ملفات وتقارير

أكادير كامب.. حين أوقفت "مكالمة" مشروعا ضخما جنوب المغرب

تتجاوز قيمة المشروع الترفيهي الـ30 مليون دولارـ أرشيفية
تتجاوز قيمة المشروع الترفيهي الـ30 مليون دولارـ أرشيفية
تحول مشروعا "أكادير كامب" و"أكادير لاند" إلى كابوس يؤرق جميع مسؤولي مدينة أكادير (جنوب المغرب)، بعدما أربك قرار توقيف الأشغال بالمشروع السياحي والترفيهي الضخم (أزيد من 30 مليون دولار) المستثمرين والساكنة على السواء.
 
هذا الإرباك عوض أن تخفف من حدته بلاغات المنتخبين وسلطات الوصاية الممثلة في الولاية (المحافظة)، فقد زاد الأمر غموضا وتعقيدا بفعل التضارب في الأسباب التي دفعت إلى توقيف "أكادير كامب" الشطر الأول من أكبر مشروع ترفيهي جنوب المغرب.  
 
أصل الحكاية

قبل عامين وزيادة استقر رأي عدد من أبناء أكادير المقيمين بالخارج الذين يملكون استثمارات صغيرة داخل المدينة ونواحيها على تجميع جهودهم وإطلاق مشروع استثماري كبير ينعش السياحة في مدينة الحسن الثاني.

اتفق المستثمرون على إنجاز مشروعين سياحيين، "أكادير كامب" و "أكادير لاند"، وهما "مشروعان متكاملان متقاربان متداخلان لا فارق بينهما إلا أنهما لشركتين مختلفتين، فالمشروع الذي ثار حوله الجدل اليوم هو (أكادير كامب) وليس (أكادير لاند) وهذا سبب الخلط"، يقول مسؤول التواصل لمشروعي "أكادير كامب" و"أكادير لاند"، خالد القيدي.

وتابع خالد القيدي، في تصريح لـ"عربي21"، بأنه "في تموز/ يوليو 2016 حصلنا على الموافقة المبدئية لبداية الأشغال في لقاء لجنة المشاريع الكبرى، بل حصلنا على تشجيع ودعم جميع الأطراف".

"بعد شهر من ذلك قررنا إرجاء إطلاق العمل على (أكادير لاند) والتركيز على (أكادير كامب)، بالتزامن مع الاشتغال على الإجابة عن عدد من الملاحظات التي سجلها الفرقاء المعنيون بالمشروع، والتي بلغت 14 ملاحظة، تمت الإجابة عنها كلها في جلسات سابقة للجنة المشاريع الكبرى"، يضيف خالد.

وقال إن "الوكالة الحضرية باعتبارها عضوا في لجنة المشاريع الكبرى، أعلنت الخميس الماضي، أن مشروع أكادير كامب سيقام على أرض غابوية، وبالتالي قررت رفضه".
 
وتابع بأن "الوكالة الحضرية (تابعة لوزارة التعمير) عللت قرارها بكون المشروع سيقام على أرض غابوية بناء على تصميم التهيئة الذي سيصدر مستقبلا".

وأضاف خالد القيدي، أن "القرار الأخير كان له وقع الصدمة على المستثمرين، الذي حصلوا على موافقة مبدئية وانطلقوا في الأشغال، وتمكنوا من تهيئة الطريق إلى المشروع، قبل القرارات المفاجئة".
 
وأوضح خالد أن "الوكالة الحضرية سبق لها أن باركت المشروع سابقا مع ملاحظاتها بخصوص التصاميم، لتخرج وتقول بأن الأرض المخصصة للمشروع مكان غابوي لا يصلح لإنجاز المشاريع".

"هاتف" المنع

 قرار الوكالة الحضرية ومن خلفها لجنة المشاريع الكبرى، الذي أعلنته الخميس، جاء مخالفا لما أعلنته ولاية أكادير (المحافظة)، فالأولى عللت قرارها بأنه "سيقام على أرض غابوية بناء على تصميم التهيئة المدير الذي سيصدر مستقبلا"، فيما رأت الولاية أن المشروع سيقام على "فوالق زلزالية".
 
من جهته سجل خالد القيدي، أن "الأمور كانت تسير على ما يرام رغم أن الولاية مارست ضغوطا على مدير الوكالة الحضرية لكنها لم تفلح في إقناعه بالتراجع عن قرار الموافقة".

وتابع: "في مساء الأربعاء 1 شباط/ فبراير، تغير كل شيء، حيث تلقى المدير اتصالا هاتفيا، من جهة لا تزال مجهولة لدينا، فتراجع عن موافقته السابقة".

وأضاف: "يوم الخميس 2 شباط/ فبراير، في لقاء لجنة المشاريع الكبرى، الذي تخلف عنه ممثلو الولاية، لأسباب غير معروفة، قامت مرافعة الوكالة الحضرية، على أن المشروع يقام على ملك غابوي بحسب التصميم المديري للتهيئة المرتقب".

