صحافة دولية

فايننشال تايمز: هل يتسبب حفتر بحرب أهلية جديدة في ليبيا؟

فايننشال تايمز: الجنرال حفتر يثير مخاوف تجدد الصراع في ليبيا- أ ف ب
فايننشال تايمز: الجنرال حفتر يثير مخاوف تجدد الصراع في ليبيا- أ ف ب
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبة هبة صالح، تتحدث فيه عن تفارب الجنرال المنشق خليفة حفتر مع روسيا، والمخاوف من تجدد الصراع في ليبيا

وتقول صالح إن "الليبيين الذين أنهكتهم الحرب، كان لديهم ما يبعث الأمل، بعد أن تمكنوا من دحر تنظيم الدولة من أقوى معاقله في سرت، وتضاعف إنتاج البلد للنفط، لكن جنرالا مارقا يزيد تقاربا مع الروس، يعرض هذا التقدم النادر للخطر، في الوقت الذي يسعى فيه إلى توسيع منطقة نفوذه في هذا البلد الشمال إفريقي".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التوتر في ليبيا تصاعد عندما قامت القوات التي تطلق على نفسها الجيش الوطني الليبي، التي تسيطر على مناطق شرق ليبيا، بالتوجه نحو الجنوب، واشتبكت مع مليشيات من غرب مصراطة الموالية للحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة، التي قادت الحرب ضد تنظيم الدولة في سرت، وقامت طائرات الجيش الوطني بمهاجمة قوات مصراطة.

وتذكر الصحيفة أن الدبلوماسيين والمحللين يحذرون من أن العنف يهدد بإعادة إشعال الحرب الأهلية، والسماح للجهاديين بإعادة تنظيم صفوفهم، ويعرض إنتاج عضو الأوبك للنفط للخطر، الذي وصل هذا الشهر إلى 750 ألف برميل في اليوم، بعد أن كان 300 ألف برميل في أيلول/ سبتمبر، مشيرة إلى أن مليشيات مصراطة تمكنت أخيرا من طرد تنظيم الدولة من المدينة الساحلية سرت، في كانون الأول/ ديسمبر، بعد معركة طويلة ودعم من الطيران الأمريكي. 

وتنقل الكاتبة عن دبلوماسي غربي، قوله إن "توجه الجيش الوطني الليبي نحو الجنوب استفزازي جدا وخطير جدا.. والشعور العام في مصراطة هو أنه بعد هزيمة تنظيم الدولة في سرت بدفع ثمن كبير، فإنهم لن يسهلوا حملة لإقامة ديكتاتورية عسكرية تحت زعامة حفتر".

ويلفت التقرير إلى أن الدبلوماسيين الغربيين يعدون الجنرال حفتر العقبة الرئيسية لتطبيق الاتفاقية، التي تمت بوساطة الأمم المتحدة، وتهدف إلى توحيد البلد تحت حكومة طرابلس والمجلس الرئاسي، الذي يترأسه فايز السراج.

وتستدرك الصحيفة بأنه في إشارة أخرى لمحاولات موسكو بسط نفوذها في الشرق الأوسط، فإنه تمت دعوة حفتر مؤخرا إلى اجتماع على متن حاملة الطائرات الروسية في البحر الأبيض المتوسط، حيث تحدث عبر "فيديو لينك" مع وزير الدفاع الروسي سريغي شويغو، لافتة إلى أن الجنرال، الذي يقول إنه ضد الإسلاميين من الأطياف كلها، يحظى بدعم مصر والإمارات، اللتين تشاطرانه العداوة للإخوان المسلمين.

وتبين صالح أن ليبيا عانت من الفوضى والصراع منذ انطلقت الثورة ضد معمر القذافي عام 2011، مشيرة إلى أن الجنرال حفتر سيطر على مناطق تصدير نفط في العام الماضي، إلى الغرب من بنغازي، بعد أن أقام تحالفات مع بعض القبائل المحلية، ما أدى إلى تصدير النفط، بعد أن سمح الجنرال بإصلاح المنشآت.

ويجد التقرير أن القتال المتجدد قد يدفع مرافق التصدير إلى الإغلاق ثانية، وستكون النتيجة كارثية لحكومة طرابلس، التي تستطيع بالكاد توفير الخدمات الأساسية، وتدخل عائدات النفط إلى البنك المركزي في طرابلس، الذي تدفع منه رواتب الموظفين الحكوميين والمليشيات الموالية في البلد كلها.

وتنوه الصحيفة إلى أن انسداد الأفق على مدى العام الماضي أضعف حكومة السراج، التي تعاني من الانقسامات الداخلية، وتواجه تحديات من المجموعات التي مقرها طرابلس، والمرتبطة بالإدارة السابقة، حيث إن مشكلات انقطاع الكهرباء وأزمة السيولة وارتفاع الدولار في السوق السوداء، زادت من معضلاتها. 

وتفيد الكاتبة بأن الجيران، بمن فيهم مصر، عرضوا مبادرات لإنهاء الاقتتال، لكن الجنرال حفتر يرفض الحوار إلى الآن، لافتة إلى أن خصومه في الشرق يفكرون بأن يشركوه بإعطائه منصب قائد الجيش الليبي، لكن تحت سلطة حكام مدنيين. 

وينقل التقرير عن المتحدث باسم المجلس الرئاسي أشرف الثلثي، قوله إن المجلس مستعد لتعديل الاتفاق المعطل، الذي تم بوساطة الأمم المتحدة، ويضيف الثلثي: "نشجع القيادات من الطرفين على اللقاء والنقاش حول القضايا العالقة كلها"، مستدركا بأن محللة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني، تقول إنه ربما فات الأوان، وربما يشعر الجنرال حفتر ومؤيدوه أن بإمكانهم تحقيق مكاسب أكبر برفض التنازل.

وتضيف غازيني: "قبل عام كنت سأقول إنه يحلم، لكن المزاج تغير الآن، خاصة في الغرب، والتأييد للسراج وحكومته تضاءل كثيرا.. ويسعى حفتر للاستفادة من مرور الوقت، ومن ازدياد الفوضى في طرابلس"، وفق التقرير.

وبحسب الصحيفة، فإن المحللين يشيرون إلى تعمق علاقة حفتر مع روسيا، حيث أعلن المتحدث باسمه بعد زيارته لحاملة الطائرات، أن روسيا ستمد جيشه بقطع الغيار اللازمة لمنظومات الأسلحة الروسية التي يستخدمها الجيش، بالإضافة إلى أن الجنرال يتوقع تغيرا في موقف واشنطن مع قدوم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي تعهد باجتثاث "الإرهاب الإسلامي"، بحسب المحللين.

وتورد صالح نقلا عن الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو، قوله، "إن حصل حفتر على الدعم المصري والروسي والإماراتي، وحصل على رضوخ إدارة ترامب، فإنه يكون قد حصل على دعم القوى المهمة". 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول توالدو إنه "بسبب القتال بين الفصائل المتنافسة، سنرى المزيد من الحركات الجهادية في ليبيا، سواء كان تنظيم الدولة أو غيره، ليس واضحا، لكن التحدي هو إبقاء أقل مستوى من الاستقرار لمنع قيام المجموعات الجهادية".
التعليقات (0)