ملفات وتقارير

سوريون يتندرون: خارطة شمال سوريا تتغير يوميا بسبب القتال

هذه الخريطة التي تتغير كل يوم
هذه الخريطة التي تتغير كل يوم
تسبب الصراع الدموي بين تنظيم الدولة وقوات المعارضة، وحالة الكر والفر بين الطرفين، بتدمير عدد كبير من القرى في ريف حلب، فضلا عن أن السكان في هذه المناطق ممن لا زالوا على قيد الحياة باتوا يتندرون على "الخارطة" التي تتغير كل يوم، بسبب تقدم تنظيم الدولة أحياناً وتقدم المعارضة أحياناً أخرى، وبالتالي فإن الناس يستيقظون يومياً على تحديث جديد للخارطة.

"يان يابان، غزل، التقلي، إكدة، كفرغان، يحمول، تل حسين، دوديان، برغيدة، حوار كلس..."، كلها أسماء لقرى صغيرة منتشرة بمحاذاة الشريط الحدودي التركي في ريف حلب الشمالي، كانت مغيّبة عن الإعلام قبل اندلاع الثورة السورية وحتى بعدها على الأقل في الثلاثة أعوام الأولى من عمر الثورة، لكنها أصبحت الآن مسرحاً لمعارك ضارية وأعمال قتال واسعة.

وقبل نحو عام من الآن تحولت المنطقة إلى ساحة للمعارك بين تنظيم الدولة الذي يسعى إلى السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا وصولاً إلى بوابة "السلامة الحدودية"، وفصائل المعارضة التي تدافع عما تبقى لها من معاقل في القسم الشمالي من ريف حلب الشمالي، باتت أخبار هذه القرى محط أنظار الجميع.

ولا يكاد يمر أسبوع أو أقل في بعض الأحيان، دون أن تشهد كل هذه القرى أو بعضها تبدلاً في الطرف المسيطر ما بين التنظيم والمعارضة، وليس من المبالغة في شيء أن يقال إن معارك الكر والفر الشائكة بين الطرفين سجلت رقماً قياسياً في هذه القرى.

وتشير الأنباء الواردة من هذه القرى إلى أن غالبية بيوت هذه القرى باتت مدمرة بشكل كامل، ويشدد مراقبون على عدم صلاحية هذه القرى للسكن في أي حال من الأحول، مشيرين إلى تحول أبنيتها والأراضي المحيطة بها إلى حقول للألغام، مزروعة بطريقة عشوائية.

وبحسب القائد العسكري في القطاع الشرقي عمر النجار، فإن بيوت هذه القرى التي تبلغ حوالي 12 قرية "لم تعد صالحة إلا للقتال"، مبينا بالقول: "ما يجري في المنطقة هو استنزاف لكل الفصائل المعارضة المتواجدة هناك، واستنزاف أيضا للبنية التحتية والزراعية".

ووصف النجار في حديث خاص لـ"عربي21" المعارك المحتدمة بأنها "خلفية" لأجل الدعم لا أكثر، وقال: "تشارك بالعمليات القتالية من طرف المعارضة حوالي عشرة فصائل تتلقى دعماً من خلال غطاء جوي من مقاتلات التحالف، لكن مع ذلك هذه الفصائل عاجزة عن تحقيق تقدم حقيقي".

وأوضح: "بعض الفصائل المتواجدة في المنطقة تحولت إلى فصائل "مرتزقة"، فأغلب عناصرها يعملون براتب شهري مقابل ست ساعات قتال في اليوم".

وعن طبيعة المعارك التي يتخللها الكثير من عمليات الكر والفر قال النجار: "يبدأ العمل من جهة المعارضة نهارا في الغالب، ويتم التحضير للعمل بأعداد كبيرة، وقد ينتهي العمل بالسيطرة على قرية أو قريتين من التنظيم، لكن بمجرد حلول الظلام، يعاود التنظيم عملياته ويستعيد السيطرة على ما خسره، وهكذا دواليك".

من جانبه اعتبر الناشط الإعلامي أبو محمود الحلبي في حديث لـ"عربي21" أن هذه المعارك "بلا جدوى"، مشيرا إلى المئات من الضحايا المدنيين والعسكريين الذين سقطوا خلال هذه المعارك.

وباستثناء التقدم الذي حققته المعارضة في مطلع شهر نيسان/أبريل الماضي، حين سيطرت قواتها على قرية الراعي الاستراتيجية، قبل أن تنسحب منها بعد يومين فقط، ينظر المراقبون إلى ما يجري من معارك على أنها "معارك استنزاف"، تفتقر إلى التخطيط العسكري المطلوب.
0
التعليقات (0)