قضايا وآراء

رسالة مفتوحة من الدكتور محمد نوري زاد إلى الملك سلمان

قاسم دراني
1300x600
1300x600
قبل أن أضع رسالة الدكتور محمد نوري زاد أمام القارئ العربي، أرى أن أعرّف بصاحب الرسالة في سطور، كي يعرف القارئ أهمية الرسالة وكاتبها.

الدكتور محمد نوري زاد، هو الكاتب والمخرج السينمائي ومفكر الحرس الثوري سابقا، وإحدى الشخصيات المقربة والمحبوبة جدا للمرشد السيد علي الخامنئي. سخر نوري زاد قلمه السيال في الدفاع والذود عن خامنئي وحريمه أمام كل أفاك أثيم حسبما كان يعتقد نوري زاد، وكان له منزلة ومكانة مرموقة لدى قيادات الحرس الثوري. لكنه بعد الأحداث الدموية في 2009 إثر الانتخابات الرئاسية التي رأى فيها الدكتور نوري زاد أن دم الإنسان أرخص من التراب لدى الحرس الثوري ومافيا السيد علي خامنئي، فقد ذهل الدكتور نوري زاد من هذا الإرهاب المفرط بحق الشعب.

وزاد سكوت خامنئي على كل هذا الإجرام الذي يمارسه زبانيته وسدنته من استغراب نوري زاد وحيرته، فأخذ الموقف الذي يجب أن يأخذه كل حر شريف، فبدأ بكتابة رسائله الشهيرة إلى صديقه القديم وزعيمه الروحي، مرشد الثورة، من باب النصح ووضع الحقائق أمامه حين منع من لقائه وجها لوجه إلى الأبد، ظنا منه أن المرشد بنفسه لا يعرف عن هذه الفجائع شيئا، لأنه كان يرى في خامنئي قديسا لا يعصى له أمر.

اشتدت لهجة خطاباته شيئا فشيئا، حتى رمى الحرس الثوري بمفكره السابق في غياهب السجون!! فرأى الدكتور نوري زاد داخل السجن ما لم يكن يخطر على باله أبدا، أيرتكب كل هذه الفجائع بحق الإنسانية والمواطنين في الجمهورية الإسلامية؟! في غضون سنة أو أقل خرج من السجن، لكنه كان مولودا جديدا، قطع على نفسه عهدا ألا يسكت أمام الظالمين مهما كلفه الثمن، فاستأنف كتابة رسائله إلى خامنئي، لكن هذه المرة، ليس كمرشده وزعيمه الروحي، بل كصديق قديم يحاول أن يوقظ ضميره الذي طمسته شهوة السلطة والقدرة.... فوصل إلى قناعة أنه لا يمكن إصلاح هذا النظام ولم يبق لصديقه القديم وزعيمه الروحي مرشد الثورة ضمير كي يستيقظ، فكفر بمبادئ النظام وبالتشيع وبرجال الدين الآيات العظام، جملة وتفصيلا.

يتحدث نوري زاد عن ماضيه في رسالة وجهها إلى ابنه الذي يعيش في أمريكا قائلا: "اعلم يا بني، أن أباك هو حصيلة نظام منحط فكريا وعقديا، النظام العقدي الذي يرى نفسه من أهل الجنة وتحت عين الله المبصرة، ويرى الآخرين من أهل النار ومطرودين من رحمة الله. وأنا، مع هذه الشاكلة والهيبة المزيفة أحرقتك وأحرقت الأسرة برمتها. لماذا لا أعترف بأنني كنت نموذجا صغيرا للداعشي في البيت، لم يكن يعلّمه التشيع شيئا غير العصبية والأنانية". ويقول عن إرادته القلبية للمرشد مخاطبا ابنه: "كنت أبا، لم تكن للبسمة والمداراة معنى في حياته، لا يرى علوا للحق والحقيقة والإسلام والدنيا والآخرة إلا تحت عباءة وعمامة شخص باسم روح الله الخميني أو السيد على خامنئي. كنت أبا، ينظر إلى كل ما هو ليس له اللون والطعم الشيعي بعين الاستخفاف والانحطاط".  

