ملفات وتقارير

دوائر بإسرائيل تكشف قصة خطاب السيسي ودور بلير في ترتيبه

توني بلير يزور إسرائيل والشرق الأوسط باستمرار- الأناضول
توني بلير يزور إسرائيل والشرق الأوسط باستمرار- الأناضول
واصلت الدوائر السياسية والإعلامية الإسرائيلية اهتمامها اللافت بخطاب زعيم الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، الذي ألقاه في أسيوط الثلاثاء، وتطرق فيه إلى ملف التسوية في الصراع العربي-الإسرائيلي.

في هذا السياق؛ كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة النقاب عن أن الخطاب الذي وجه فيه السيسي رسائل سلام للإسرائيليين، جاء بناء على طلب مباشر من مبعوث اللجنة الرباعية السابق توني بلير.

ونقل باراك رفيد؛ المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" عن مصادر سياسية رسمية في تل أبيب، قولها إن بلير شخصيا طلب من السيسي إلقاء الخطاب من أجل تحسين ظروف تشكيل حكومة "وحدة وطنية" في تل أبيب، بمشاركة حزب العمل برئاسة إسحاق هيرتزوغ.

وفي تقرير نشره موقع الصحيفة صباح اليوم، واطلعت عليه "عربي21"؛ نقل رفيد عن المصادر قولها إن بلير وكيري و"جهات عالمية أخرى" طلبت من السيسي إلقاء الخطاب من أجل تمكين هيرتزوغ من التغلب على معارضة أقطاب في حزب العمل لفكرة الانضمام لحكومة نتنياهو، حيث إنهم يرون أن الانضمام للحكومة سيكون انتحارا سياسيا للحزب.

ونوهت تلك المصادر إلى أنه رغم استجابة السيسي لتلك المطالب الدولية؛ فإن المخطط فشل بسبب تخلي نتنياهو في آخر لحظة عن فكرة ضم حزب العمل للحكومة.

واعتبر رفيد أن الخطوة التي أقدم عليها بلير "تمثل تدخلا مكثفا وغير مسبوق"، معتبرا أن دفع السيسي للإسهام على هذا النحو يُعد سابقة.

وبخلاف ما نشر حتى الآن، فقد كان هيرتزوغ هو من اقترح على بلير أن يطلب من السيسي إلقاء خطاب أسيوط وليس نتنياهو، مشيرا إلى أن بلير وهيرتزوع اتفقا على أن يطلب السيسي في خطابه من "الأحزاب الإسرائيلية التوصل لتفاهم وطني حول الحاجة لدفع عملية التسوية السياسية مع الفلسطينيين قدما إلى الأمام"، وهو ما ورد في الخطاب بالفعل.

وذكرت المصادر أن بلير توجه الأسبوع الماضي إلى القاهرة والتقى بالسيسي وطلب منه إلقاء خطاب "يتوجه فيه بشكل مباشر للإسرائيليين، من أجل تحسين فرص التوصل لاتفاق حول حكومة الوحدة الوطنية".

ونوه رفيد إلى أنه رغم إنهاء بلير لمهامه كمبعوث للجنة الرباعية، فإنه يصل كل أسبوعين أو ثلاثة إلى المنطقة ويزور إسرائيل، حيث يحرص على إطلاع نتنياهو وهيرتزوغ على كل ما يسمعه من الزعماء العرب.

وبحسب المصادر الرسمية التي تحدثت إلى رفيد، فإن "الرسالة الوحيدة التي ينقلها بلير لنتنياهو وهيرتزوغ من الزعماء العرب دائما تتمثل في استعدادهم لتطوير العلاقات مع تل أبيب"، مستدركا بأن الزعماء العرب يشترطون إجراء إسرائيل اتصالات بشأن التسوية مع الفلسطينيين.

وشددت المصادر على أن بلير هو من شرع في التوسط بين نتنياهو وهيرتزوع، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية عبر ضم حزب العمل.

وأشارت المصادر إلى أن بلير بادر بالاتصال بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي بارك الخطوة وحث الجانب المصري على التجاوب معها.

وقد وجه نتنياهو صفعة مدوية للسيسي وبلير، عندما أوقف المفاوضات مع هيرتزوغ وتوصل لاتفاق مبدئي مع حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، يتم بموجه انضمام الحزب للحكومة مقابل منح ليبرمان وزارة الحرب.

يُذكر أنه سبق لليبرمان أن دعا أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى مهاجمة مصر وقصف السد العالي.

من جهته قال أليكس فيشمان: "كان يمكن التعاطي مع خطاب الرئيس المصري السيسي عن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، مثل خطاب السادات التاريخي، الذي دعا فيه نفسه لزيارة إسرائيل. ولكن بالطبع ليس هذا هو السادات ولا بيغن، بل مهزلة شرق أوسطية أخرى، نكتة غير ناجحة أخرى على حساب مصيرنا".

وأضاف فيشمان في مقال نشرته "يديعوت أحرنوت" الخميس: "ما بدأ كخطوة سياسية انتهى بخطوة بناء سياسي داخلية، سرقت كل الأوراق. لخليط ليبرمان ونتنياهو لا توجد معطيات أولية من أجل الوصول إلى مفاوضات مع الجامعة العربية في القاهرة".          

وكشف عن أن الخطاب "سبقته فترة أشهر جرت أثناءها اتصالات بين الطرفين من خلف الكواليس. هذه المرة قادها مبعوث رئيس الوزراء، المحامي إسحاق مولكو، مع رجال السيسي في القاهرة".

