سياسة دولية

سياسيون يهاجمون المواقف الدولية من محاولة الانقلاب بتركيا

هاجم معارضون وسياسيون الموقف الأمريكي من محاولة الانقلاب - أرشيفية
هاجم معارضون وسياسيون الموقف الأمريكي من محاولة الانقلاب - أرشيفية
"من صمت وترقب، بل ومباركة على مضض واستحياء، ثم التحول إلى الإدانة والاستنكار، وصولا لإعلان الدعم والمساندة للنظام الديمقراطي المنتخب بإرادة شعبية حرة"، جاءت المواقف الدولية المختلفة من محاولة الانقلاب "الفاشلة"، التي جرت مساء أمس في دولة تركيا، وهي التي رأها سياسيون ومحللون بأنها تفضح ما وصفوه بنفاق الغرب وخاصة الأمريكان مما جرى.

وكان الموقف الأمريكي – بحسب مراقبين - هو الأكثر غرابة وتحولا، فقد تحدثت السفارة الأمريكية بأنقرة عما أسمته بـ"الانتفاضة التركية"، في بيان لها، تزامن مع بداية الانقلاب، ثم سرعان ما حذفت هذا البيان من على موقعها الرسمي، بل وأدانت تلك المحاولة بعد التأكد من فشل الانقلاب العسكري.

وقالت مصادر حكومية أمريكية لـ"رويترز"، الجمعة، إن الولايات المتحدة تعتقد أن محاولة انقلاب عسكري جارية في تركيا، لكن من غير الواضح في الوقت الحالي من سينتصر، لكن البيت الأبيض أعلن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدث مع وزير خارجيته جون كيري واتفقا على ضرورة أن تؤيد كل الأطراف في تركيا الحكومة "المنتخبة ديمقراطيا".

وقال "كيري" إنه تحدث إلى رئيس الوزراء التركي الذي أكد له "دعم واشنطن المطلق للحكومة المدنية المنتخبة ديمقراطيا وللمؤسسات الديمقراطية".

ودعا أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى الهدوء، لافتا إلى أنه "يتابع عن كثب تطورات الأوضاع في تركيا".

من جانبه، قال مدير المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عصام عبد الشافي: "يمكن القول إن هذه المواقف الدولية هي انعكاس حقيقي للمواقف الحقيقية، بل والأهداف التي سعت إليها هذه الأطراف من هذا الانقلاب".

وأضاف – في تصريح لـ"عربي21"-: "تبرز في هذا السياق مواقف الأمم المتحدة، وهي تقليدية، حيث يكتفي الأمين العام بالتعبير عن القلق وضبط النفس واحترام الإرادة الشعبية، لأن الأمم المتحدة لا تتسم بالاستقلالية أو القدرة على اتخاذ مواقف حاسمة، بل تابعة لمواقف الأطراف الفاعلة في المنظومة الغربية".

وتابع عبد الشافي: "في مقدمة هذه الأطراف المتحكمة في الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وهذه الدول تتمنى سقوطا مدويا للنموذج التركي، أو بشكل أدق للرئيس التركي، وإن لم يتحقق السقوط فعلى الأقل توجيه لطمة قوية تجعله يشعر بالضعف في مواجهتها، وهو الهدف نفسه الذي سعت إليه روسيا الاتحادية".

وأكمل: "أما المواقف شديدة السلبية، والتي كنت أتوقعها بنسبة مائة في المائة فهي مواقف عدد من الأطراف الإقليمية، التي يمكنني التأكيد أنها داعم حقيقي لهذا الانقلاب، ومتورطة فيه سياسيا وإعلاميا، تمويلا وتخطيطا وتوجيها، وهي نظام الأسد في سوريا، والنظام العسكري في مصر، وأبناء زايد في الإمارات، وليس بعيدا عنهم بكثير النظام السياسي في السعودية".