لكن وصل الدكتور نوري زاد أخيرا إلى قناعة، أن المرشد وبيت المرشد هو أسّ أساس الفساد ولابد أن يُبدأ بالمرشد وأسرة المرشد وبيت المرشد. سجن مرات ومرات. حورب نوري زاد وحارب في نفس الوقت، ولكنه لم يستسلم. رأيت رسالته إلى الملك سلمان، إنها للحق تعكس روح الشعب الإيراني المنهكة من الحروب والنزاعات العبثية، المتعطشة للسلام والإخاء والتعايش السلمي مع دول الجوار، رسالة غنية وجريئة ومليئة بالحقائق عن نظام الآيات في طهران، فقررت أن أترجمها للعربية، سهرت عليها من الـثانية عشرة ليلا، وحتى السابعة صباحا، أكملت ترجمتها، فاتصلت بالدكتور هاتفيا وأخبرته بأنني ترجمت رسالتك إلى الملك سلمان بالعربية كي أستأذنه في نشرها إن أمكن، ففرح جدا وشكرني على هذا الجهد.

أعرف نوري زاده جيدا، إنه الحق رجل صادق وغيور وشجاع، لقد دفع ثمن مواقفه غاليا، رجل لا يخاف في قول الحق لومة لائم، أحاول في المستقبل القريب إذا سنحت لي الفرصة أن أكتب عن الدكتور نوري زاد، ومكانته السابقة بشيء من التفصيل، إنه الحق، لقد تاب عن ماضيه توبة صادقة لو قسمت على إيران برمتها لكفتهم، وكتب في وصية له: "إذا مت فادفنوني في مقابر أهل السنّة في كردستان أو بلوشستان"... أقول بكل اليقين، وصلت اليوم شعبية الدكتور نوري زاد في جميع أنحاء البلاد، بسبب شجاعته النادرة في نقد النظام برمته والدفاع عن كرامة الشعب، وصلت إلى مرحلة، لو رشح معها نفسه لرئاسة البلاد فسيحصل بلا منازع على غالبية أصوات الناخبين. خاطب الدكتور نوري زاد في هذه الرسالة الملك سلمان والقيادة السعودية "أن يتحلوا بالصبر والشجاعة كعادتهم، على طياشة النظام الإيراني الذي يسعى لهلاك الحرث والنسل في المنطقة". وأنا بحكم معرفتي بما يدور في العالم العربي عن قرب، حين أترجم هذه الرسالة التي تكتسب أهميتها من كاتبها، ليس معناه أنني أتفق مع الدكتور نوري زاد في كل ما طرحه في رسالته هذه. لكنه أداء للأمانة العلمية والأخلاقية، ترجمت الرسالة حرفيا، ولم أتدخل، لا في النص ولا في المعنى، كي أقدمها كما هي للناطقين بالضاد.

وإليكم نص الرسالة:

رسالة محمد نوري زاد إلى ملك المملكة العربية السعودية

جلالة الملك:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أسعى في هذه الرسالة أن أرفع الحمل الثقيل من الآلام والجروح الجاثمة على صدور الناس في هذه المنطقة من كاهل طبقة وعاظ الطائفية الحاكمة في إيران، وأضع نفس الحمل الثقيل على كاهلكم، لا أبدا.

لقد كتبت مرات عديدة أن جميع الشغب الطائفي في سنوات الطيش هذه، هو نتيجة حتمية لسياسات تصدير التشيع التي اتخذها وعاظ الطائفية الحاكمة على رقاب الشعب الإيراني شعارا لأنفسهم.

وإلا متى رأينا قبل الجمهورية الإسلامية في إيران، حركة باسم الطالبان والقاعدة وجيش العدل وجيش المختار وبوكوحرام وحزب الله والنصرة أو داعش؟
 
ظهر كل هذا على الساحة بعد ظهور نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، بعد أن تجاهل هذا النظام جميع الأطر المقبولة بشريا وعالميا، وبعد أن زاد عطشهم في تصدير التشيع إلى أرجاء المعمورة، لكن بمشاركة وتحريك أموالكم أنتم السعوديين.
 
