سياسة عربية

"عربي21" تنشر بيان سيف عبد الفتاح حول وثيقة "وطن للجميع"

أستاذ العلوم السياسية، سيف الدين عبد الفتاح- أرشيفية
أستاذ العلوم السياسية، سيف الدين عبد الفتاح- أرشيفية
أصدر أستاذ العلوم السياسية، سيف الدين عبد الفتاح، بيانا بشأن مبادرة "وطن للجميع" (تهدف لتوحد ثوار مصر)، والتي عُقدت جلساتها، مؤخرا، بالعاصمة الأمريكية "واشنطن"، بعدما أثارت جدلا واسعا بين مختلف الأطراف السياسية المصرية.

وننشر البيان كما وصل لصحيفة "عربي21":
 
بيان يضع الأمور في نصابها
 
تناقلت مواقع كثيرة وثيقة البيان التي تصدر عن اجتماع واشنطن، هذا الاجتماع الذي ضمَّ أطيافا وممثلين لقوى سياسية مختلفة ومتنوعة ودار النقاش لمدة ثلاثة أيام استقر المجتمعون على ضرورة ألا ينفض هذا الاجتماع إلا بمشروعِ بيانٍ يحدّد اتفاق الحدّ الأدنى الذي يشكل أرضية لاجتماع الحاضرين وحركتهم المستقبلية، نشر ذلك في موقع "عربي21" وكذلك على موقع "كلمتي" وتناقلت المواقع الأخرى هذا النص متضمناً المادة الخامسة التي كانت موضع نقاشٍ حاد منفعل ومفتعل.

ولسنا بصدد تشخيص هذا الوضع الذي آلت إليه أمورنا، وضرورة التحقق من كل ما يصدر عن مجموعة ما في إطار من التبين والوضوح، إلا أن هذا الجو المسمم الذي تشهده الحركة السياسية في مصر أدار هذا النقاش المفتعل من غير تبين أو تثبت، من غير رويّةٍ أو تأنٍّ وعلى هذا كان علينا بعد أن قررنا أن لا ندخل في معارك جانبية أن ندلي بهذا البيان إعمالاً لقاعدة ذهبية تتعلق بـ"لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة إليه"، ورأينا أن صدور هذا البيان في هذا التوقيت وقبل الإعلان عن بيان آخر يتضمن مجموعة المبادئ التي اتُفق عليها بفصها ونصها أمر ضروري.

وفي هذا المقام فإننا نؤكد على ثلاث حقائق مبدئية لا بد وأن نصدر فيها هذا البيان:

الأولى: أن المجتمعين في واشنطن قصدوا بتوقيع هذه المبادئ أن يشيّروا إلى إمكانية أي اجتماعات قادمة بين قوى سياسية وفكرية مختلفة ومتنوعة أن الاتفاق فيما بينها يمكن أن يكون وليس مستحيلا على صعوبة ذلك وهو ما أدى إلى نقاشات بين المجتمعين احتدمت حينا وانفرجت حينا آخر لتؤكد أن الحوار بين هذه القوى المختلفة هو الآلية الوحيدة لإحداث اتفاق وتوافق قادر على أن يصمد أمام أحداث متغيرة وأمور تستحق التماسك في مواجهة هذا الانقلاب على المسار الديمقراطي.

الثانية: أن التبين والتثبت يجب أن يكون من الحقائق التي تثبت حسن نية الجميع، لا هذا الذي نشهده من افتعال حرائق في أماكن عدة لا تنتج إلا تفرقاً وتنازعاً وكراهية متبادلة وعلى هذا فإن التدخل الإعلامي والتصرف اللاأخلاقي الذي حدا بالبعض إلى تسريب نسخة بعينها لم يتم حسم الاتفاق عليها واجتزاء ذلك من سياقات الحوار التي تمت إنما يعبر عن خطأ فادح ممن ارتكبه وجرم كبير في حقّ الجماعة الوطنية حينما يدلّس برواية هي في الحقيقة لم تكن إلا واحدة من القراءات التي كانت قابلة للنقاش والتحاور.

