سياسة عربية

مقتل برلماني مغربي بالرصاص: جريمة شرف أم تصفية حسابات؟

عبد اللطيف مرداس كانت له عداوات وخلافات كثيرة مع عدد من رجال المخدرات ورجال الأعمال والمستثمرين ـ أرشيفية
عبد اللطيف مرداس كانت له عداوات وخلافات كثيرة مع عدد من رجال المخدرات ورجال الأعمال والمستثمرين ـ أرشيفية
أوقف الأمن المغربي مشتبها به على خلفية مقتل نائب في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) عبد اللطيف مرداس عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري (يمين ليبرالي/معارض)؛ بالرصاص في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، مستبعدا في الوقت ذاته طابع الاغتيال السياسي عن الجريمة.

ورغم إعلان المديرية العامة للأمن الوطني توقيف مشتبه به، إلا أن لغز الجريمة التي تعد "سابقة" خطيرة في التاريخ السياسي المغربي لم تحل بعد؛ خاصة أن التحقيق في بداياته، والأهم أن الشهادات التي استقصتها "عربي21" تكشف حجم العداوات والخصومات التي كانت للراحل.

الأمن يستبعد الاغتيال السياسي

وقالت المديرية العامة للأمن الوطني، إنها أوقفت "شخصا يبلغ من العمر 27 سنة، من ذوي السوابق القضائية، يشتبه في علاقته المحتملة بجريمة القتل العمد باستعمال السلاح الناري".

وأضاف البلاغ التي تتوفر "عربي21" على نسخة منه: "تمكنت فرقة أمنية مشتركة، تتألف من عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدار البيضاء وفرقة الشرطة القضائية بأمن عين الشق بالدار البيضاء، صباح الأربعاء، من توقيف يشتبه في علاقته المحتملة بجريمة القتل العمد باستعمال السلاح الناري، التي راح ضحيتها نائب برلماني عن دائرة ابن حمد (وسط المغرب)".

وتابع البلاغ: "مكنت الأبحاث والتحريات الأولية، مدعومة بالخبرات التقنية، من تجميع قرائن مادية ترجح احتمال تورط شخص يتحدر من مدينة ابن أحمد في ارتكاب هذه الجريمة، على اعتبار أنه سبق أن وجه تهديدات للضحية بسبب خلافات شخصية تكتسي طابعا خاصا، وهو ما استدعى إيفاد فرقة أمنية مشتركة إلى مسكنه بمدينة ابن أحمد وتوقيفه".

وأوضح أن "عمليات التفتيش المنجزة بمنزل المشتبه فيه، أسفرت عن حجز سلاحين للصيد وخراطيش شبيهة بتلك التي استعملت في جريمة القتل، وقد أحيلت على مختبر الشرطة التقنية والعلمية لإخضاعها لخبرة باليستيكية للتحقق مما إذا كانت هي التي استعملت في ارتكاب هذه الجريمة".

وأكد أن "الأبحاث والتحريات الأمنية لا تزال متواصلة في هذه النازلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروفها وملابساتها ودوافعها الحقيقية".

اقرأ أيضا: اغتيال برلماني من حزب مغربي معارض.. ما هي الدوافع؟

جريمة شرف

وكان لافتا في بلاغ الأمن المغربي جملة "خلافات شخصية تكتسي طابعا خاصا"، حيث أكدت مصادر متطابقة لـ"عربي21" أن البرلماني الراحل كانت له عداوات كثيرة داخل الدائرة الانتخابية التي يمثلها حاليا، وأيضا باعتباره رئيسا لمجلسها البلدي من 2003 إلى 2009.

مصدر مطلع من أبناء مدينة ابن أحمد كشف لـ"عربي21" أن الموقوف الذي أعلنت عنه مديرية الأمن الوطني هو ( م خ) أخ الخطيبة السابقة للبرلماني المقتول، وابن صديقه الشخصي ورفيقه في الحزب (م خ) الشهير في المنطقة بـ(برحال/ابن رحال)".

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن والد الموقوف مستشار جماعي بمدينة ابن أحمد، كما أنه كان يشغل منصب المنسق الإقليمي السابق لحزب الاتحاد الدستوري، وكاتبه المحلي بابن أحمد قبل أن تشب خلافات بينه وبين الراحل، الذي كان مسؤولا جهويا بالحزب.

وأوضح المصدر أن "الخلافات بين الطرفين انطلقت حينما قرر البرلماني فسخ الخطبة التي كانت تربطه بأخ المشتبه به، من جانب واحد بعد علاقة دامت أكثر من 9 سنوات؛ دون أن يتم توثيقها".

وأفاد أن "الخلاف انطلق عائليا، لكنه تطور ليشمل جميع أوجه العلاقة بين الطرفين، وصلت حد الاستهداف الشخصي، حيث هاجم أبناء عائلة المشتبه به سيارة البرلماني وهشموا زجاجها في رمضان الماضي، وهي قضية تنظر حاليا أمام المحاكم".

وزاد المصدر أن "انتشار صورة عارية (للخطيبة) على تطبيق (واتساب) وموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، قبل أشهر كان بمثابة صب للزيت على النار في العلاقة بين الضحية وعائلة المشتبه به، حيث اتهمت عائلة الفتاة البرلماني بتسريب الصورة".

حسابات شخصية

مصادر "عربي21" كشفت معطيات أخرى، تفيد أن الضحية كانت له عداوات وخلافات كثيرة مع عدد رجال المخدرات ورجال الأعمال والمستثمرين في المنطقة.

وتابعت المصادر: "هناك أربعة خصوم من النافذين للضحية، وعندما أقول أربعة فإني أقصد من الناس ذوي النفوذ والحظوة وربما السلطة؛ دون أن أنسى بسطاء الناس الذين كانوا ضحايا تصرفاته".

وأضافت: "الخصم الأول للضحية تاجر مخدرات كبير في المنطقة، سبق أن وقع خلاف بينهما لأسباب لا أحد يعلمها، الخصم الثاني هو أب الموقوف من طرف رجال الأمن وأب الخطيبة السابقة".

وأوضحت المصادر أن "الخصم الثالث هو صاحب شركة بستنة، دائن للضحية بـ 70 مليون سنتيم (70 ألف دولار)، أما رابع الخصوم فهو مستثمر راح ضحية عملية نصب من طرف الضحية باعه شقة على الورق بمبلغ 200 مليون سنتيم (200 ألف دولار)".
 
تعزية وذهول

ونعى حزب الاتحاد الدستوري البرلماني عبد اللطيف مرداس وقال في بلاغ نشره الأربعاء: "تعرض النائب البرلماني وعضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري عبد اللطيف مرداس مساء أمس الثلاثاء إلى اعتداء بالسلاح الناري، أمام بيته، فارق على إثره الحياة".

وتابع: "وإن الاتحاد الدستوري إذ ينعي وفاة المرحوم عبد اللطيف مرداس، يندد بهذا العمل الإجرامي الدنيء الذي تعرض له أحد قيادييه، ويأمل أن تكشف التحقيقات والتحريات التي تجريها المصالح المختصة عن مرتكبي هذه الجريمة في أقرب وقت ممكن كما أنه يتوجه بالعزاء إلى عائلته الصغيرة و إلى كافة مناضلي الحزب وبرلمانييه وقيادييه".

وساد الذهول المجتمع المغربي بعد هذا القتل، خاصة أن هذه الجريمة سابقة من نوعها في المغرب التي يغتال فيها برلماني بالرصاص، وأيضا لأن المغرب لم يعرف القتل باستعمال الرصاص لحل الخلافات والخصومات إلا في حالات نادرة جدا.
التعليقات (0)