ذكرت هذه المقدمة كي أبين أين أقف من كل هذا التضاد والخلل، أنا أنتقد النظام الحاكم في إيران. أنتقد نهم جنرالات الحرس الثوري، أنتقد شخص الولي الفقيه، أنتقد مبلغي المذهب والمسؤولين والساسة ونواب البرلمان والقضاة والهيئة القضائية في إيران. الجميع، خوفا من بيت المرشد ومن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة للبيت فقدوا الرجولة، لا، بل ماتت فيهم الغيرة والرجولة، هؤلاء بناء على مسؤولياتهم، مثلا لا بد أن يقفوا إلى جانب الشعب، أن يكونوا حراسا للقانون، لكنهم خوفا من المرشد والأجهزة الأمنية والحفاظ على منافعهم الخاصة من جهة وبسبب الجهالة التي تقمصوها من جهة أخرى، لوثوا حتى الهواء النقي الذي يتنفسه الشعب الإيراني وأغلقوا عليه جميع منافذ التنفس.
 
لعلكم تتفضلون: أن كل ما كتبت موجود في جميع دول المنطقة أو في بلدنا –السعودية-  يعني نحن كذلك شداد غلاظ، لا نعرف القانون ولا الإنسان ولا حقوق الإنسان ولا الأطر المتعارفة دوليا، وتتفضلون: أليست إدارة كل البلاد بيد أسرتنا؟ نفعل كل ما نريده، ولقد فعلناه؟ أقول: نعم؛ هذا صحيح أنتم جنبا إلى جنب الطبقة الحاكمة على إيران من الوعاظ ورجال الدين، رميتم الإنسان وحقوق الإنسان وراء ظهوركم، وماذا لم تفعلوه لأجل ترويج الوهابية!! لكن مع كل هذا يوجد فيكم أنتم أمراء السعودية نوع من الحكمة ونوع من الخوف والاضطراب على منافعكم القومية وتسعون للحفاظ عليها. والحال، لم تشم في الخطوات الداخلية والخارجية لطبقة الملالي الحاكمة على إيران حتى رطوبة من الحكمة والعقلانية، ولا تشم فيهم شيئا اسمه الصيانة والحفاظ على المنافع القومية والشعبية ومراعاة الشرف العالمي، ولا حتى حفظ الكرامة الداخلية. وأنا في هذه الرسالة، أتعلق بهذه الحكمة المختصرة فيكم أنتم السعوديين، لعلكم أنتم – وليس وعاظ الطائفية في إيران – تتأملون في مستقبل لا يحمل لنا ولكم إلا الدمار. إن صراخ عداوة إيران والسعودية الذي يشبه صراخ لاعبي كرة الطاولة في هذه السنوات الأخيرة، يجرنا وإياكم إلى قعر تلك القاعة التي زينوها لنا. قاعة ملونة بالدم، من معبر ضيق، لوّنها لنا ولكم الأذكياء الكبار!!
 
في سنوات الحرب العراقية والإيرانية، أيام كان رجال الحرس الثوري والجيش الإيراني، يخفون في حقائب الحجاج الإيراني، أنواعا من الأسلحة و"تي أن تي" والمواد المتفجرة وينقلونها إلى جدة ومكة والمدينة كي يسلحوا الشيعة في السعودية ضد الحكومة المركزية، في السنوات التي طبق فيها الملالي الحاكمية على إيران، رتبوا تلك المظاهرة المشينة (البراءة من المشركين)، وجروا كل هذا الجمع إلى شوارع مكة، في السنوات التي لا تتحمل طبقة الملالي الحاكمة على إيران باعتراض سلمي بسيط لشخصين كي يصرخوا، مثلا: الهواء ملوث، لكنهم في مكة أغروا مئة ألف حاج سكران كي يعربدوا بكل الوقاحة ويصرخوا بأقوى مما تتحمل حناجرهم: "الموت لآل سعود"!!، في السنوات التي كان نظام الجمهورية الإسلامية يقوم فيها باحتكاك واضح وصريح مع جميع المذاهب الإسلامية وخاصة مع الوهابية ونظام السعودية، وقد أنفق لإشعال هذه الفتيلة أموالا طائلة، في الأيام التي كان يخطب فيها شيخ خرف مثل آية الله أحمد جنتي على منبر صلاة الجمعة في طهران ويهنئ الحضور بموت الملك عبدالله ملك السعودية! ويفرح بموته.. في الأيام التي صعدت فيها جماعة بلهاء بيت المرشد على جدران السفارة السعودية وأحرقوا السفارة، وسبق أن أحرقوا السفارة البريطانية وقبلها السفارة الأمريكية.. في جميع هذه الأطوار المضطربة وغير الإنسانية، نحن وجدناكم في قمة الصبر والمتانة والحكمة. يعني مهما تطاول نظام تصدير التشيع إلى العالم في مد رجله ومدها أكثر من العرف الدبلوماسي المتداول في العالم، لا، بل وحتى هتك الأخلاق والعرف الإنساني، فأنتم السعوديون على عكسهم تماما كنتم في قمة الصبر والرزانة، لم تستطع ممارسات الإجحاف والمنازعات والحماقات والتهم والتهكمات الإيرانية الكاذبة أن تخرجكم عن طوركم وعقلانيتكم، أو ينفد منها صبركم على حماقات القوم.
 
