سياسة عربية

تحذيرات من نفاد الغذاء بحلب المحاصرة.. وشكوى من الاحتكار

رفض سكان المناطق المحاصرة في حلب المغادرة رغم محاولات النظام المتواصلة - الاناضول
رفض سكان المناطق المحاصرة في حلب المغادرة رغم محاولات النظام المتواصلة - الاناضول
قال رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب، بريتا حاجي حسن، الذي انتهت ولايته مؤخراً، إن الأوضاع المعيشية في أحياء مدينة حلب المحاصرة في شمال سوريا؛ في تدهور مستمر، من ناحية المخزون الاحتياطي للمواد الغذائية والأساسية للأهالي، في الوقت الذي يعمل فيه النظام السوري وحلفاؤه الدوليون على تضييق الخناق على المدينة المحاصرة والسعي لعمليات تهدف لتقطيع أوصالها داخلياً.

وبيّن حاجي حسن، في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن العمليات التي قام المجلس بالتحضير لها على الصعيد المحلي والدولي منذ شهر شباط/ فبراير الماضي، تمهيداً للحصار المتوقع، لم تكن على المستوى المأمول، والسبب في ذلك هو عدم التنسيق بين الهيئات والمنظمات العاملة داخل المدينة من جهة، وشح التمويل لمستلزمات واحتياجات يجب أن تغطي 300 ألف مدني من جهة أخرى.

وأشار إلى أنه تم تأمين 2000 طن من القمح و500 طن من الطحين، كمخزون احتياطي، عن طريق الدعم من المنظمات الدولية، في حين تم تأمين كميات من المحروقات بتمويل محلي كان يُفترض أن توفر المنظمات الدولية الدعم له.

وحينما بدأ الحصار على أحياء مدينة حلب، بسيطرة النظام السوري على طريق الكاستيلو في شمال غرب المدينة، خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، قام المجلس المحلي لمدينة حلب بإنشاء هيئات مهمتها التنسيق والتعاون بين جميع الوحدات.

ومن هذه الهيئات "الهيئة الإغاثية العليا" التي تضم الجمعيات والمنظمات الإغاثية، ويقودها المكتب الإغاثي للمجلس المحلي، كما تضم منظمات وجمعيات يقودها المكتب الزراعي.

وينوه رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب؛ إلى أن مجال عمل المجلس الحقيقي هو توفير الخدمات من الكهرباء والماء والصرف الصحي بالإضافة للنظافة وغيرها، وليس الإغاثة، لكن الحاجة الماسة دعته إلى التدخل بهذا الشأن.

ويؤكد حاجي حسن أن الهيئة الإغاثية العليا سارعت إلى وضع خطة طوارئ، وكان هناك تنسيق بين المنظمات والمجلس لتأمين المواد اللازمة، وكانت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية قد وفرت احتياطياً يغطي 40 في المئة من احتياجات الأهالي المحاصرين، لكن الضغط الذي مورس من قبل المجلس المحلي والمنظمات والجمعيات أدى إلى تغطية الاحتياجات بشكل شبه كامل، كما قال.

وتضمنت المواد الإغاثية التي تم تخزينها سابقا؛ حليب الأطفال والطحين والمحروقات، لكن تم استنزاف احتياطي الطحين، كون مدة التخزين له قصيرة، وكذلك حليب الأطفال الذي له مدة صلاحية محدودة.

ولفت رئيس المجلس المحلي إلى أن القمح الحالي الموجود يتم توزيعه على الأفران على مدار أربعة أيام بالأسبوع، بالإضافة إلى المحروقات اللازمة لتشغيل المخابز. ويتم بيع الخبز للأهالي خلال ثلاثة أيام بـ100 ليرة سورية للربطة الواحدة، فيما تباع ربطة الخبز في اليوم الرابع بـ50 ليرة.

وحذر حسن من أن استمرار استنزاف الاحتياطي على هذا النحو، سيؤدي إلى كارثة، تزامناً مع احتكار التجار المواد الغذائية الأساسي، ورفع الأسعار "بشكل خيالي"، مشيراً إلى أن الاحتياطي في الظروف المستقرة والمثالية يتم استهلاكه خلال مدة 15 يوماً تقريباً.

بدوره، ذكر الإعلامي عمر العرب، المتواجد داخل أحياء حلب المحاصرة، أن العديد من الأهالي لجأوا إلى صناعة الخبز يدويا بسبب نوعية الخبز الذي يتم توزيعه من قبل الجمعيات، إضافة لعدم كفاية الحصص الموزعة.

وبيّن لـ"عربي21" أن هناك تصاعداً يومياً في أسعار السلع الاستهلاكية منذ أن سيطر النظام السوري على بلدة منيان (بنيامين) غربي حلب، إذ كان سعر الكيلوغرام من اللحمة 10 آلاف ليرة، ثم وصل إلى 14 ألف، وأخيراً أصبح السعر 20 ألف ليرة سورية (حوالي 37 دولارا)، في الوقت الذي يصل فيه الدخل الشهري لمن يستطيع العمل بين 60 و100 دولار، بحسب عمر العرب.

ويشرح العرب الوضع في حلب المحاصرة، مشيرا إلى نفاد المواد الإغاثية التي كانت تتواجد في البيوت، بالإضافة إلى عدم المقدرة على شراء المستلزمات الرئيسية بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بالدخل المتوفر حاليا.

وتحدث عن ظهور حالة من الاضطراب الشعبي ببعض الأسواق، حيث تعالت الأصوات التي تنادي بإيجاد حل من قبل المجلس المحلي والجمعيات والمنظمات، بما في ذلك تشكيل هيئة رقابة على المبيعات والتجار الذين يرتبط العديد منهم بفصائل عسكرية، وفق قوله.

وتوجهت "عربي21" بالسؤال لرئيس المجلس المحلي المنتهية ولايته؛ عن سبب عدم وجود هيئة رقابة لمتابعة الاحتكار والتحكم بأسعار السلع الغذائية، فقال إن "خطة الطوارئ التي وضعتها الهيئة الإغاثية العليا كانت قد تضمنت هيئة رقابة، لكنها فشلت في خفض الأسعار منذ الحصار الأول، وانتهى عملها تلقائياً، والسبب أنها لا تمتلك جهة تشريعية، الممثلة بالفصائل العسكرية التي أصلاً توفر غطاءً لبعض التجار"، بحسب حاجي حسن.

وفي حال عدم استجابة الفصائل بالضغط على التجار والعمل على تشكيل هيئة رقابة من قبل المجلس المحلي والمؤسسات الأهلية، يتوقع الإعلامي عمر العرب أن تتصاعد حالة الاضطرابات الداخلية نتيجة غضب الأهالي، "وهذا يدعو للمسارعة إلى معالجة هذه الظاهرة"، كما قال العرب، في حين أن بريتا حاجي حسن أكد أن الفصائل العسكرية تدخلت كثيراً بعمل المجلس المحلي ما أثر بشكل كبير عليه وحدّ من عمله، وفق قوله.

وكان حاجي حسن قد التقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إضافة لعدد من النواب الفرنسيين في 19 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري، وذلك خلال زيارة قام بها مع ممثلين عن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إلى فرنسا. وقال بعد انتهاء الزيارة إن السكان المحاصرين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب "لا يفهمون لماذا تقف أوروبا مكتوفة اليدين إزاء ما يحصل لهم".
التعليقات (0)