنت إغلاق المنصة الإخبارية؛ بسبب عدم القدرة على تأمين الأموال اللازمة.

 وقالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة تومسون رويترز، مونيك فيلا، في الخبر ذاته: "أنا فخورة جدا بإطلاق موقع أصوات مصرية وبكل ما حققه فريق الصحفيين على مر الأعوام".

وتابعت: "نحن نبذل ما بوسعنا بهدف استكشاف الخيارات لإبقاء محتويات الموقع بمتناول الجمهور، وإنني واثقة من أن ذلك سوف يحصل، وفق قولها.

تضامن صحفي

من جهته، أدان المرصد العربي لحرية الإعلام "قرار إغلاق منصة صحفية كأصوات مصرية، وأنهم متضامون مع كل نافذة حرة، ترصد الأحداث وتنقلها بمهنية"، وحذر من "دخول مصر حقبة جديدة من استهداف الصحافة لتأميم المجال بالكامل".

واعتبر الباحث في المرصد، أحمد أبو زيد، في حديثه لـ"عربي21"، أن ما حدث هو "امتداد لمحاولة تكميم الأفواه التي يقوم بها النظام المصري منذ سنوات، والتي بدأت بإغلاق المنابر المحسوبة على الإسلاميين، ثم إغلاق مكاتب الجزيرة، وإيقاف الجزيرة مباشر مصر، انتهاء بملاحقة المراسلين الأجانب، وأخير قرار إغلاق أصوات مصرية".

وأضاف: "لا شك أن توجه بريطانيا الداعم لسياسات السيسي التعتيمية هو تحول جديد في السياسة الأوروبية تجاه ملف حقوق الإنسان في مصر، والذي بدأ صريحا بتجاهل وزير الخارجية البريطاني لمناقشة ملف حقوق الإنسان مع السيسي ونظيره سامح شكري خلال زيارته القاهرة، ما يوحي بصفقة محرمة في هذا الصدد خاصة أن خبر إغلاق موقع أصوات مصرية جاء بعد أيام من الزيارة"، وفق قول أبو زيد.
التعليقات (0)