واختتم بقوله: "تحديد المواقف يرتبط بطبيعة العلاقات الحاكمة بين هذه الأطراف والنظام التركي قبل الانقلاب، رغم محاولة هذا النظام تصدير العديد من المشكلات لدول الجوار الجغرافي بعد تولي بن علي يلدريم رئاسة الحكومة، ولكن دور هذه الأطراف في الإعداد للانقلاب والتحضير له، لم يتوقف ولن يتوقف، وهو ما يجب الحذر منه والتحسب الشديد لمواجهة سياساتهم وممارساتهم داخل تركيا وخارجها".

كما أكد رئيس حزب الأمة الإماراتي حسن الدقي أن محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا تكشف الهزال والتآمر ومدى الانهيار الذي وصل إليه النظام الدولي في إدارته لحق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام الإرادة الشعبية وخيارات الأمم، لافتا إلى أن هناك انهيارا وسقوطا أخلاقيا وصفه بالخطير في المبادىء التي تتشدق بها الدول الغربية.

وفي تصريح لـ"عربي21"، شدّد على أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وصلوا لمرحلة من "الانهيار والانحطاط والكيل بمكالين والتخلي عن كل المبادىء التي من أجلها نشأت تلك المنظمة من أجل الحفاظ على السلم والأمن والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها".  

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي بارك أوباما – كما فعل الكثيرون من قادة الدول الغربية- صمت لفترة طويلة جدا إزاء المحاولة الانقلابية، في حين أنه حال حدوث أي شيء في أقصى العالم سرعان ما يتدخل ويعلن موقفه بشكل واضح.

واستطرد قائلا: "هؤلاء الغرب يتأخرون، ويصمتون، ويساوون بين الضحية والجلاد، ويقولون لن ننحاز إلى جهة بعينها، حتى تتضح سيطرة وقوة وانتصار جهة ما – أيا ما كانت- وعقب ذلك يقولون إنهم يدعمونها ويختلقون المبررات لذلك".

وتابع: "رغم أن تركيا عضو بحلف الناتو، إلا أنه من الواضح أنهم (الغرب) كانوا يتهيؤون لإعلان انتصار الانقلاب ودعمه والاعتراف به صراحة، لكن بفضل الله خيب الأتراك آمالهم، فقد كانوا على مستوى التحدي ومستوى خوض الصراع، وأفشلوا تلك المحاولة الآثمة".  

وحول رؤيته لمواقف الأنظمة العربية، قال إن "طبيعتها هي دعم مثل هذا الانقلاب، ومتأكد من أن لها يدا كبرى فيما حدث، فالتمويل الخليجي على وجه الخصوص شهدناه في الانقلاب المصري واللعب في سوريا وليبيا، وتركيا هي امتداد للثورة العربية بل هي العمود الفقري لها".

وأكمل: "ولذلك من الواضح أن النظام العربي يريد معاقبة أردوغان، وكل المحاولات السابقة فشلت في الإطاحة بالرئيس التركي، فلم يبق أمامهم إلا محاولة الانقلاب عليه، وهو ما كنا نتوقعه بين يوم وآخر، بينما كان الأتراك مستعدين لهذه اللحظة الخطيرة".

وقال رئيس مركز الحوار المصري بالعاصمة الأمريكية واشنطن الدكتور عبد الموجود الدرديري: "استغرب واستنكر التلكؤ الأوروبي الأمريكي وحتى من قبل سكرتير عام الأمم المتحدة في إدانة محاولة اغتصاب السلطة الديمقراطية والنظام المنتخب في تركيا، حتى أن المراقب يظن أنهم ما تكلموا إلا بعد أن تأكدوا تماما من فشل هذه المحاولة الانقلابية، وهذا الأمر يضع علامات استفهام حول موقف أوروبا وأمريكا من للتعاطي الديمقراطي مع العالم الإسلامي".

وأضاف – في تصريح لـ"عربي21"- : "يحزنني أن الغرب يبدو وكأنه يفضل التعامل مع الجماعات المسلحة، ويعتبرها أفضل بالنسبة له من التعامل مع الديمقراطية الناشئة في المنطقة الإسلامية، خاصة أنه مازال في عقول الملايين في العالم العربي والإسلامي الموقف المخزي والمشين لأوروبا ولأمريكا من انقلاب مصر".