جلالة الملك:

هذه الأيام، أنتم بالإشارة الخضراء وموافقة أمريكا كل يوم تضربون اليمن، وأكيد لقد أزعجكم تحرك الحوثيين الشيعة، ولعلهم بتطاول أرجلهم إلى داخل السعودية، وبتعاون من الشيعة في السعودية سيسعون لإيجاد الفتنة هناك. وفي هذه المعركة الدموية في اليمن، أنتم مثلا سددتم أبواب فاجعة قريبة الوقوع في السعودية. وأنا أقول والحال هذه: لقد دخلتم بالضبط في نفس الطريق التي رسمها لكم الأذكياء، وطبقة وعاظ الطائفية الحاكمة على إيران بزعم السبق، وفي الواقع لترجمان حقد مرشده العبثي على أمريكا، وضعوا أرجلهم في العراق وسوريا ولبنان.. وعلى مسرحية تلك القصة النووية المضحكة، كي يؤخروا حظهم البائس المكتئب، دون أن يعلموا أن كائنات السبب هي الحيوانات البلاستيكية التي تتشكل كما يريدها الآخرون.

لقد فتح وحش الفوضى (الفوضى الخلاقة) في هذه الأيام فمه كي يبلع كل ما تملكه شعوب المنطقة ويحصد ثرواتهم، يتحرك نحونا، له صورة ظاهرية وصورة باطنية. الصورة الظاهرية لهذا الوحش المفترس زُيّنت "بالاختلاف والكراهية وحروب الشيعة والسنة التاريخية"؛ تماما نفس الشيء الذي سحب طبقة وعاظ الطائفية الحاكمة على إيران، إلى أعماق الابتلاع وأشغلكم جنبا إلى جنب مع إيران، في اليمن والعراق وسوريا وأفغانستان ولبنان وفلسطين، وهذه كلها تماما تتحرك في امتداد تزيين تلك الحروب التاريخية بين الشيعة والسنة، التي لم تكن وليس لها فائدة سوى التخريب والدمار وامتصاص الثروات النقدية وإنهاك الثروات الإنسانية في البلدان المتحاربة.
 
البلدان المتحاربة مهما علت ثرواتها، ستضطر لأن تتقشف في المأكل والمشرب كي تشتري السلاح يوما بعد يوم، في صراع عبثي دون نتيجة. ويستعمل ذلك السلاح في القتل وتخريب المدن وموطن المنافس. وكل من جهته يضرب على رأس المنافس. وفي هذا الوسط، تحرك الأشعار الحماسية المشاعر، والقنابل تحصد بشكل متكرر.
 
نعم، جلالة الملك:

إن الطبقة الحاكمة في إيران من الوعاظ الطائفيين من جهة وأنتم السعوديين من جهة أخرى، بالنيابة عن التشيع والتسنن التاريخي أصبحتم أداة تفني البلدين.. لا ترانا في شمائل الإنسانية، بل في براميل النفط ودولار النفط، وإلا أي صبي يجلس على ركبة الأمريكان ويحفر المنشأة النووية عشرين مترا تحت الأرض ثم يلعب دور العاقل الذكي الذي يخفي منشآته النووية؟!!

في قصة النووي المضحكة شيئان؛ ممتعان للروس والأمريكان، الأول: الدولار الموجود في جيب هذا الصبي الذي يسعي للحصول على القنبلة النووية؛ والثاني: سذاجة الصبي وسفاهته. أراد أن يغطي هذه السذاجة مع خطواته النووية العريضة والطويلة. وأما أنتم السعوديين فكنتم للحق حكماء وعقلاء لم تسعوا للتحرك نحو الحصول على القنبلة النووية، رغم أنه كان بإمكانكم الحصول عليها إن أردتم، لأن ثرواتكم أوفر وأكثر وروابطكم أحسن وأقوى مع القوى العظمى.
 
