قضايا وآراء

التفكير النمطي التقليدي الموروث يكسب! (3)

جمال حشمت
1300x600
1300x600
مابين عامي 2008-2010، كتبت خمسة عشر مقالا حول الآفات الفكرية والتربوية التي تواجه الحركة الاسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين تم نشرهم فى مجلة الأمة السعودية. في هذا الوقت، أحاول إعادة نشر أهمهم بتصرف لواقع لا أعتقد أنه تغير كثيرا! لعل وعسى نفهم جذور ما تعاني منه الحركة الإسلامية، والتعرف على الداء بشكل مباشر ليسهل علينا استشعار الطريق الواجب للحل.

 التقليد والشيخوخة المبكرة

لماذا نرى كثير من أبناء الحركات الإسلامية يتوقف عن البحث عن معارف جديدة اكتفاء بما لديه؟ ومن الخطر أن يتصدر هؤلاء الحركة الإسلامية التي تتصدر عندئذ لمهامها وهي لا تحتوي في منظومتها الفكرية على ما يؤهلها للتعايش مع متطلبات العصر، ولا لإدراك ما يدور حولها، وهو نمط لا يتقيد بسن معين، بل إن أغلبهم من صغار السن أصحاب ما أسميه "الشيخوخة المبكرة"! وفي ذلك يقول الأستاذ عبد الحليم أبو شقة في بحثه القيم "العقل المسلم الأزمة والمخرج" (وحين نتساءل عن الحالة الراهنة التي عليها العقل المسلم تجد أننا ظللنا قرونا نعمل في إطار التقليد الفقهي، ثم انتقلنا إلى مدرسة حديثة تعمل في إطار التقليد الأوربي الغربي، ثم إلى مدرسة حديثة تتحسس طريقها بين القديم (مع العودة إلى الأصول) وبين الحديث أو ما يسمى الحداثة ـ تأخذ منه بحذر ـ (المسلم المثقف) ثم تطورت هذه المدرسة الأخيرة في ردة فعل رجعية لمواجهة الشرود التقدمي، فألحت على الذاتية واستبعاد التفاعل الإيجابي مع الفكر الإنساني والتجارب البشرية (في المصطلحات، وفي مناهج البحث، وفي مناهج الحركة والدعوة، وفي المفاهيم السياسية والاقتصادية والتاريخية) والتسويغ لذلك هو: الأصالة ومخافة الوقوع في شرك الفكر الغربي، والنتيجة هي الوقوع في شرك الجمود الخرافي أو اللامعقول).

رابعا ... مقاومة التغيير والخوف من الجديد

وهو سلوك عام يقاوم الأفكار الجديدة لعجزه عن الابتكار أو خوفه من الجديد أو تقديسه للقديم! وهي علامة ضعف تربوي وإداري تمت صياغتهما بحيث لا مجال للإبداع والتفكير غير النمطي والجهل بالواقع، وهو انعكاس لخلل إداري استسلم للقديم الذي يحافظ على الاستقرار بأي ثمن مما يصيب العمل بالملل والرتابة والضعف، ويوقف حركة التطور الطبيعية التي يجب أن يرتقي لها أي عمل! وهنا يقول الأستاذ أبو شقة "إن الحركات الإسلامية المعاصرة لم تعالج أزمة العقل المسلم، فقد استمرت كأسلافنا القريبين، وهي حين أخرجت المسلم المعاصر من الجزئية إلى الكلية ظلت تحتفظ بالتقديس أو السلبية، وطبعت الاتجاه إلى الكلية بنهاية الخاصيتين: التقديس للتراث، والسلبية من الفكر الإنساني وإذا كنا ندعو إلى نبذ التقديس للتراث، وإخضاعه للدراسة الناقدة، فالنقد لن ينصب على علاقة التراث بمشكلات عصره العقلية والخلقية، إنما ينصب على مدى صلاحيته لموقفنا اليوم الذي قد تغير كثيرا، فالأمور التي جعلت ذلك الجهد العظيم موضع تقدير الناس وإعجابهم في صلاته بظروفه الاجتماعية والثقافية، هي نفسها تقريبا الأسس التي ينتج عنها تجرده إلى حد كبير من الصلة بالواقع اليوم"لأنه نتاج فقه وفتوى الواقع وقتها وعلى أهل العصر بذل الجهد في الفقه والفتوى ليناسب عصرنا بدلا من ظاهرة أصحاب العقول المستريحة!
0
التعليقات (0)

خبر عاجل