وتابع يقول: "وهذا ما دفع كلا من المجلس البلدي، إلى إصدار بيان يوضح فيه موقفه من القضية، كما أن الفعاليات المدنية بدورها استغربت هذا التغيير في المواقف خاصة بعد الموافقة الأولية التي دفعت المستثمر إلى بداية العمل على المشروع".   

واتصل "عربي21" بمدير الوكالة الحضرية بأكادير، محمد رضا الشرقاوي، غير أنه أغلق هاتفه، ورفض الإجابة عن الأسئلة.

دعم غير مشروط

لم يتردد المجلس الجماعي لمدينة أكادير كثيرا في وضع النقاط على الحروف معلنا "أنه يبدي استغرابه وعدم تفهمه لتراجع بعض الفرقاء عن الموافقة المبدئية التي وقعوا عليها خلال انعقاد لجنة الاستثناءات وغيرها من اللجان".

وزاد في البلاغ الذي أصدره الجمعة، وحصل "عربي21" على نسخة منه، أنه "يؤكد أن مناخ الاستثمار بمدينة أكادير سيتأثر بشكل كبير بهذه الواقعة، خاصة أن المستثمرين حاملي المشروع من أبناء المنطقة المهاجرين في الخارج وقد جاؤوا للاستثمار في بلدهم".

وشدد على أن "كل الفرقاء خلال انعقاد لجنة الاستثمارات أعطوا الموافقة المبدئية على المشروع"، و"الترخيص له بمباشرة الأشغال الأولوية عبر تنقية الممرات".

وأضاف: "أكد الرئيس والمكتب المسير خلال النقاش الذي أثير مؤخرا حول المشروع، أن الذي يحسم القرار في المشروع هو الاحتكام إلى الخبرة والدراسة الوطنية والدولية وضمان إقامة المشروع بمواصفات وشروط تقنية خاصة".

بلاغ ومزيد من الأسئلة

وجدت ولاية أكادير نفسها محل شك، وهو ما دفعها إلى إصدار بلاغ عممته على الصحافة، زاد من غموض الملف المثار، عوض أن يقدم إجابات شافية.

وقالت الولاية في بلاغ حصلت "عربي21" على نسخة منه: "سلطات ولاية جهة سوس-ماسة، قامت بتعبئة الوعاء العقاري المعني بالعمليتين المذكورتين (المشروعين)، هو ملك خاص للدولة، في صيغة كراء لفائدة الشركتين المعنيتين وفق أحكام وإجراءات التدبير اللامتمركز للاستثمار، مع إبداء الموافقة المبدئية على تحقيقهما شريطة إنجاز كافة الدراسات والحصول على الرخص اللازمة لذلك".

وزاد: "غير أن خلاصات الاستشارة التي أبداها المختبر العمومي للتجارب والدراسات بخصوص الوضعية الجيولوجية للوعاء العقاري المرشح لاستقبال المشروعين، أكدت خصوصيته بحكم تواجدها بمنطقة ذات نشاط زلزالي مرتفع، ما يحد من إمكانية استعماله للغرض المنشود".

ولم يتوقف البلاغ عند هذا الحد، بل كلفت الولاية "مجلس الجهة لإعداد دراسة لوضعية العقارات الشاغرة والمتصفة بطابعها الزلزالي قصد اقتراح صيغ تدبيرها واستعمالها من عدمه، وبالموازاة مع ذلك عرضها على مختلف الفاعلين في العمليتين المعنيتين لاقتراح أوعية عقارية بديلة لاحتضان المشروعين بالجهة".

لم تجب الولاية في بلاغها عن سبب الرفض، بل زادت سببا آخر متعلقا بوجود المشروع في "فالق زلزالي"، ولم تشرح سبب غيابها عن اجتماع الخميس الحاسم، وحولت مجلس الجهة من هيئة دستورية بسلطات واضحة إلى مجرد مكتب دراسات عند الولاية.
 
مزيد من الغضب

البلاغ الذي أصدرته الولاية الاثنين، لم يحل المشكل بل زاد في فتح جبهات جديدة على السلطات في أكادير، حيث رفض المستثمر ما قالته الولاية، كما أن نائبة رئيس مجلس الجهة طالبت الولاية بالاعتذار.

واستغرب خالد القيدي، مبررات كل من الوكالة الحضرية والولاية، "فالمؤسستان معا، غير متفقتين على مبرر واحد للرفض وهذا مدعاة للاستغراب".

وأفاد بخصوص الفوالق الزلزالية: "أحب القول عن مجمل ما سيتم إنشاؤه في المشروعين مجتمعين (أكادير كامب وأكادير لاند) أنه لا يتعدى الـ0.8% من المساحة الكلية للمشروع، التي تبلغ 93 هكتارا، وهذا يعني أن الأمر لا يخاف منه".

