قضايا وآراء

المقاطعة الاقتصادية الشعبية لتأديب ترامب

شريف منصور
1300x600
1300x600
أثارت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، ردود فعل غاضبة لدى عدد من الدول الغربية، فقد وجهت كل من ألمانيا وفرنسا نقدا لاذعا للإدارة الأمريكية الجديدة، فيما أعرب رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو" عن استعداد بلاده لاستقبال كل المهاجرين الذين تم طردهم من الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي مقابل الموقف الرافض الذي أعلنته بعض الدول الغربية تجاه قرارات ترامب العنصرية، نجد أن الزعماء العرب التزموا الصمت حيال هذه القرارات التي وُصفت بالعنصرية!! ومنهم من بررها واعتبرها حقا للإدارة الأمريكية!!

من ناحية أخرى تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تغيير اسم برنامج "مكافحة التطرف العنيف" إلى "مكافحة التشدد الإسلامي" أو "مكافحة الإسلام المتطرف"، بحيث لن يستهدف بعد ذلك جماعات كتلك التي تؤمن بتفوق البيض ونفذت عمليات إطلاق نار وتفجيرات في أمريكا، وهو ما سيؤدي إلى جعل عمل الحكومة الأمريكية أكثر صعوبة وتشددا مع المسلمين، وربما يؤدي بحسب محللين إلى شن حروب استباقية على دول إسلامية بذريعة مكافحة التطرف الإسلامي، كما فعل جورج بوش الابن، تحت لافتة "الحرب على الإرهاب".

لذلك، وإزاء سياسات التمييز العنصري التي ينتهجها ترمب وإدارته الجديدة تجاه الإسلام والمسلمين، وفي ظل الصمت المطبق للزعماء العرب، لا بد من ردة فعل قوية على مستوى الشعوب العربية والإسلامية تتمثل في المقاطعة الاقتصادية لمنتجات وبضائع الشركات الأمريكية، لأن هذه الشركات تؤثر بشكل كبير في صناعة القرار السياسي الأمريكي وتستطيع الضغط على الإدارة الأمريكية إذا تأثرت مصالحها سلبا.

فقد كشف موقع "فورتشن" الأمريكي أن أكبر خمس شركات تكنولوجية مدرجة على مؤشر"ستاندرد آند بورز" خسرت يوم الاثنين الماضي وحده 32 مليار دولار من قيمتها السوقية، نتيجة تزايد مخاوف كبار المستثمرين من أن تؤدي سياسات ترامب بخصوص الهجرة لتقليص عدد الأيدي العاملة الماهرة في هذه الشركات، بينما قال الرئيس التنفيذي لشركة "آبل" الأمريكية "تيم كوك" إن شركته لا تستبعد اللجوء إلى القضاء ضد القرار الإداري الأخير للرئيس الأمريكي بوقف الهجرة من سبعة بلاد ذات صبغة إسلامية. وأضاف كوك في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال": "سنواصل الضغط لإلغاء هذا القرار الذي يضر بصناعة تكنولوجيا المعلومات بشكل كبير، لأن للمهاجرين دور كبير في بناء الاقتصاد الأمريكي".

إذن تستطيع المقاطعة الإقتصادية المنظمة أن تلعب دورا كبيرا في الضغط على الإدارة الأمريكية لتغيير مواقفها العنصرية، وقد زخر التاريخ الإنساني على مر العصور بالكثير من الأمثلة التي استُخدم فيها سلاح المقاطعة الاقتصادية كوسيلة من وسائل الضغط لإخضاع الطرف الآخر.. على سبيل المثال:

- اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني عبد المطلب، وذلك بألا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم، واستمرت المقاطعة ثلاث سنوات.

- ما فعله ثمامة بن أثال -رضي الله عنه- بعدما أسلم حيث قال لكفار قريش: "والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلي الله عليه وسلم".

- امتناع الفلاحين في إيرلندا إبان حركة تحريرها من الاحتلال البريطاني أواخر القرن التاسع عشر؛ عن التعامل مع أصحاب الإقطاعات الزراعية الإنجليز ووكلائهم المحليين.

- أصدر حزب الوفد المصري بعد اعتقال رئيسه سعد زغلول عام 1921 قرارا بالمقاطعة الشاملة لبريطانيا، وحث المصريين على مقاطعة البضائع البريطانية وسحب ودائعهم من المصارف الإنجليزية.

- انتهج الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي سياسة المقاطعة الاقتصادية سلاحا في وجه الاحتلال البريطاني للهند، ودعا إلى إحراق البضائع القادمة من بريطانيا.

- امتنع العديد من المستهلكين في العالم عن استهلاك البضائع القادمة من جنوب أفريقيا؛ احتجاجا على سياسة الفصل العنصري من الستينيات إلى التسعينيات من القرن الماضي حتى سقوط النظام العنصري.

- دعت المنظمات الفلسطينية على مدار عقود من الزمن؛ إلى حملات دولية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والشركات العالمية الداعمة لإسرائيل.

وقد أعلن مطعم بلجيكي عن مقاطعة البضائع الأمريكية احتجاجا على سياسة الرئيس الأمريكي العنصرية ضد المسلمين، حيث قال "ديفيد جورج" مالك مطعم "زيزخت" الذي يقع قرب مدينة إنتويرب البلجيكية إنه قرر التوقف عن بيع البضائع الأمريكية احتجاجا على قرارات ترامب العنصرية ضد المسلمين.

إن الشعوب العربية والإسلامية مطالبة بأخذ زمام المبادرة لانتزاع حقوقها المسلوبة في ظل عجز الأنظمة العربية والإسلامية الرسمية وخنوعها، ولتكن البداية بتشكيل حملة مقاطعة اقتصادية شعبية واسعة على مستوى العالم العربي والإسلامي يكون هدفها عمل قوائم للبضائع الأمريكية وحث الشعوب على المقاطعة، ولتبدأ بالتدرج بمقاطعة شركات المشروبات الغازية وسلاسل المطاعم ومنتجات الشوكولاتة وغيرها، ثم تنتقل بعد ذلك إلى غيرها من المنتجات، لتأديب الإدارة الأمريكية وحملها على تغيير سياساتها العنصرية..
التعليقات (0)