واستطرد "الدرديري" - الذي يشغل منصب المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة المصري- قائلا: "يبدو أن الحكومات الأوروبية مازال لديها سوء فهم عن الديمقراطية الإسلامية، فمحاولة الانقلاب استغرقت خمس ساعات، إلا أن الإدانة بدأت تخرج بعد 3 أو 4 ساعات"، مشيرا إلى أن الأيام القادمة ستكشف مفاجآت بشأن هذه المحاولة الانقلابية وستظهر الكثير من الحقائق مستقبلا.

وحول أسباب عدم وجود امتعاض تركي من هذه المواقف الدولية حتى الآن، قال "الدرديري": "تركيا الآن مشغولة بترتيب البيت الداخلي، وهذا أهم شيء، فالسياسة الخارجية ما هي إلا انعكاس للداخل، وأظنها قد توضح ذلك لاحقا عقب إحكام السيطرة تماما على الأوضاع الداخلية"، مؤكدا أن تجربة الأتراك في إفشال الانقلاب هي تجربة ملهمة لإفشال الانقلابات الأخرى.

بدوره، ذكر الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد جول أن كل المواقف الدولية التي صدرت من أوروبا وأمريكا وكذلك من الدول العربية تؤكد احترام الشرعية وتندد بالمحاولة الانقلابية، لكن يجب إدارك أن هذه المواقف لم تظهر إلا بعد التأكد من فشل الانقلاب- باستثناء دولة قطر التي سارعت في الإدانة ثم المغرب والسعودية- وهو ما قد يشير إلى أن هناك أياد خارجية تقف خلف تلك المحاولة الانقلابية بشكل ما أو بآخر.

وأشار – في تصريح لـ"عربي21"- إلى أن موقع السفارة الأمريكية في أنقرة تحدث في بداية المحاولة الانقلابية عما أسمته بالانتفاضة الشعبية، ثم أدانت بعد التأكد من فشل الانقلاب العسكري، وهذا أمر خطير يثبت أنهم يكيلون بمكيالين، وأن هناك معايير مزدوجة، وأنهم لا يتسقون مع مبادئهم التي يتغنون بها.

واستنكر "جول" بشدة تغطية الكثير من وسائل الإعلام العربية لأحداث تركيا، قائلا إنها لم تتسم بالمهنية أو الحيادية على الإطلاق، وأنها ما هي إلا أبواق لمحارية الإسلام السياسي أو الديمقراطية في المنطقة، مضيفا: "كما أن كثيرا ممن يسمون أنفسهم بالليبراليون أظهروا عدم إيمانهم بأي مبادىء ديمقراطية، وأنهم لا يحترمون خيارات الشعوب على الإطلاق".

كما هاجم المعارض المصري والمنسق العام لبرنامج "رؤية للتغيير"، باسم خفاجي، الموقف الأمريكي من محاولة الانقلاب، قائلا: "هذا موقف مذهل ومنحط في سفالته، وسيكون له ما بعده، فوزير خارجيتها جون كيري في البداية تحدث عن حل الأزمة وكان يوحي برضا خبيث عن الانقلاب، لكن أمريكا كالعادة تسحب موقفها المخزي على لسان "كيري" نفسه، وأوباما أعلن دعم الحكومة المنتخبة من الشعب، بعدما أعطاهم الشعب التركي صفعة قوية على وجوههم".

وتابع: "السفارة الأمريكية أمس أعلنت تحذيرات من وزارة الخارجية للمواطنين الأمريكيين في تركيا، بسبب ما أسمته "الانتفاضة التركية" ( Turkish Uprising)، فكيف يتحول انقلاب عسكري وتمرد حربي إلى انتفاضة شعبية؟".

وأشار إلى أن هذا الموقف الأمريكي هو بمثابة رسالة لمن يتمنون الخير من الإدارة الأمريكية، مضيفا: "أمريكا وأوروبا يتسابقون الآن لدعم أردوغان وحكومته رغم أنهم كانوا يطالبون بالتهدئة وحل الأزمة"، لافتا إلى أن الوقت الطويل الذي مر قبل إعلان الدول المهمة شجبها للانقلاب يعزز بأن الانقلاب كان مؤامرة كبرى، وهو ما تحدث عنه بعض المحللين والإعلاميين.