أما الحقيقة الثالثة: فهي أمور تتعلق بهذا الشأن الذي صدر في مشروع وثيقة وقع عليه معظم المجتمعين وانسحب البعض الآخر مقدرين لهم مواقفهم ورؤاهم، ولكن هذا الأمر يشير إلى أن تلك الوثيقة خاضعة لأي شكل من أشكال الحوار ولا يجوز أن نستبعد آراء أي أحد في هذه الوثيقة على أن تكون تلك الآراء تُراعي فيها القوى المتنوعة الآراء والمواقف التي تتعلق ببعضها البعض، هذا هو شأن الاتفاق والتوافق أنك لا تستطيع أن تفرض رؤيتك مئة في المئة بل عليك أن تتوازن مع الآخرين بحيث تحقق أرضية اتفاق الحد الأدنى الذي يصلح للانطلاق والحركة والنشاط، ومن ثم فإننا نؤكد أن هذه الوثيقة ليست فرضاً على أحد ولكنها تُعينُ الجميع للتفكير في مسألة الاصطفاف على الحدّ الأدنى المتفق والمتوافق عليه.

بعد هذه الحقائق وجب علينا أن نشير إلى بعض التفاصيل:

1- أن المادة الخامسة التي تتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة كانت من المواد التي خضعت لحوار واسع وظل هناك تيارين أحدهما يؤكد على ضرورة الفصل التام بين الدين والدولة والآخر يحدد عناصر الربط والفصل بين الدين والدولة والتمييز بينهما في الحركة والسياسات، وكان المنشور في هذه المادة الخامسة هي القراءة الثالثة سبقتها قراءتان وأعقبتها قراءتين واستقر المجتمعون على صياغة هذه الفقرة في قراءتها الخامسة والنهائية كما سيوضح في البيان الذي سيصدر ونثبت الفقرة التي تمّ الاتفاق عليها في هذا المقام.

2- أنه تمت دعوة كافة القوى السياسية والأشخاص للحضور ولكن البعض اعتذر في حينه عن عدم الحضور، ودعونا حتى المجلس الثوري ممثلاً في رئيسته الدكتورة مها عزام وكان ذلك تأكيداً على حقّ الجميع في إبداء رأيه وتحاوره أثناء الاجتماع ومن هنا فإن البعض الذي قد يرى أنه تجاهلته هذه الاجتماعات فإنني أؤكد أن هذا الاجتماع لم يتجاهل أحد بل وَسّع دائرة الدعوة إليه معتقداً أن وجود أكبر عدد يمثل الأشخاص المستقلين أو القوى المختلفة هو خير طريق للحوار حول كسر الانقلاب وبناء دولة يناير في المستقبل ونؤكد على كل هؤلاء أنهم إن أرادوا أن يتقدموا المشهد فليأتوا وليعملوا بحق، لأن أساليب الولولة والصوت العالي وافتعال الحرائق في النقاش والحوار وابتغاء أن نظهر في مظهر التنازع والشقاق لا يفيد في أي حال قوى الجماعة الوطنية ولكنه يفيد الخصم الذي تمكن رغم تهافته وضعفه، ومن المؤسف أن نقول إننا ما زلنا نكرر بعض أخطاءنا حينما نتنازع بين بعضنا البعض ويمرح الخصم ويستريح ويفعل بنا الأفاعيل ونحن فقط نحترف الخلاف والنزاع والفرقة والشقاق.

3- إننا نؤكد كذلك على أن هذه الوثيقة بكل مكونتها لا تتعارض بأي حال مع أي جهد مستقبلي قادم بل إنها تعتبر نفسها وبحضورها جزءا من أي اتفاق قادم يُحدثُ اللُّحمة بين قوى وعناصر الجماعة الوطنية، وأكثر من ذلك فإن هؤلاء المجتمعين على اختلاف أطيافهم لا يريدون بأي حال من الأحوال تصدّر لمشهد كله مغارم ولكنهم يريدون أن يشاركوا كل الجماعة الوطنية في كل المغارم التي فُرضت علينا وعلى رأسها استهداف هذا الانقلاب للجميع قتلاً واعتقالاً ومطاردة وتشريد لا نفرق بين داخل وخارج كلنا يهمنا الوطن مصر وفي هذا المقام نؤكد أن اجتماع واشنطن لا علاقة له بمكانه إنما أُلجِئنا إليه، حيث رفضت كل الأماكن أن يكون الاجتماع على أراضيها مما يؤكد على كل المصريين ضرورة أن يبحثوا عن الطرق التي تؤكد إلى جامعيتهم اتفاقاً وتوافقاً واصطفافاً.

4- إن الحديث عن حضور الدكتور عصام حجي لهذا الاجتماع وأنه جزء من هذا المشروع افتراء بيّن، ولكنه بناءً على طلبه أراد أن يعرض هذا المشروع الذي تحدث عنه وقام المجتمعون بمناقشته مناقشة عميقة وحادة وهو ما أدى إلى أن تكون هذه المناقشة واحدة من استطلاع المشاريع الموجودة في هذا المقام وإبداء الرأي الواضح حيالها وهو ما حدث.

