كتاب عربي 21

عن معركة حلب والدور الروسي: كي نعي جميعا أين نضع أقدامنا

قاسم قصير
1300x600
1300x600
منذ اندلاع الأزمة السورية قبل حوالي الخمس سنوات ونصف، والمحللون والناشطون والعاملون المعنيون في الملف السوري يضعون تواريخ ومواقيت لانتهاء الأزمة وتحقيق الأهداف المرجوة. فالمؤيدون للنظام السوري كانوا يتحدثون دوما عن أن الأزمة سريعة وستنتهي بأقصى سرعة، خلال أسابيع أو شهور، وسيتم القضاء على قوى المعارضة والمجموعات المسلحة والقوى الدولية والإقليمية المؤيدة لها. وبالمقابل، فإن المعارضين للنظام السوري وحلفائه كانوا يتحدثون عن نهاية قريبة للرئيس بشار الأسد، وعن إسقاط النظام وإقامة المشروع البديل، والسيطرة على دمشق وبقية المدن والمناطق السورية.

وها هي تمضي سنوات خمس ونيف دون أن يستطيع أحد حسم الصراع المستمر والمدمر، والذي كانت له نتائج كارثية على سوريا والمنطقة، تشبه إلى حد بعيد نتائج الحرب اللبنانية الأهلية، والتي استمرت 15 سنة، أو الحرب العراقية - الإيرانية والتي استمرت ثماني سنوات، وغيرها من الحروب والصراعات في المنطقة، والتي أدت إلى كوارث إنسانية، وسقوط مئات الآلاف من الضحايا، وخسارة مليارات الدولارات، وتدمير الدول، طبعا مع الفارق بين حرب وأخرى في ظروفها وأسبابها ونتائجها.

واليوم، وفي ظل التطورات الجارية في مدينة حلب ومحيطها، وعلى ضوء الدور الروسي المتزايد في المنطقة، تُطرح الكثير من التساؤلات والإشكالات حول ما يجري وإلى أين تسير الأمور.

فالمؤيدون للنظام السوري كانوا يروّجون أن حصار حلب قبل عدة أسابيع سيحسم المعركة في سوريا والمنطقة، وسيؤدي إلى نهاية قوى المعارضة والمجموعات المسلحة وكل حلفائهم، وستسقط كل المشاريع المعارضة للحلف السوري - الإيراني - الروسي.

وبالمقابل، عندما نجحت بعض المجموعات المسلحة وقوى المعارضة قبل أيام قليلة في كسر الحصار على حلب وإحداث خرق في الحصار القائم، بدأ المؤيدون لقوى المعارضة والمجموعات المسلحة بالحديث عن أن ما يجري سيؤدي إلى تحرير حلب بالكامل من قوى النظام ومؤيديه، وأن معركة حلب ستغير كل معادلات الصراع وسيكون لها تداعيات كبيرة.

وفي كلا المعركتين (أي حصار حلب وفك الحصار عنها) تحدثت بعض المعلومات والمعطيات عن وجود دور روسي فاعل فيما يجري. فالروس هم من ساند ودعم النظام السوري وحلفاءه لتغيير بعض المعادلات في الصراع، وتحقيق بعض الإنجازات الميدانية. وبالمقابل، فإن الروس - حسب هذه المعلومات - هم من ساهموا في استعادة المعارضة السورية والمجموعات المسلحة بعض مواقعها وتحقيق تقدم ما في بعض المناطق ضد النظام وحلفائه.

والملفت اليوم أن ما يجري في حلب من صراع قوي يتم بين حدثين مهمين على المستويين الإقليمي والدولي، ولروسيا دور مهم فيما يجري. فقبل أيام قليلة كانت تعقد قمة روسية - إيرانية - أذربيجانية، لبحث توثيق التعاون بين هذه الدول وإقامة مشاريع مشتركة على مستوى دولي وإقليمي، وبعد ذلك مباشرة كانت تعقد قمة روسية - تركية لإعادة ترتيب العلاقات بين البلدين وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، ولا سيما بعد نجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسقاط الانقلاب العسكري ضد حكمه.