ونوه "خفاجي" إلى أن الجميع الآن يتبرأ من الانقلاب العسكري، في حين أن مواقف كانت ستكون مختلفة تماما حال نجاح تلك المحاولة الفاشلة، مضيفا بأن تركيا أكدت أمس أن "كثيرا من قادة الغرب سفلة لا تعنيهم حرية الشعوب، بل يبحثون عن قهر غيرهم عبر العسكر الظلمة"، لافتا إلى أن السعودية احتاجت 18 ساعة كاملة، لكي تحدد موقفها من دولة "شقيقة" تتعرض لانقلاب.

وقال لـ"عربي21": "بين صلاتي المغرب والفجر في تركيا تحرك أصحاب القلوب الحية الذين نطقت قلوبهم دون حسابات، لكن بعد صلاة الفجر تحرك أصحاب الحسابات الذين نطقت أقلامهم بحسرة وبكلام مزين بارد، والفرق بينهما كبير، هو الفرق طاته بين أصحاب المبادىء وأصحاب المصالح".

وتساءل خفاجي: "هل كانت فرنسا تعلم مسبقا بمحاولة الانقلاب؟ خاصة أن سفارتها في أنقرة أعلنت - في بيان لها قبل 3 أيام- إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في تركيا الأربعاء لأسباب أمنية، كما ألغيت احتفالات 14 تموز/ يوليو المقررة الأربعاء والخميس في اسطنبول، ثم في أنقرة وإزمير، وحتى إشعار آخر".

وقال الأكاديمي والإعلامي المختص بالفكر السياسي الإسلامي الدكتور عزام التميمي، إن "فشل محاولة الانقلاب الآثمة في تركيا نصر ليس لشعب تركيا وحده، بل لكل أنصار الحرية والديمقراطية في العالم الإسلامي".

وأضاف – في تصريح لـ"عربي21"-: "نرجو أن تكون هذه المحاولة هي الأخيرة في تاريخ تركيا، وأن يصبح العسكر فيها مؤسسة من مؤسسات الدولة الديمقراطية تأتمر بمن ينتخبهم الشعب وينحصر دورها في حماية البلاد من العدوان الخارجي".

واستطرد عزام قائلا:" نرجو أن يرسل فشل الانقلاب رسالة إلى الانقلابيين في مصر وإلى من دعمهم ومولهم، ومفادها أن انقلابكم أيضا سيفشل ولو بعد حين وستطيح به جموع الشعب المصري الذي سلبتم إرادته وتسلطتم عليه وسفكتم دماء أبنائه بلا وجه حق".
التعليقات (2)
hicham
الأحد، 17-07-2016 06:38 م
سفارة أمريكا بتركيا تصف ما حدث ب"الانتفاضة التركية" ثم تحذف المقال.. لكن شكرا google cache : http://goo.gl/S6QRtN
حماصة
الأحد، 17-07-2016 06:37 م
عبيد البيادة تجدهم فى أى مكان وزمان هم يعشقون الذل والسخرة والمهانة . لا يستطيعون تنفس الحرية ولا يعلمون ماهية الديمقراطية . فلا غور فى أنهم يحاربون الحرية والديمقراطية لأنهم جُبلوا على الخنوع والخضوع . هؤلاء التوافه كل همهم مصلحة أو سبوبة أو تسريب ورقة ثانوية عامة أو . أو . أو ...... ولدوا وتربوا وعاشوا على القهر فلا يستطيعون الخروج منه . هؤلاء الشرذمة فرق كبير بينهم وبين المعارضة التركية التى كان يُعتقد أنها ستبارك الانقلاب ولكنهم نعموا وعاشوا فى حرية وديمقراطية الاسلام السياسى ( وليس أردوغان ) بل النظام ككل فوقفوا ضد الانقلاب . المعارضة عندنا لا تستطيع فهم ذلك ولن تفهم غير عشق عبادة البيادة