صحافة دولية

الموندو: سوق تجارة الأعضاء تنشط بقوة بمصر تحت ضغط الفقر

تمارس العمليات غير الشرعية للاتجار بالأعضاء في مشاف حكومية بمصر - تعبيرية
تمارس العمليات غير الشرعية للاتجار بالأعضاء في مشاف حكومية بمصر - تعبيرية
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تناولت فيه انتشار ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية في مصر، في ظل الفقر الذي يضرب العائلات المصرية.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بثينة، إحدى النساء المصريات، بدأت ببيع شقتها وأثاث البيت، من أجل تسديد نفقات علاج زوجها المريض بالسرطان، والذي توفي لاحقا. وعندما نفد المال الذي جمعته وتراكمت الديون عليها، لجأت المرأة إلى البديل الذي يختاره الآلاف من المصريين اليائسين الذين قرروا بيع أعضائهم.

ونقلت الصحيفة عن بثينة البالغة من العمر 50 سنة؛ أنها تعيش في شقة  مستأجرة، آيلة للسقوط، في إحدى ضواحي القاهرة، وقد اضطرت "بسبب الفقر، إلى بيع كليتها. وعند سؤالها عن كيفية القيام بذلك، أعلمها البعض أن مستشفى قصر العيني، يتكفل بمثل هذه العمليات".

وأضافت الصحيفة أن الأرملة المصرية أبدت تخوفها من "الوسطاء الذين لا يمكن الوثوق بهم. وقد طلبوا مني التزام الصمت طيلة الطريق الذي نسلكه بسيارة الأجرة، كي لا نثير الشكوك. ثم تركوني لمدة ثلاثة أيام في المستشفى قبل إجراء العملية".

وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المصرية فككت في أوائل كانون الأول/ ديسمبر "أكبر شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية"، وهي شبكة تضم أساتذة جامعيين في العديد من الجامعات الحكومية وأطباء التابعين لمختلف المعاهد الوطنية للبحوث".

وذكرت المرأة أن "الطاقم الطبي كان على علم ووعي بأن ممارساته غير قانونية"، ولم يحاول أي من أعضائه التراجع عن القيام بعملية استئصال الكلية، التي خلفت لبثينة أضرارا كبيرة.


ونقلت الصحيفة عن ناشط مصري، فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفا من انتقام النظام الذي مرر منذ فترة قانونا يقيد عمل المنظمات غير الحكومية، قوله إن "سوق الاتجار بالأعضاء كارثة في مصر". وأضاف أن "عدد الأطباء الذين ألقي عليهم القبض مؤخرا، بسبب انتمائهم لشبكات الاتجار بالأعضاء، ليسوا إلا نسبة ضئيلة من أولئك الذين يعملون في هذا المجال".

وأضاف قائلا: "يقف وراء هذه العمليات أطباء من ذوي النفوذ القوي، وقد تمكنوا من ضمان حماية الدولة لهم. أما الأكثر فقرا في مصر، فيقدمون على بيع أحد أعضائهم... وتحدث هذه الجريمة بعلم من السلطات".

وأوردت الصحيفة قول سيان كولومب، الباحث في جامعة ليفربول البريطانية، والذي أعد دراسة حديثة حول تداعيات الشبكات المصرية للاتجار بالأعضاء، إن "الجميع متورط في هذه الجرائم؛ بدءا بالأشخاص الذين يبيعون أعضاءهم، والوسطاء، والمستفيدين، والأطباء وصولا إلى المخابر والمستشفيات".

وأضاف أن "هناك غطاء قانونيا لشبكة الاتجار بالأعضاء في مصر. كما أن هذه الجرائم لم تثر قلق الهيئات العامة المسؤولة عن المراقبة في مصر".

وبينت الصحيفة أن مصر مررت منذ ست سنوات، في عهد حسني مبارك، قانونا لمحاولة تنظيم عمليات استئصال وبيع الأعضاء، إلا أن هذا القانون لم ينجح في وقف هذه الجرائم.

وأضاف الباحث كولومب أن هذا "القانون لم يدخل حيّز التنفيذ. والأسوأ من ذلك، أن كثيرا من المصريين لا يرون مانعا من الظفر بمبلغ مالي مقابل التضحية بكلية أو جزء الكبد".

وأكد الباحث الذي قضى أسابيع في التقصي حول هذه الظاهرة في أفقر الأحياء المصرية وأكثرها فوضوية، أن "المصريين من الطبقة الفقيرة، يبقون الصنف الذي يغذي هذه التجارة بدرجة أولى. ثم يأتي المهاجرون العالقون في مصر؛ الذين يحتاجون إلى المال من أجل مواصلة رحلتهم إلى أوروبا، في المرتبة الثانية".

أما بثينة، فتعتبر أن "هذه الشبكات تستفيد بدرجة أكبر من المحتاجين"، وأكدت أن "الطاقم الطبي ألقى بها خارج المستشفى بعد 24 ساعة من إجراء العملية، كما أنهم لم يصفوا لها حتى الدواء الذي يجب أن تتناوله". ونتيجة لعدم المتابعة الطبية، أصبحت المرأة تعاني من مشاكل في الكبد والحركة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المرأة المتضررة من شبكة الاتجار بالأعضاء، لم تتلق المبلغ الكامل المتفق عليه. وعندما احتجت المرأة، أجابوها بأنهم "اتفقوا على أن تلتزم الصمت، وأن يقدموا لها ألف جنيه كلما جلبت شخصا جديدا".

وتقول بثينة: "على الرغم من أنني في حاجة ماسة إلى المال، إلا أنني أرفض القيام بذلك. كيف لي أن أسمح بتعريض حياة أشخاص آخرين للخطر، بعد المعاناة التي شهدتها إثر هذه العملية؟".

وأشارت الصحيفة إلى أن حالة بثينة ليست الأولى من نوعها بين سكان الأحياء الفقيرة في مصر. كما أن وصمة العار التي تطارد الضحايا الذين نادرا ما يتحدثون عن مأساتهم، بالإضافة إلى تعتيم السلطات حول المسألة، ساهم كل ذلك في رواج هذه التجارة.

وذكرت الصحيفة أن أحد الناشطين المحليين أكد "عدم وجود أرقام رسمية، إلا أنه هناك تقديرات تقول أن هناك سنويا ما بين 2000 و2500 حالة زرع كلى، وبين 150 و 350 حالة زرع كبد. كما أنه من الصعب جدا القضاء على هذه الشبكة، فبعض الأطباء يعتبرونها جزءا من عملهم".

وقالت الصحيفة إن الشبكة المصرية للاتجار بالأعضاء تعمل ضمن شبكة دولية. وبحسب الباحث كولومب، فإن "دول الخليج هي المستفيد الرئيسي من تجارة الأعضاء في مصر".
التعليقات (0)