مقالات مختارة

ما بين عزم مصر ودعمها

فهمي هويدي
1300x600
1300x600
تلقيت في بريدي الإلكتروني بيانا صادرا عن كيان باسم «ائتلاف عزم مصر»، لم أسمع به من قبل، أثار انتباهي اسمه ومضمونه وقائمة الموقعين عليه، خلاصة البيان أن حكومة الشباب  -التي لم أسمع بها- بدورها، ناقشت خطة عمل الحكومة في الفترة المقبلة، التي دعت إلى العمل على تشغيل 5000 مصنع معطل، إضافة إلى هيكلة العاملين بجهاز الدولة الإداري، بحيث يخفض عدد موظفي الحكومة من سبعة ملايين إلى مليونين فقط، والعمل في الوقت ذاته على تحويل الملايين الخمسة إلى قوة منتجة. 

وأضاف البيان أن المجلس الاستشاري لحكومة الشباب الذي يرأسه الفريق أول محيي الدين الوسيمي، الذي وصف بأنه «أبو أجهزة المخابرات العربية»، أقر تلك الخطة، كما أنه وافق على مقترحات الحكومة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي.

مما ذكره البيان أن رئيس حكومة الشباب المكلف اسمه صموئيل العشاي، وأن النائب الأول له اسمه أحمد إبراهيم، أما النائب الثاني فاسمه الدكتور طارق العيسوي، وحين حاولت أن أتعرف على اسم رئيس الحكومة (من باب الاحتياط وتحسبا للمستقبل) وجدت على موقع جوجل أن له ثلاث صفات إلى جانب «منصبه» سابق الذكر، أولاها أنه كان مديرا لمكتب رئيس المخابرات السابق اللواء عمر سليمان، وثانيها أنه كاتب صحفي وثالثها أنه الناطق باسم ائتلاف «عزم مصر».

استوقفتني أيضا قائمة الموقعين على البيان، الذي كان واضحا فيه أن ائتلاف «العزم» يضم الجهات التالية: حركة مصر فوق الجميع ــ حركة شركاء من أجل الوطن ــ ائتلاف 30 يونيو ــ "حركة المصريون قادمون" ــ الجبهة الثورية لحماية مصر ــ جبهة الوطنيين الحقيقيين ــ حزب الاستقامة ــ حزب مصر أم الدنيا ــ حزب حراس الثورة.

لأول مرة يبدو الأمر مضحكا ومشجعا على إهمال الموضوع، فالبيان الذي جرى توزيعه من خلال الإنترنت تحدث عن ائتلاف سري وحكومة للشباب سرية وأحزاب سرية، وقرار عجيب بالاستغناء عن خمسة ملايين موظف دفعة واحدة في بلد مأزوم، كأنما لم يأخذوا من صفات الشباب سوى التسرع والطيش.

اسم الائتلاف أيضا بدا باعثا على الضحك؛ إذ بدا أن الحكومة الرسمية يحملها في البرلمان ائتلاف أيضا بدا باعثا على الضحك، فالحكومة المصرية الرسمية يحملها في البرلمان ائتلاف دعم مصر، أما حكومة الشباب التي تحدث عنها البيان، فيقف وراءها ائتلاف عزم مصر، وكأنهما أولاد عمومة، الأمر الذي يفتح الباب لظهور ائتلافات أخرى تنتسب لنفس العائلة، مثل شحذ مصر وعمق مصر وعدل مصر،، إلخ، وهو ما يذكرنا بسلسلة أفلام إسماعيل ياسين التي قدمته في الجيش تارة والبحرية تارة أخرى وحديقة الحيوان في فيلم ثالث وفي البوليس الحربي في فيلم رابع،، إلخ.

أما الأحزاب التسعة المذكورة فالقاسم المشترك بينها أنها غير معروفة، ولم نسمع أو نلحظ لها حضورا في الشارع، وإذا كان رئيس المجلس الاستشاري رجلا وصف بأنه أبو المخابرات العربية، حسب نص البيان الصادر عن الائتلاف، وإذا كان رئيس الحكومة المفترضة مديرا سابقا لمكتب رئيس المخابرات الأسبق، فلنا أن نتصور هوية زعماء الأحزاب التسعة، الذين لن نستغرب أنهم لم يبتعدوا كثيرا عن الدائرة، كأننا بصدد تركيبة ائتلاف دعم مصر، الذي كان ضابط المخابرات السابق اللواء سامح سيف اليزل على رأسه ثم خلفه بعد وفاته ضابط المباحث السابق اللواء أحمد جمال الدين.

