صحافة دولية

ساينس مونيتور: هكذا كانت جائزة أفضل معلمة مجرد بداية للحروب

ستينس مونيتور: التغيير الذي جاءت به الحروب تجاوز حدود فصلها الدراسي- أرشيفية
ستينس مونيتور: التغيير الذي جاءت به الحروب تجاوز حدود فصلها الدراسي- أرشيفية
نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا للكاتبة كريستا كيس براينت، حول المدرسة الفلسطينية حنان الحروب، التي فازت بجائزة أفضل معلمة في العالم عام 2016.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحروب استخدمت جائزتها لتنشئ منظمة التعليم الإبداعي؛ لنشر الاستفادة من خبرتها على مستوى العالم العربي وأبعد من ذلك، حيث قامت بجولة زارت فيها الأمم المتحدة والفاتيكان، وقابلت العديد من الرؤساء ووزراء التعليم، لافتا إلى أن كثيرا من المدرسين الفلسطينيين استفادوا من تجربتها، فبعد أن كانت واحدة من 60 معلما ومعلمة تقدموا للجائزة، أصبح عدد المتقدمين هذا العام 800، والأهم من الفوز بالنسبة لهم هو تطوير إمكاناتهم المهنية.

وتلفت براينت إلى أن مدرسة تشجعت من تجربة الحروب، حيث تقدمت لمسابقة قراءة، وفازت بجائزة قيمتها مليون دولار، وحصل المدرسون الفلسطينيون على نفوذ أعلى في المناهج، حيث تم إشراك أربعة معلمين مقابل عضو من غير المعلمين في فريق إعداد المناهج، بعد أن كان يعتمد على مهنيين آخرين، بحسب مدير مركز إبداع المعلمين وعضو في اللجنة التي تقيم المقدمين للحصول على جوائز رفعت صباح. 

وتنقل المجلة عن صباح، قوله: "إن هذا مؤشر جيد على أن الوزارة وصناع القرار يدركون الإمكانيات التي يمتلكها المدرسون"، وأضاف أن فوز الحروب رفع من معنويات المدرسين، وأشعرهم بقيمتهم، "وردت لهم الروح ثانية".

تحويل الطالب العنيف

ويفيد التقرير بأنه "في نظام تعليمي يقوم على الحفظ، حيث يكرر الأطفال ما يقوله لهم المعلم دون تفكير، وعلى شكل ترانيم، فإن الإنسانية، التي جلبتها الحروب لغرفة الدرس ولورشات المعلمين، فتحت عيون زملائها المعلمين وعقولهم على نهج جديد".

وتورد الكاتبة نقلا عن معلمة تعمل مع الحروب في مدرسة سميحة خليل، قولها: "هدفنا هو التركيز على شخصية الطالب، ومحاولة التعرف على المواهب التي نستطيع تنميتها". 

وتقول المجلة: "في يوم مشمس جلست الحروب تستذكر رحلتها من مخيم الدهيشة، بالقرب من بيت لحم، حيث ولدت إلى الشهرة التي حققتها على مستوى العالم، وتقع المدرسة التي تدرس فيها اليوم في البيرة، على تلة مطلة على الأبراج في رام الله وعلى مستوطنة بسغوت القريبة".

ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من عمر الحروب، الذي قضته في قلب الصراع العربي الإسرائيلي، إلا أنها لا تبدو متأثرة بالحقد والعنف، وتختلف مع الرأي الإسرائيلي السائد بأن المناهج الفلسطينية تحرض الأطفال الفلسطينيين على التطرف، وتقول إنها لم تر شيئا في المناهج الدراسية يحرض على العنف، وخلافا لذلك، فهي ترفض العنف، وتحاول أن توفر لطلابها أجواء تحميهم من الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وتنقل براينت عن الحروب، قولها: "الأمر الأكثر أهمية هو أنه عندما نغلق باب غرفة الدرس ننسى كل شيء يدور خارجه.. ونرفض أي تصرف عدواني في غرفة الدرس، وأي توجهات عنيفة أو عدوانية مرفوضة أيضا"، مشيرة إلى أنه تم اختبار مبادئها عندما جاءها طفل عمره سبع سنوات، وكان يضربها باستمرار، ويضرب زملاءه إن تركته معهم لمدة دقائق. 

وتنوه المجلة إلى أن الطفل قد تعرض للضرب والتخويف، وانتقل من مدرسة إلى أخرى، فبدأت الحروب في محاولة كسب ثقته من خلال اتفاقيات صغيرة معه، مثل: إذا التزمت بهذه اللعبة لمدة خمس دقائق ستكافأ بلعبة أخرى، ثم أصبحت الخمس دقائق 10 دقائق، ثم 15 دقيقة، لافتة إلى أن عدد الحوادث تراجع من ستة إلى خمسة حوادث خلال عدة أسابيع، ثم توالى التحسن بسرعة، حتى وصل الأمر إلى مرة واحدة، ووعد بعدم تكرار ذلك. 

وبحسب التقرير، فإن والدة الطفل روت للحروب في تلك الفترة أن ابنها كان في حفل زفاف عندما قام ولد آخر بأخذ كأس عصيره من يده، فسيطر الطفل على نفسه بالعد من 1 إلى 10، ثم قال له: "لو طلبتها مني لأعطيتك إياها.. ولا أريد أن أضربك"، ثم قال لأمه إنه فعل ما علمته إياه المعلمة حنان، مشيرا إلى أن الوالد قام بشكر المعلمة، وقال لها إن ابنه عادة ما ينبهه إلى أنه لا يتبع القواعد الصحيحة، وأنه يشعر بأنها تؤدبه بالإضافة إلى تأديب ابنه، بحسب ما روته الحروب.

وتبين الكاتبة أن التغيير الذي جاءت به الحروب تجاوز حدود فصلها الدراسي ليؤثر على نظرات زملائها المعلمين والمعلمات في التعامل مع فصولهم، حيث يقول صباح إنه يأمل أن تغير سياسة الحكومة، بما في ذلك رفع رواتب المدرسين الحالية، التي تقدر بحوالي 670 دولارا، وهو مبلغ غير كاف، ولذلك أضرب المدرسون شهرا كاملا العام الماضي، ويضيف صباح: "نريد من حنان أن تدفع الوزارة للعمل على تطوير أساليب التدريس، وتدريب المعلمين.. ونريد منها أن تقف بجانب زملائها المعلمين الذين يطالبون برواتب أفضل".

وتكشف المجلة عن أن الحروب تحاول أن تلهم وزراء تعليم المستقبل، حيث قامت الشهر الماضي بإجراء انتخابات صورية في صفها لاختيار وزير تعليم جديد، وقال أحد الأطفال إنه إن تم انتخابه وزيرا للتعليم فسوف يلغي الحقائب المحمولة على الظهر. 

وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن إحدى الطالبات قالت إنها تريد أن تصبح معلمة مثل الحروب، وسألت المعلمة إن هي نجحت في أن تصبح معلمة فهل يمكن أن تعطيها فصلها يوما، فقالت لها الحروب: "نعم، لكن بشرط أن تكوني أفضل مني".
التعليقات (0)