"اعتبار ثان أسجله"، يضيف القيدي، "هو أن الإنشاءات التي نعتزم بناءها ستكون خاضعة بشكل صارم للتقنيات المقاومة لكل ما من شأنه أن يؤثر على سلامة الإنشاءات".   

من جهتها قالت أمينة ماء العينين، نائب رئيس مجلس الجهة، إن على الولاية أن تقدم اعتذارا على ما وصفته بـ"البلاغ الفضيحة"، عوض أن تنتدب المجلس وكأنه مكتب دراسات خاضع لسلطة الولاية.
 
وشددت أمينة ماء العينين في تصريح لـ"عربي21"، على أن "الصيغة العجيبة التي استعملتها الولاية لتصريف الاحتقان ورمي كرة اللهب المشتعلة على مجلس جهة سوس-ماسة بعد تدبير كارثي لملف مشروع "أكادير لاند" الذي منع بعدما تم الترخيص له بناء على مبررات لم تقنع أحدا".

وسجلت أن الولاية تعاملت "وكأن مجلس الجهة لا سيادة له على قراراته وينتظر من الولاية "انتدابه" علما بأن اختصاص الولاية دستوريا هو تقديم المساعدة للمجلس الجهوي وليس "انتدابه" لإجراء دراسات، وكأنه مجرد مكتب دراسات تنتدبه الولاية لإجراء دراسات معينة".

وتابعت بالقول إن الولاية اعتبرت أن "المجلس الجهوي لا يملك الاختصاص الدستوري والقانوني للتدخل في مشروع استثماري يقع في نفوذ جماعة أخرى بعد التداول بشأنه داخل اللجنة الجهوية للاستثمار".

وأكدت أن "المجلس الجهوي مدعم للاستثمار لكنه ليس إطفائيا يتدخل خارج إطار الدستور والقانون لإطفاء حرائق أشعلتها أطراف آخر همها هو حفز الاستثمار بالجهة".

وختمت تصريحها بالقول إن "صيغة الانتداب إهانة للمجالس المنتخبة وشرعيتها وتعبير عن حنين لعهد تجبر السلطة واحتقارها للمنتخبين وسيادة قرارهم، فالولاية مدعوة للاعتذار عن البلاغ الفضيحة".

موقف نائبة الرئيس تبناه مجلس جهة أكادير، الذي اعتبر نفسه "لا يملك الاختصاص القانوني للتدخل المباشر في مشروعي (أكادير كامب) و(أكادير لاند) الواقعين في تراب جماعة أكادير، في إطار اختصاصاته القانونية وفي إطار اللجنة الجهوية للاستثمار المؤطرة بنصوص واضحة، وأن المشروع قطع أشواطا كبيرة لم تكن الجهة طرفا فيها".

أنقذوا أكادير

المستقبل الغامض لمشروع استثماري ضخم بميزانية فاقت الـ300 مليون درهم (30 مليون دولار)، دفع  الكثير من أبناء الشعب إلى اعتبار الأمر موجها ضد أكادير وضد سوس ومن ثم دعوا للاحتجاج على ما يعتبرونه استمرارا في سياسات إقصاء وتهميش المنطقة.

وأطلق عدد من الفاعلين المدنيين الصحافيين والنشطاء نداء #أنقذوا_أكادير، يدعون فيه للاحتجاج على ما وصفوه بـ"المخطط الخطير الذي يستهدف اقتصادها ورأسمالها البشري"، هذا "المخطط الإقصائي الذي يضرب الاستثمار في سوس وأكادير ويجهض جميع المبادرات والمشاريع والبرامج التنموية في المنطقة".

وناشدوا "أبناء أكادير وسوس للخروج والمشاركة يوم الأحد 12 فبراير أمام ولاية أكادير ابتداء من الساعة الرابعة عصرا".

وفضل فاعلون آخرون إطلاق ما أسموه "المبادرة المدنية لإنقاذ مدينة أكادير"، تضم الأحزاب السياسة وفنانين وإعلاميين.

وحذرت "المبادرة" في أرضية تأسيسها، من "حالة العزلة والركود الاقتصادي اللذين تعانيهما الجهة، التي قد تتطور إلى احتقان اجتماعي واقتصادي ومؤسساتي يرخي بظلاله على السلم الاجتماعي بالمنطقة"، رافضة "ترحيل المشاريع من مدينة أكادير والجهة عموما".

نموذج "أكادير كامب" وعرقلة مشروع تنموي يضمن 1000 منصب شغل قار ومباشر، ويعد بخلق رواج اقتصادي للمنطقة، اعتبر فيه أبناء سوس استمرارا للتضييق على السياحة بالمدينة، ويتساءلون: متى سترفع هذه الأزمة؟ ويتهمون جهات لم يسموها بتهريب مشاريع من المدينة إلى جهات أخرى.

                                             

                                             
التعليقات (1)
MST
الأربعاء، 08-02-2017 03:56 م
الجهة المجهولة هي انا ليش فضحتوني لا يروح تفكيركم بعيد

خبر عاجل