5- أما بصدد مشروع الشرعية والذي يتلقفه كثيرون ويتحدثون فيه بلا معرفة كافية بمعنى ومفهوم وواقع الشرعية وتعين هذه المسألة بعد الانقلاب على المسار الديمقراطي فإننا نؤكد مع اختلاف المجتمعين وهذا من حقهم على شرعية الرئيس المدني المنتخب فإن الأمر يتعلق بضرورة استرداد شرعية المسار الديمقراطي واسترداد ثورة يناير وحينما أكدنا أن الشرعية للشعب فإننا نؤكد على ردّ الشرعية لأصلها وأن هذا الأمر يعني أن من يؤمنون بشرعية الرئيس وضرورة استكمال مدته أو وجوده في سدة الحكم هذا الرأي مقدر عند أهله وأن من يعارضون ذلك مقدر عند أهله ومن ثم وجب علينا أن نرد الأمر للشعب في نهاية المطاف يقرر ما يشاء وقت أن تتاح الظروف بذلك.

أردنا بذلك البيان أن نحدد موقف هذه المجموعة من كل ما حدث من حوار بين المجتمعين حول قضايا خلافية فنرجوا من الجميع أن يقدّر معنى التوافق والاتفاق وأن يرى أن هذه الوثيقة والتي أسمينها وطن للجميع يجب أن تعتبر الجميع وأن فرداً بمفرده أو فصيلاً بتكوينه أو قوى سياسية بموقفها لا تشكل الوطن بكل ساحته ومساحته بل هي جزء أصيل فيه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننفيه على شرط أن يعتبر الآخرون ممن يعيشون معه على أرض هذا الوطن.

دامت ثورة مصر ودام شعب مصر الحر ودام هذا الوطن الأبيّ وثورة قادمة بفضل اجتماعكم وعدم تفرقكم واتفاقكم.
التعليقات (1)
مصري
الخميس، 15-09-2016 11:24 م
مع الأسف الشديد فالعسكر يتفوقون بمسافات شاسعة علي القوي الثورية لسبب بسيط وهو توحيد الصف ووجود قيادة واحدة ، هذا هو السبب بكل بساطة وهو التنظيم ، ولذلك فالرجل البسيط لا يعرف أي أسم من أسماء القوي الثورية ولكن إذا سألته عن العسكر فسوف يذكرهم بالأسم واحد واحد ، وهذا شئ هام وهو التأثير والأقتناع بأهمية القضية ، كيف يقتنع بالثورة وكل القوي فيها متفرقة متناحرة وهي جهات عديدة وأشخاص فرادي ، وكل يعمل ضد الأخر لأسباب قد تكون العمالة لحساب العسكر أو لأسباب نرجسية بحته أو لإختلاف أيدلوجي ليس له أي أولوية في ظل تكاتف العسكر وبقاءهم في السلطة برغم كل الأزمات والكوارث الناتجة عن سلوكياتهم وتصرفاتهم ولكن أمام تفرق القوي الثورية التي هي كغثاء السيل مع إحترامي للجميع إلا أن هذة هي الحقيقة والدليل ماذا قدموا للثورة منذ الإنقلاب بما أنهم تصدروا المشهد ، فهم عاجزون عن مجرد الإتفاق علي مسودة لمبادرة أو خارطة طريق لتحقيق الهدف الأسمي وهو رحيل العسكر وعودة الديمقراطية ولكن مع الأسف فمفهوم هذا الهدف يختلف إختلاف كبير وواسع عند كل جهة وعند كل فرد من القوي الثورية التي تتصدر المشهد وما لم ينضوي الجميع بكل إتجاهاتهم تحت جهة واحدة تمثل الثورة يكون لها هدف واحد وواضح فالأفضل أن ينصرف الجميع وليبقي من بالخارج كما هو ومن بالداخل كما هو وأعتقد أن هذا يرضي العسكر جدا في ظل هذا الشتات فهل القوي الثورية المخلصة وأقول المخلصة لأن هناك الكثير منها تعمل لحساب العسكر لبقاء هذا الإختلاف والتنازع علي الدوام دون تحقيق أي إنجاز ، كلمة أخيرة ليتنازل كل مخلص حقيقي عن نوازعة الشخصية وأهواءه ولتتحدوا ولتنضوا تحت مظلة واحدة تمثل الثورة وطموحات المستنرين من الشعب فمتي يتحقق هذا الحلم ؟ بعد عشرة أو عشرين أو ثلاثين عاما أو إلي ماشاء الله وصدق الله العظيم لن يغير الله قوما حتي يغيروا ما بأنفسهم .