والنتيجة أن روسيا موجودة في المحورين مع بعض التباين، محور من يريد بقاء الرئيس بشار الأسد والدفاع عنه، ومحور من يعمل لإسقاط الرئيس بشار الأسد وإقامة البديل عنه، وكلا المحورين يخوضان معركة قاسية في حلب، وفي غير حلب، لتغيير المعادلات الميدانية، ومن أجل تعزيز موقفه التفاوضي ودوره المستقبلي في سوريا والمنطقة.

وعلى ضوء كل ذلك، يمكن التأكيد أن معركة حلب لن تحسم الصراع في سوريا، وأنه من غير المسموح دوليا وإقليميا انتصار طرف على آخر، كما حصل سابقا في لبنان وبين العراق وإيران، وكما يحصل اليوم في اليمن وليبيا وسوريا. وأما روسيا وبقية القوى الإقليمية والدولية فهي تبحث عن مصالحها، في حين أننا جميعا ندفع الثمن الغالي من أرواحنا وبلادنا وثرواتنا، كي ننتهي في الختام للجلوس على طاولة المفاوضات والاتفاق على حل سياسي.

فلماذا لا نعي أين نضع أقدامنا ونوقف كل هذه الصراعات ونتفق على الحلول، وندرك ألا أحد يستطيع حسم المعركة في سوريا، وأن روسيا وغيرها تقف مع مصالحها أولا وأخيرا، وأن علينا أيضا أن نقف مع مصالحنا فقط ونبحث عن حلول جدية وسريعة لكل أزماتنا؟
التعليقات (6)
ابو علاء الحمداني
السبت، 03-09-2016 09:24 م
المستغرب من الموقع كيف ينشر الى هكذا ناعق بل ومجرم !!!!!
ابو احمد القاسم
الخميس، 01-09-2016 08:02 م
الكلاب تعوي والقافلة تسير الحل لهذه الكلاب ان يرمى لها العظام النتنة حتى نستريح من عواءها
Ahmed
الأربعاء، 10-08-2016 07:45 م
كيف تركب هذه؟ "الروس ساعدوا النظام في حصار حلب و الروس أيضا ساعدوا المقاومة السورية في فك الحصار" هذه الأفكار تأتي فقط من أصحاب المماتعة حزب الشيطان و إيران تريد أن تنقذ سيدك نصر الشيطان ؟
مُواكب
الأربعاء، 10-08-2016 06:23 م
السؤال القيم الذي يُنهي به الكاتب مقاله، من الذي يملك الجواب عليه؟ طرفا الحرب السورية ليسوا سواءً وعلينا تسميتهم بوضوح حتى نتمكن من قول شيء مُفيد: حُلفاء بشار أسد والشعب السوري المنكوب، فهل ستتخلى إيران وحزب سيء نصر الشيطان عن خُرافاتهم وشعوزاتهم ويسمعوا ، ولو لمرة واحدة، صوت الرحمن بأن يتوبوا لله عز وجل؟ هناك نُقطة أُخرى مهمة: يقول الكاتب أن الروس ساعدوا المعارضة في حلب ، ولا بد أنَّه يعني بذلك اليومين لعدم إقلاع الطيران الروسي اللذان استخدمتهما المعارضة لتحقيق بعض التقدم. نستطيع أن نحاول فهم ومعرفة أسباب بوتين لحجب طيرانه خلال تلك المدة. يذهب الغرور ببشار أسد وإيران وحزب الشيطان كل منأى! وكما أنهم يعتمدون الخرافات في تكوين مُعتقداتهم، فإنهم يعتمدون الأوهام في حروبهم الخاسرة، وظنوا أنهم هم من يُجندون الروس ليأتي بوتين ويقول لهم أنتم جنودي ومُشاتي في المعركة الأرضية وأنا من سيُعطي الأوامر، هذه حقيقة ما جرى. وهناك من يعتقد أن حجب الطيران كان لِإبتزاز إيران مادياً، وهو أمر قد تعوَّد عليه زعيم المافيا الروسية.