لست ضد تعدد الأحزاب وكثرتها، كما أنني لست ضد مشاركة الضباط السابقين في الحياة الحزبية والسياسية بعد خروجهم من الخدمة، ولا يعيب أي حزب أن يولد صغيرا ثم ينضج ويكبر بعد ذلك، لكن ذلك كله مشروط بشيء واحد، هو أن يتنافس الجميع على قدم المساواة في انتخابات حرة ونزيهة، إذ إن المطلوب هو إثراء الحياة السياسية وليس تأميمها أو العبث بها، وتجربة ائتلاف دعم مصر في الانتخابات التشريعية الأخيرة مؤسفة وغير مشرفة، ذلك أنه لا يجوز لنا أن نفتح الأبواب على مصاريعها لتشكيل الأحزاب السياسية سيرا على أعراف الدول الديمقراطية، وفي الوقت نفسه تعمل الأجهزة على السيطرة على الأحزاب والتلاعب في نتائج التصويت، جريا على تقاليد الأنظمة الاستبدادية، إن شئت فقل إننا لا نريد للمجتمع الذي نتمناه في مصر أن نستلهم تطبيقات الدول الاشتراكية (سابقا) التي توافرت لها مختلف أشكال الديمقراطية وهياكلها، لكن وظيفة الديمقراطية في الرقابة والمساءلة والتشريع تظل مغيبة ومعطلة.

دعونا نرحب بائتلاف «حزم مصر»، وأن نتمنى له أن ينافس «دعم مصر»، لا أن يكون توأما له، واستنساخا يضعف الحياة السياسية، ويؤدي إلى لجم مصر أو قمعها، وليت الاثنين يصبحان إضافة للديمقراطية، وليس خصما عليها.

الشروق المصرية
1
التعليقات (1)
محمد الدمرداش
الأحد، 21-08-2016 08:55 م
الديمقراطية و الجنرالات .............. يفهم أن الديمقراطية هي خيار الشعب في منْ يحكمه و يتولى أمره أما الجنرالات ففهمهم أن الشعب لابد أن يطيع الأوامر و لو كانت خطأ و سيأتي التصويب فيما بعد و من الكوارث التي تخرج علينا في هذه الأيام مسميات " دعم مصر " و " عزم مصر " و هذه المسميات وراءها جنرالات سمعوا أن قوة الاقتصاد تكمن في أن أجمالي الأنفاق العام يساوى أجمال الموارد على أسوأ تقدير و أن كان أقل كان اقتصاد البلاد قوى و رأوا أن الحل بسيط و سهل بتوفير أجور ملايين من العاملين في الدولاب الحكومي وصل في أحد التصورات إلى خمس ملايين دون مراعاة للبعد الاجتماعي بدعوة جوفاء تحويلهم لطاقة منتجة بتشغيل خمسة ألاف مصنع معطل و لو أفترض أن جميعها من المصانع كثيفي العمالة فإنها لن تستوعب أكثر من مليون ونصف ثم أن المصانع المعطلة تنتمى لتكنولوجيا عفا عليها الزمن و بالقطع لن يكون أنتاجها من الجودة بما كان لمنافسة التسويق العالمية هذا فضلاً على أن شركات مصر للاستيراد و التصدير التي كانت متغلغلة في أفريقيا و دول أخرى تقوقعت و أضمحلت و معظم الملحقين التجاريين في سفارتنا بالخارج يتمتعون بمنصب شرفي دون نشاط يذكر أن ممارسة السياسية و الديمقراطية لهما ظهير لا يتغير هو مستويات الخدمات و مستويات المعيشة للمواطن فإن كان بجعبة الجنرالات هذا الظهير بمصداقية واقعية فمرحباً بهم أما إذا ما كان بجعبتهم تصورات مغلفة بدعاية كاذبة لا تغنى و لا تسمن من جوع فالأفضل لهم قبل أن يكون الأفضل لمصر و المصريين أن يتركوا الساحة لرجالات لديهم ما يقدموه لمصر

خبر عاجل