قضايا وآراء

الثورة وحضن الوطن

محمد رمضان
1300x600
1300x600
تعود الشرارة الأولى للثورة السورية ضد النظام في دمشق؛ إلى جملة من الأسباب والدوافع الذاتية والموضوعية التي أدت إلى الانفجار السوري على امتداد البلاد.

لم يكن الأمر مرتبطا بحدث ما، كما يسرد البعض، ولكن لا يخفى على أحد بأن أطفال مدينة درعا كانوا أحد أهم الأسباب القريبة التي أدت إلى هذا الانفجار؛ الذي شمل معظم الجغرافيا السورية في لحظة ارتداد ثورة الحرية والكرامة في وجه النظام الشمولي، وترجع جذورها الاستبدادية إلى عقود من الزمن، منذ وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى سدة الحكم، وحمل الشعارات الواهية لتضليل المجتمع السوري بصبغة وطنية، وانشغال السلطة بقضايا ثانوية للحيلولة دون مطالب محقة في الحياة الحرة والكريمة؛ كمواطنين سوريين لهم الحق في خيرات البلاد أسوة بالمكون "العلوي" المتمثل بـ"آل الأسد" وحاشيته الطائفية؛ الجاثم على رقاب الشعب.

وبالتالي، مع اشتداد الحراك الشعبي وتوسيع القاعدة الجماهيرية بشكل أفقي عمودي بين كافة المكونات السورية دون استثناء، بما فيها المنظومة العسكرية والاستخبارتية للنظام السوري، أصاب النظام تصدع وانهيار أمام مطالب الشعب، مما أدى إلى إصابة هذا النظام وآلته العسكرية بجنون وإرباك في التعامل مع المشهد السوري الثائر.

ورغم تمسك القائمين على الحراك الشعبي بسلمية الثورة، إلا أن النظام السوري عمل مرارا وتكرارا في الأشهر الأولى من الثورة لتحويلها إلى العسكرة، لكي يبرهن للمجتمع الدولي بأنه يواجه إرهابا وإرهابيين. وقام بجلب المليشيات الشيعية - على سبيل المثال لا الحصر حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وغيرها من الجماعات الأخرى - لخلق بيئة مؤاتية للإرهاب، وهذا ما حصل بالفعل مع ظهور التنظيمات الإرهابية في المشهد السوري كتنظيم الدولة "داعش" وتنظيمات إسلامية راديكالية، كما سلّم المناطق الكردية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي. والأنكى من ذلك، قام النظام السوري بخلق الفتن الطائفية بين كافة المكونات السورية، كردا وعربا، وغيرها من المكونات الأخرى، من خلال خرق صفوف المعارضة السياسية والعسكرية بأشخاص معدة مسبقا في أروقة النظام السوري للعمل على تشتت المعارضة وانشغالها في قضاياها الداخلية للنيل من قواها، وكان آخرها الشيخ نواف البشير الذي رجع إلى حضن نظام الأسد بعدما نفذ المهام الموكلة إليه من قبل الأسد. وربما الأيام القادمة سوف نرى أسماء أخرى أقرب إلى واقعنا المتشتت.

كل ما سبق يقودنا إلى الجواب الشافي حول التجارب السابقة التي قام بها السوريون ضد النظام السوري، الأولى في بدايات ثمانينات القرن الماضي (أحداث مدينة حماة بوسط البلاد)، والثانية في 2004 (إبان الانتفاضة الكردية في المناطق الكردية "كردستان سوريا"). لذا يجب على السوريين الالتفاف حول الثورة كي لا تتكرر السيناريوهات السابقة؛ لأن أي فشل للثورة - لا سمح الله - يعود بنا إلى المربع الأول، والخاسر الأكبر من فشل الثورة هو المكون الكردي بالدرجة الأولى. ولا بد أن نوجه رسالة إلى أولئك أصحاب النفوس الضعيفة الذين خانوا مبادئ الثورة وتسلقوا على متن سفينة لتحقيق غاياتهم على حساب دماء الشهداء، الأبرار من أمثال الشهداء غياث المطر ومشعل تمو وجوان قطنه وولات حسي والطفل حمزة الخطيب، وغيرهم كثيرون ممن قدموا للثورة كل الغالي والنفيس من أجل الغد الأفضل. ونقول إن الثورة ماضية نحو النصر وتحقيق أهدافها بعودة كامل الحقوق للسوريين، ليعم السلام بين المكونات دون تمييز.
التعليقات (0)