جلالة الملك:

اسمح لي كي أقول: نحن وإياكم على بعد خطوتين من عملية دمار حتمي، لقد ركّبونا في قطار مصيرنا المشؤوم، والأذكياء زينوا لنا وإياكم هذا الدمار الشامل، وهذا القطار الذي يحملنا وإياكم، هم صنعوا له سككه الحديدية. أنا من هذه الجهة، قد يئست من طبقة وعاظ الطائفية الحاكمة على إيران.. هم مثلا يدمجون شيئا من تلك الحكمة التي لديكم وشيئا من تلك الحكمة التي يفقدونها كي يبدأوا بالخطوة الأولى من القطار المتجه في الطريق المشؤوم، وينزلوا منها، وبحكمة بالغة هم يفتتحون طريقا لشعبي إيران والسعودية والمنطقة برمتها. السبب في يأسي من الحاكمية الإسلامية في إيران هو: نحن الشعب الإيراني هنا أسرى، نحن أسرى بيد كائنات جشعة لا تشبع ولا تتعب من الشبع. وأضيف أن طبقة وعاظ الحاكمية في إيران ليست لديهم اللياقة العملية كي نفرح نحن بكفاءاتهم العملية، فمثلا: إننا حين يقتلون ويسرقون ويدمرون ويكذبون ويدجلون وينافقون، نقول لا بأس، ونغض الطرف عن جرائمهم لأنه في المقابل لهم هذا الجمال وهذه الصفات وهذه الكفاءة، لكنهم لا، لا يملكون هذا الجمال ولا تلك الكفاءة العملية.

جلالة الملك:

أنا أكتب هذه الرسالة بالنيابة عن شعب يتمتم من الخوف، أو لا، أكتب بالنيابة عن شعب يعشق الصلح والمحبة، أكتب بالنيابة عن شعب لا يريد أبدا أن تصل إيران والسعودية إلى ما وصلت إليه سوريا وأن تسقط البلدان في هاوية التقسيم.

جلالة الملك:  

أرجعكم إلى تلك الحكمة الموجودة لديكم والمفقودة لدينا في هذه السنين، أن تتزينوا كالعادة بالصبر والتسامح. لا تلقوا بالا إلى الطوق الممزق لطبقة الوعاظ الحاكمة في إيران ولا إلى عربدتها القديمة الجديدة، هؤلاء أجبن من أن لا يخافوا، هذه الطبقة مسرورة بعدد من صواريخ الحرس الثوري. وهم إذا عرفوا أن صواريخهم لن تفيدهم في يوم من الأيام، فإنهم على الفور سيدخلون رؤوسهم في أي جحر يجدونه أمامهم ليلتمسوا العفو والمعذرة. لا بد أن أضيف أن الملالي الحاكمين الذين لا يعرف الشبع طريقا إلى قلوبهم، رغم أنهم في المجامع الدولية تجدهم خجولين، مؤدبين ومتواضعين، فإنهم في الداخل، جلادون وقصابون نزعت الرحمة والشفقة من قلوبهم.. إذا لزم بقاؤهم على السلطة فإنهم يصنعون من إيران حمام دم لم ير التاريخ مثيلا له. لأجل هذا أقول، نحن أسرى في بلدينا. وأما أنتم فحاولوا أن تعبروا من معبر الأحقاد التاريخية بالأمن والسلامة وألقوا حبل الخلافات التاريخية للشيعة والسنة على قارب جهالة التاريخ واسلكوا طريق الحكمة وحيدا منفردا، كي لا يقع البلدان الجاران في الفخ الذي وضع لهما. أنا أعرف مسبقا أن ابتعادكم وملالي الحكم في إيران عن الأحقاد التاريخية غير مرجح، لكن الخوف من دمار البلدين، إيران والسعودية، هو الذي حملني على كتابة هذه الرسالة من طرف واحد.

جلالة الملك،

فلا تتردوا أن تسبغوا علينا وعلى شعوب المنطقة، هذا المختصر من حكمة أسرتكم الكريمة.
مع خالص الاحترام والأدب.

محمد نوري زاد
الأربعاء 3/ شهريور/ 1395 طهران
21/ ذي القعدة/ 1437 الهجري
24- 8- 2016 الميلادي
0
التعليقات (0)