وتابع: "يتبين من التوقع المصري باستمرار الوضع الراهن بين إسرائيل والفلسطينيين، بتقديرهم، أن السلطة ستنهار وحماس ستفقد الحكم في صالح جهات أكثر تطرفا في قطاع غزة، وهذه حقيقة ستكون لها آثار جسيمة على الأمن وعلى الاستقرار في سيناء وفي مصر ذاتها".

وسجل: "وعليه، فإن لمصر مصلحة في استئناف المبادرة المصرية، التي عرضت بعد حملة الجرف الصامد – وتتحدث عن مؤتمر للدول العربية المركزية، المؤيدة للغرب، تؤدي إلى خطوة مزدوجة: استئناف الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، وفتح حوار متعدد الجوانب يخرج من الخزانة شبكة العلاقات الاستراتيجية الطويلة التي بين إسرائيل وبين دول عربية في مسائل مثل الصراع ضد داعش وإيران ويوثق التعاون الإقليمي في هذا الصراع".     

وأفاد: "من جهة أخرى، في إسرائيل، فإن مصلحة رئيس الوزراء هي محاولة سحب البساط من تحت ما يفهم بأنه خطوة أوروبية – أمريكية منسقة، هدفها فرض تسوية على إسرائيل والفلسطينيين، بإسناد قرارات مجلس الأمن. وفي مكتب رئيس الوزراء يؤمنون بأن هذه الخطة توشك على الخروج إلى حيز التنفيذ في تلك الأشهر التي يكون فيها الرئيس الأمريكي الجديد منتخبا ولكنه لم يتسلم بعد مهام منصبه. هكذا بحيث يكون بوسع أوباما أن يفعل كما يشاء، مثل رؤساء آخرين في أواخر ولاياتهم".

وزاد: "بالتوازي، يوضح جهاز الأمن في إسرائيل للقيادة السياسية بأن ما يحصل الآن في المناطق هو هدوء وهمي. فكل الظروف التي أدت إلى موجة الإرهاب الأخيرة موجودة على الأرض ومن شأنها أن تتفجر بقوة متجددة في رمضان. هكذا بحيث إن لإسرائيل مصلحة واضحة في خلق زخم استئناف المفاوضات، حتى وإن كان ظاهرا، من أجل منع استئناف العنف. أما السلطة الفلسطينية، من جهتها، فترى في إمكانية استئناف المفاوضات ولا يهم من خلال من، الفرنسيين، المصريين أو غيرهم، قشة يتعلقون بها كي يعطوا أملا ما للجمهور الفلسطيني وكسب مزيد من الوقت في الحكم".

وشدد على أن "الاتفاق بين مكتب رئيس الوزراء ومكتب الرئيس السيسي تحدث عن أن يبادر الرئيس المصري إلى توجه علني لاستئناف المفاوضات، ويسحب نتنياهو اعتراضه على المؤتمر الإقليمي لاستئناف المفاوضات، وعندها يبدأ المكتبان بتنسيق المؤتمر. وهذا بالتأكيد ترتيب مريح للجميع، وذلك لأن المؤتمر الإقليمي ليس ملتزما بتسوية دائمة في السنة – السنتين القريبتين. سيجلسون ويتحدثون 3 – 4 سنوات عن خريطة طريق ويؤجلون النهاية".

وأوضح أنه "كي يشتري نتنياهو بطاقة دخول إلى مثل هذا المؤتمر عليه أن يأتي بمهر صغير، بالحد الأدنى، في الموضوع الفلسطيني، الأمر الذي يسمح للرئيس السيسي بأن يبرر وجود المؤتمر ودعوته إلى مصر. هذا يمكن أن يكون، مثلا، تعهدا بتجميد البناء في المستوطنات لفترة زمنية معينة. ولكن لغرض مثل هذه الخطوة فإن نتنياهو ملزم بأن يبني ائتلافا يسمح له بتنازل ما في المناطق. هكذا وحدة قصة الغرام مع هرتسوغ. أما هرتسوغ من جهته، فلا يصمد أمام إغراء الشراكة في الخطوة التاريخية لمؤتمر دولي لحل مشاكل المنطقة مع العالم العربي، وهو الحلم الرطب لزعماء حزب العمل على أجيالهم".

واعتبر أن "توقيت نشر توجه السيسي العلني أملاه نتنياهو. وعملت الخطة كالساعة السويسرية. ونشر نتنياهو وأبو مازن بيانات تأييد، كما هو مخطط. وعندها جاءت لدغة نتنياهو: هرتسوغ بدأ يطلق أصوات الانضمام إلى الحكومة، بدأت تظهر مصاعب في المعسكر الصهيوني، وعندها هجم نتنياهو على ليبرمان".

وختم مقاله قائلا: "لن يكون هناك مؤتمر في القاهرة، التوتر في المناطق سيتصاعد، مصر ستبقى محبطة والسيسي تلقى درسا آخر: كان عليه أن يفهم كيف ينبغي له أن يتحدث عن السياسة وعن التسوية السياسية، في إسرائيل يتحدثون عن السياسة الداخلية وعن البقاء الشخصي".
التعليقات (1)
ج
الخميس، 19-05-2016 04:22 م
طوني عراب الإنقلاب والذل وكل الذل والمهانة للإنقلابي الذي هشم آمال العرب والمسليمين في مشارق الأرض ومغاربها أجهض الحلم العربي ومكانة مصر في قلوب العرب والنحس والعار الذي جلبه الإنقلاب على المصريين هذا الإنقلابي الحقير أحقر من حقير المجوسي المرتجل